الطعن في الرخام
هذا أنا
ولدتُ من الوحدة والحزن ,
تدثّرتُ بغطاء الضياع ,
وتلوتُ بصوتٍ خافتٍ
سورةَ الخوف , علّني أصحو على الحنين ,
في ليلي أتجوّل فيه أعلى أسرار ذاكرتي
أسير عرياناً بعطرِ الغيابِ ,
وأذهبُ في نزهة الأحزان ,
وأقترب من دجلة والفرات
حيثُ لم أرَ بعدهما أفقاً ,
وأدخّن ماضياً بأصابعي المتكسرة
أعيد السؤال على وقتي ,
كيف قتل النحلُ ملكتَهُ؟ , وفَجّرَ النملُ ممالكَهُ؟
لِأفترش أيامي لأحبتي ,
وتبعثرت خطاي لأجلهم ,
وكل الصباحات جعلتُها لهم
وهم هنالكَ في الغربة ,
قرب نوافذهم المتكسرة ,
وضوء مصابيحهم الخافتة
يلتف بالسكون ,
لاشيء يلوح سوى عيونهم تطالع وريقاتي
وتداعب أناملهم تلكَ الوردة ,
التي طالما شممناها سوية
كم كسرنا من السنابل الخضر ؟,
وكم قطفنا من الزهور الحمر ؟
لنصنعَ إكليلاً منها ,
لسيدة العصور وهيَ على شفة حفرة ,
آه يا أرملة العصور كيفَ تُقَلّبين رماد الأعوام؟
وأنا بقيتُ في زحام جوعي ,
أشير للورد أن لا يبتعد ,
لِتكون السماء أكثر حناناً
على سريري المتهالك ,
طُعنتَ بِظلي ,
استترتُ بحروفي ,
بسبابتي المتورمة
تبحث ُتساؤلاتي عن أجوبتكِ ,
متى تفرّين من قبول أصابعك المتكسرة
من فرط غربتكِ ؟
وقلبكِ الحزين بحزن الكربلائياتِ
سأعلّق صورتكِ على حائطي المتهدّل
وبشريط أسود
سأطوق ابتسامتكِ ,
وبرذاذ مدامعي سأحفر ابتسامتكِ
وأطعنكِ في الرخام..!