المعركة الرهيبة

بعد ما قامت نحلتي بشرح مواصفات بيت النحل العجيبة وأجابتني على أسألتي في الجزء السابق وقبل أن أهم بتوجيه سؤال آخر اذا بي اسمع هذه الصيحة المدوية تتردد في الخلية.

هجووووووووووووووووم

وتركتني النحلة وطارت بأقصى سرعة الى مدخل الخلية دون أن تقول لي أي شئ ودون حتى أن تلتفت إلي أو تقدم لي أي تفسير !!

نظرت حولي فوجدت شيئاً عجيباً ضد كل ما تعلمته عن النحل وعشقه للعمل المستمر فلقد توقف جميع النحل عن العمل وترك مكانه واتجه بأقصى سرعة الى مدخل الخلية يبدو أن هناك مصيبة كبرى قد حدثت.

صرخت في الجميع ما الأمر ؟ ماذا حدث ؟

ولكن يبدو أنه لا وقت الآن للكلام ..

قررت الاعتماد على نفسي تسللت بينهم يشدني فضولي لاستطلاع الأمر

ويا لا هول ما رأيت !!!



لقد رأيت هجوماً شرساً من مجموعة من الدبابير الضخمة على الخلية تحطم في طريقها كل شئ وتقتل كل النحل الذي يعترض طريقها ورغم ذلك لم أرى نحلة واحدة تهرب من الخلية وتتركها لتنجو بنفسها الكل يتسابق من أجل أن ينال شرف محاربة العدو دفاعاً عن وطنه والموت لديه أفضل من الفرار.

كانت المعركة شرسة طاحنة وعجز قلمي عن وصف أحداثها لذلك سأكف عن الكلام وسأنقل لكم مشاهد حية من أرض المعركة.


Bees and Wasps معركة طاحنة بين الدبابير والنحل - YouTube


لقد رأيت الدبور الضخم يهجم على النحلة ويفتك بها بسهولة وسط اقرانها وبدل من أن يهرب النحل من أمامه يهاجمونه ويلتفون حوله ،،

فهل هذا انتحار ؟ أم ايثار ؟ ام عدم تقدير لعواقب الأمور؟

ورغم مقتل آلاف النحل في هذا الهجوم إلا ان المعركة
انتهت بانتصار النحل وتم قتل الدبابير المهاجمة .

ولم يسترح النحل لحظات لالتقاط أنفاسه أو حتى للاحتفال بهذا النصر العظيم
بل قام على الفور بتطهير الخلية من أثار المعركة تمهيداً للعودة للعمل.

ذهبت الى نحلتي وسعدت جداً بسلامتها وقلت لها لن أثقل اليوم عليك بالأسئلة فقد رأيت بنفسي كل شئ ولن أسألك لماذا لم تهربوا لتنجوا بحياتكم فقد تعلمت منكم دروساً كثيرة لن أنساها ما حييت في حب العمل وحب الوطن و ان مصلحة الجماعة فوق مصلحة الفرد.

ولكن لي سؤال واحد فقط هو كيف استطعتم في النهاية القضاء على الدبابير الشرسة القوية.


ردت علي وعلامات الاجهاد ما زالت واضحة عليها

وقالت ان ألد أعداء النحلة هو «الدبور».
فالدبور يجد في خلايا النحل وجبة شهية من العسل، ويبدأ بالهجوم.

وبمجرد الاقتراب من الخلية تترك النحلات عملها فوراً وتبدأ بالتجمع حول هذا الدبور وتحاول أن تلتف من حوله لتحيط به من كل جانب، ولكن بسبب الحجم الكبير للدبور نسبة لحجم النحلة وكذلك لشراسته وفتكه بالنحل فإن هذه المهمة تتطلب تضحيات كبيرة وعدداً كبيراً من النحل ووقتاً طويلاً حتى يختفي الدبور تماماً وسط النحلات الهائجة والمدافعة عن بيتها وخليتها.

لم أشأ أن اقاطعها بأي اسألة وتركتها لتكمل ،

فقالت ان خطة المعركة تقتضي أن نقوم بتغليف هذا الدبور بغلاف من النحل ثم تقوم كل نحلة بهزّ جناحيها بسرعة كبيرة وهذا يؤدي إلى رفع درجة حرارة جسمها حتى 47 درجة مئوية بسبب الاحتكاك،
أعلم انك تريد أن تسأل لماذا هذه الدرجة بالذات؟

إن الدرجة 47 هي أقصى درجة تستطيع النحلة أن تتحملها وتعمل عندها، لأن النحلة تموت بعد ذلك عندما تصل حرارة جسمها إلى 49 درجة.

إن الدرجة القصوى التي يتحملها الدبور هي أقل من 45 درجة مئوية، وبالتالي سوف يموت في الحال بفعل الحرارة التي تولدها رفرفات أجنحة النحل أي عندما تصل درجة حرارته إلى 45 درجة، وبهذه الطريقة الحرارية يتم القضاء على الدبور وحماية الخلية!!!

وقفت صامتاً مذهولاً متأملاً متعجباً متفكراً ثم لم يلبث لساني أن يتمم بكلمات

سبحان من أوحى لكِ بهذا !






المراجع
[1] Anton Stabentheiner, Helmut Kovac and Sigurd Schmaranzer, Honeybee nestmate recognition: the thermal behaviour of guards and their examinees, Experimental Biology 205, 2637-2642 (2002).




[2] MASATO ONO, TAKESHI IGARASHI, EISHI OHNO & MASAMI SASAKI, Unusual thermal defence by a honeybee against mass attack by hornets, Nature 377, 334 – 336, 28 September 1995