ممكن نتعرف على العائلة الكريمة ؟!
![]()
أثناء طيراني وحواري واحراجي للنحلة بأسئلتي اللي مش عايزة تخلص واحنا في طريقنا لبيتها وبعد أن أنهكني التعب دار بيننا هذا الحوار :-
قلت : ايه رأيك ما تيجي نرتاح شوية على أي جزع شجرة واعزمك على شفطتين رحيق من اللي قلبك يحبهم وبالمرة نكمل كلامنا على رواقة.
قالت : لا مينفعش طبعاً لأني مقدرش أتأخر عن ميعاد وصولي أبداً.
قلت : واضح انك من عيلة كبيرة ومحافظة جداً.
قالت : أنا من عائلة متوسطة عددنا تقريباً (50000) نحلة لكن في عائلات تانية بيصل عدد النحل في الخلية الواحدة إلى (80000) نحلة، وتسكن كل عائلة في بيت خاص بها تصنعه بنفسها يسمى الخلية، و وبنبي بيوتنا في الجبال أو على الأشجار وأحياناً في خلايا خاصة من صنعكم أنتم معشر البشر اما من ناحية عيلتي محافظة فهيا ككل عائلات النحل النظام والالتزام منهج حياتنا.
قلت : ويا ترى كل أفراد القبيلة قصدي العيلة بنفس حماسك ونشاطك ده .
قالت : عائلتنا تتكون من ملكة واحدة، وبضع مئات من الذكور، وآلاف من الإناث وهن الشغالات أو العاملات وانا واحدة منهن، ونعيش جميعاً في نظام دقيق محكم يسوده الحب والتعاون، ويؤدى كل فرد فيه وظيفته الموكلة إليه على خير وجه، دون كسل أو ملل وهذه صورة عائلية لنا.
![]()
قلت : وهل نظام حكم الملكة عندكوا ديموقراطي ولا ديكتاتوري ؟
قالت : مع اني مش فاهمة حاجة من كلامك الغريب ده بس الملكة هي أهم نحلة في الخلية ولكنها لا تحكمنا فعمل الملكة الحقيقي هو إنتاج البويضات ، فالملكة هي الأنثى الوحيدة القادرة على وضع البيض الذي يخرج منه نحل الخلية كلها؛ وتضع ملكة النحل نحو (1500) بيضة في اليوم الواحد، وقد يصل عدد البيض إلى نحو (2500) بيضة، وتضعه في عيون خاصة من الشمع نصنعها نحن الشغالات، و عدد البيض الذي تضعه الملكة طوال عمرها نحو (مليون) بيضة تقريبًا، وتعيش الملكة عمرًا مديدًا قد يصل إلى نحو (5) إلى (6) سنوات تقريبًا
.
ولا تقوم الملكة لدينا برعاية أبنائها ، ولكنها تعتمد علينا نحن العاملات فنحن نحضن صغار النحل ونطعمه ونعتني به وبالخلية كلها.
قلت : اذن من الذي يحكم الخلية ويأخذ القرارات المصيرية اذا لم يكن الملكة هي التي تفعل ذلك ؟
قالت : العاملات أنفسهن . فهن اللواتي يقررن متى وأين يجمعن رحيق الأزهار، وهن اللاتي يحددن متى يهاجرن في حشد كبير لتشكيل خلية جديدة ، وهن أيضاً اللاتي يقررن متي تستبدل ملكتهن فلا خلاف بين العاملات ولا صراع .
أخذتني الجلالة قليلاً فقلت لها متحمساً : وأين دور رجال الخلية قصدي الذكور فحسب معلوماتي فهم كسالى لا يعملون شيئاً ولا يحبون العمل ولا أدري كيف تسمحون لهم بذلك
قالت بزنة لها طنين حاد : أولاً أنا لا أسمح لك بأن تهين ذكور النحل أمامي ولا تنسى انهم من عائلتي . ثانياً دعني اصحح لك معلوماتك الخاطئة فالذكور لدينا ليسوا كسالى أو لا يحبون العمل ولكن وظيفة ذكر النحل تختلف عن وظيفتنا فذكر النحل دوره هو تلقيح الملكة فقط ولكنه بالتأكيد ليس خامل أو لا يحب العمل ؟
فليس في أرجله سلل يستطيع جمع رحيق الأزهار فيها . ولسانه قصير لا يقوى معه على امتصاص رحيق الأزهار وجسمه خاليمن الغدد التي تصنع الشمع اللازم لبناء الخلية، وليس له زبان مدبب يدافع به عن نفسه ولا عن الخلية ، لذلك فهو لا يصلح في عملية بناء الخلية ولا في القيام بمهام حراستها، بل إنه حتى في طعامه يعتمد على ما نجلبه نحن الشغالات من رحيق، لكن على الرغم من كل ذلك فإن ما يقوم به الذكور من دور- وهو تلقيح الملكة- أمر ضروري ولا غنى عنه لاستمرار الحياة في الخلية كلها، وإذا لم يحدث هذا الأمر فلن يكون هناك ملكات ولا ذكور ولا شغالات ولا خلية هل فهمت ما اقصده ؟.
]- قلت لها نعم فهمت وفهمت أيضاً لماذا خاطب الله تعالى النحل بصيغة المؤنث في كتابه الكريم في سورة النحل .
(وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ، ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مخـتلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون "
قالت : نعم لقد بدأت أن تفهمني فالشغالات هي المسئولة عن كل الأعمال الخاصة بالخلية رغم أن عمرها لا يتجاوز (6) أسابيع فقط تقضيها النحلة في عمل وحركة لا تنقطع، فهي تقضى الأسابيع الثلاثة الأولى من حياتها في العمل داخل الخلية، فمنها من تقوم بحراسة مدخل الخلية من الأعداء، ومنها من تقوم بتهوية الخلية والحفاظ على درجة حرارة البيض ، وذلك بتحريك أجنحتها بسرعة طوال الوقت؛ مما يساعد على تبريد الخلية في الجو الحار، ومنها من تقوم بتنظيف الخلية فتجمع الفضلات وغيرها وتلقيه خارج الخلية، ومنها من تقوم بعمليات الإصلاح خارج الخلية، وذلك بسد الشقوق التي قد توجد في الجدران والتي يمكن أن يدخل منها الأعداء أو يتسرب منها ماء المطر، ومنها من تقوم ببناء العيون السداسية من الشمع؛ لاستخدامها كمخازن للعسل أو كحجرات لتربية صغار النحل، كما تقوم الشغالة بالعناية بالبيض، ورعاية صغار النحل حتى تكبر، وعندما تتم النحلة الشغالة (21)يومًا من عمرها تكون قد أنجزت جميع المهام التي أوكلت إليها داخل الخلية، فتستعد بعد ذلك لإنجاز مهام أخرى عظيمة لكن خارج الخلية ومنها جمع الرحيق وبناء خلية أخرى اذا احتجنا ذلك.
تأملت وتفكرت طويلاً في كيفية حدوث كل ذلك ، كيف يتم تقسيم العمل ؟ كيف لا تحدث نزاعات او خلافات نتيجة ذلك ؟ ثم كيف ومتى تعلمت كل هذا وعمرها من أوله إلى آخره هو 6 أسابيع فقط ؟ والكثير من الأسئلة الأخرى وكل سؤال أفكر فيه يجبر لساني على قول سبحان الله ..
ولما أفق من تأملاتي إلا صوت النحلة وهيا تقول
استعد لقد وصلنا الى الخلية ها هي أمامك انظر ..
فشاهدت شيئاً عجيباً مذهلاً بل ومرعباً أيضاً
![]()
وللرحلة بقية
تابعونا في الجزء الرابع