تركنا امير الحب وهو يساق الى السجن من قبل الحرس وهو لا يدري السبب الذي اعتقل من اجله ..وبالرغم من علو صياحه وكثرة جلبته وصياحه فان احد لم يسمعه واودع في السجن وظل على هذه الحال اياما عدة دون ان يرسل في طلبه احد ولم توجه له اي تهمة ...
وفي احد الليالي وفيما هو ساهم الفكر سارح الخيال يفكر عن وسيلة يمكنه بواستطتها التخلص من هذا المازق والخروج من السجن اذ سمع حارس السجن يغني بعضا من الشعر يقول فيه :

نحن الذين اذقنا الجن ويلات
وما رضينا بدون الموت غايات
انا نحرنا لمولانا الدماء ولا
ينجو من الموت عبد فهو ميقات

فلما سمعه الامير فكر عميقا ثم خطرت في باله فكرة جهنمية فانشد يغني بصوت عال ليسمعه الحارس وهو يقول :
يا مغاوير الجنان
مالكم فينا امان
ان تموتوا او تموتوا
واحد ..ليس اثنتان ...
يا مغاوير الجنان ..
فلما سمع الحارس انشودة الامير اخذ يرتجف ويقول :
مسالمين ..سالمين
غانمين راحلين ...
ثم هرب يركض على الدرجات المؤدية الى الفناء الاعلى تاركا السجن بلا حرس ...عندها ابتسم الامير وهو يشعر بارتياح لان خطته بدات تحقق النجاح المرجو ...
غاب الحارس زهاء ساعة ثم عاد مجبرا على اكمال نوبته الليلية ...لكنه كان هذه المرة في غاية الخوف والحذر ..فلما دخل وكان يشعل بيده مصباحا ...صاح به الامير :
ايها الحارس ..اخصم انت ام ماذا ؟
فجثا الحارس على ركبتيه وهو يتوسل : بل صديق وخادم مطيع يا سيدي ...فما انا الا حارس بسيط ليس بيدي حول ولا قوة ..
فقال له الامير : الحول والقوة من الله العزيز الجبار ..ونحن معاشر الجان ما ملكنا ما عندنا من قوة الا لانا قريبون الى الله ..وانتم البعيدون ...لهذا السبب فانت في خسارة كبيرة ...خسارة كبيرة ..
فلما سمع الحارس كلام الامير صار يتوسل ويصيح : سيدي رحماك انا عبدك ...لكني لا املك لنفسي ضرا ولا نفعا ..؟
فصاح به الامير : اذا اطعني تنجو ...
فابتسم الحارس عندها وقال : اذا شئت ان اقتل نفسي بين يديك لفعلت ..
فادرك الامير ان حيلته نفعت وقال : لكني لا اريد لك ان تقتل فلك عيال قد احتملوا ما احتملوا ..
ففغر الحارس فاه وهو يندهش من كلام الامير ظانا انه من قادة الجن الاسرى : هو ذاك يا سيدي فانتم تعلمون ما نعلم وقد علمكم العليم الخبير ...
فقال الامير : لم يمض من عمرك الكثير وانت احق بان تصير الى شيء من التفكير والتدبير ..

فرد الحارس : هو ذاك يا سيدي ..فمرني افعل ...
فقال الامير : افتح لي الباب اذا ..
عندها ساور الحارس الشك وقال : لكنكم يا قادة الجن بامكانكم الوثوب الى اي مكان تريدون والتغلب على اي باب مقفل تشاؤون ..فهل يعجزك هذا الباب الحقير وانت للجن امير .؟

فقال الامير : لا يعجزنا شيء لكني جئت في مهمة ويجب ان انفذها والا حلت اللعائن علي وعليكم ...افتح الباب بسرعة ايها الجندي الفاشل ...
فارتعد الحارس وهو يسمع هذه التسمية الجندي الفاشل وقال في نفسه ( نعم هو امير الجن يعرف اناشيدهم واناشيدنا حين كانوا في حرب معنا ويعرف ان الجندي الفاشل هو اسمنا حين فررنا من معارك التل الاصفر ..فالطاعة ثم الطاعة والا صرت مسخا او حجارة ..