وبكت بكاء حارا ودفعت بالابيات الى جاريتها ،وطلبت منها ان تعود بالرد

،فلما قرأه بشر تملكه الغيظ من دعائها عليه وكتب يرد عليها:


يا خالق الخلق اني لست اعصيك


،،،،،،،،،،،ابات ارعى النجوم الليل ادعوك


فأرحم دموع ذليل بات مبتهلا


،،،،،،،،،ولا تخييب رجا من بات يدعوك


ويجني من هوى هند وما صنعت


،،،،،،،،،،،،،يا من لكشف كروب الناس يدعوك


ثم طوى الرسالة ونهر الجاريه ،وهددها ان عادت اليه برسائل ان يضربها

ويخبر سيدها.


ولما سمعت هند من جاريتها ما هدد به بشر،بكت بغزاره وتملكها

الغم،وامتنعت عن الطعاب والشراب،وازدادت به ولها ،وهاجمتها الامراض

والاسقام.


وخاف بشر على دينه وايمانه وخشى ان تقدم هند على عمل يلحق به

الفضيحه فقام اليل مستترا بظلامه،وارتحل الى مكه سرا دون ان يخبر

احدا،ليبعده الله بعيدا عن الفتنة ، وصح ما توقعه بشر ، فلم تخب نار

هند بل زادة أوارها وكتبت له رساله وارسلت الجاريه فلم تجده وعادت

أليها خاوية الوفاص،فكلفتها ان تستقصي خبره وتعرف الى اين ارتحل

،فتحسست الجاريه حتى علمت انه فر الى مكه.


فزاد حزن هند،ولم تعد ترى الا باكيه،واصابها مرض شديد ،وعاد زوجها

من سفر كان فيه ،فحزن لحالهاوأخذته الشفقه عليهاوسألها :هل أتيك

بالطبيب؟ فقالت لست ابغي طبيبا وانما شفائي في هواء مكه،وألحت

عليه ان يرحل بها اليها ،لتتنسم هوائها النقي.


ولما كان زوجها موسرا وغنيا،والترحال له عاده،حملها الى مكة واشترى

لها بيتا ويالغرابة القدر.كانت تلك الدار قريبه من دار بشر،فكانت هند تراه

في غدوه ورواحه للبيت الحرام،فلا يزيدها الا هياما وتبريحا .


لكن كيد النساء عظيم كما اخبر رب العزة تبارك وتعالى.


فقد دخلت عجوز اسمها جنوب على هند فأنكرة عليها حالها،وبخبرتها

استطاعت استدراجها حتى علمت خبيئة نفسها،فطمأنتهاوقالت

لها :اتركي لي هذا الامر اتدبره لك،وسوف أتيك ببشر الى قعر دارك .


فطارت هند من الفرحه ووعدتها بمكافأة عظيمه ،وخشيت ان يكون

كلامها تهدئة لعواطفهاوتطمينا دون فعل،فقالت تستعطفها وتبوح

بمكنونها:


ساعديني واكشفي عني الكروب


،،،،،،،،،،،،،،،،،ثم نوحي عند نوحي يا جنوب


واندبي حظي ونوحي علنا


،،،،،،،،،،،،،،،،،،ان حالي بعده شئ غريب


مارأت مثلي زليخا يوسف


،،،،،،،،،،،،،،،،،لا،ولا يعقوب بالحزن العجيب


فأمدت لها العجوز انها ستأتي لها ببشر،وخرجت لتوها فجلست على

قارعة الطريق ترقب عودت بشروعندما اهل عليها بادرته:ياولدي انني

ارى على وجهك سحرا،وانا اعتقد انك مسحور.


وفعلت تلك الكلمات المباغته على نفس بشر عملها وقال لها:والله يا

أماه لا ادري من امر السحرشيئا،ولكن ربما صنعته امراءة في المدينه

اسمها هند،كانت تعرض علي حبها وترسل لي اشعار الهوى،ولكن والله

ما نظرت أليها ولا اعرف شكلها،وقد فررت بديني وجئت هنا اعبد الله في

بيته الحرام.


واستطاعت بعدها العجوز ان تخبر بشرا بضرورة مجيئه الى بيتها لانه

سيرى ما يسره وما يبعد عنه ذلك السحر فأمرته ان يمر عليها

غداوذهبت بعدها العجوز تبشر هند بأن بشرا سيكون عندها في صباح

غد في بيتها ، فلم تصدقها هند واستحلفتها بالله ،فحلفت لها،فطارت

هند من الفرحه وقالت للعجوز:من سعد طالعي ان زوجي سافر في

تجارة الى الشام ،ولن يعود الا بعد مدة طويله .

وفي الصباح اتجهت العجوز لبيت بشرفقالت له :تعال الى بيتي لأريك ما

يسرك ويبعد عنك سحرك الذي ابتليت فيه وسارت امامه الى بيت هند

على انها بيتها ،وعندما رأته هند من نا فذتها جرت الى الباب

لتفتحه،وما ان دخلت العجوزوخلفها بشر حتى اقفل الباب ووقفت امامه

اجمل من القمر المنير ليلة تمامه ،ولم تمهله بل ألقت بنفسها عليه

وضمته الى صدرها وهي تقول:


يا بشر واصلني وكن بي لطيفا


،،،،،،،،،،،،،،،،اني رأيتك بالكمال ظريفا


وانظر الى جسمي وما حل به


،،،،،،،،،،،،فتراه صار من الغرا م نحيفا


فلما راها بشر وشاهد لهفتها عليه علم بفراسة المؤمن انها هند ،وانه

في دارها ،وان العجوزالتي تسللت وهربت وأغلقت الباب عليهما هي

التي دبرت ا لمكيده فاستعان بالله على الخلاص مما يغضبه فلم يجد بدا

من التعطف ، فحاول التخلص من يديها بلطف ، وابتعد عنها وقال:


ليس اللمليح بكامل حسنه


،،،،،،،،،،،،،،،حتى يكون عن الحرام عفيفا


فأذا تجنب عن معاصي ربه


،،،،،،،،،،،،،،،،،فهناك يدعى عاشقا وظريفا


ولم يكد ينه بشر كلامه حتى فوجئ بزوج هند واقفا على راسه، فقد

نسي حاجة وعاد ليأخذهاوبهتت جاريته والجم لسانها فلم تنطق ،ورأى

الزوج المشهد فغلى الدم في عروقه وهم بقتل بشر ،الا ان بشرا أقسم

انه برئ ، فصمم الزوج على مقاضاته(( امام النبي صلى الله عليه

وسلم))


ووصل الثلاثه المدينه ، ولم يتوانالزوج لحظه ، بل التجه لتوه الى مسجد

رسول الله صلى الله عليه وسلمومعه هند وبشر . فوجد النبي جالسا

بين اصحابه ، فسلم الزوج ثم قال: يا رسول الله اني وجدت هذا الرجل

مع زوجتي على فراشي.


فالتفت عليه الصلاة والسلام الى بشر،وقال له يا بشر نحن نعتقد انك

من اهل الزهد والورع فما الذي حصل منك؟ظ


فنكس بشر رأسه حياء من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يستطع

النطق بكلمة واحده.


وهنا هبط جبريل عليه السلام وقال : يا محمد ربك يقرئك السلام،

ويختصك بالتحية والاكرام:ويقول لك :ان بشرا برئ مما قيل عنه ،و ان

هند هي التي راودته عن نفسه ولم يطمها .فقال النبي : الحمدالله

الذي جعل في أمتي نظيرا ليوسف الصديق.ثم قال لبشر:لا تخف ،فقد

اخبرني ببرائتك جبريل عليه السلام ،وهنا سكنت فرائضبشر واطمأن

وقص على النبي القصه من أولها حتى الحظة وقوفه بين يديه عليه

السلام.







يتبع