المرجع الديني السيد الصرخي الحسني (ادام الله بقائكم)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الموضوع // باحث اجتماعي
سيدنا العزيز من خلال دراستي وبحثي في تاريخ المؤسسة الدينية في العراق وقفت عند عدة استفهامات فلم أجد بُدا إلا رفعها إلى سماحتكم وهي : من الواضح لكل باحث ومتفقه ان الحوزة العلمية في بداية القرن العشرين كان منهجها السائد هو منهجا قديما (كلاسيكيا ) وبقيت على هذا الحال لفترة ليست بقصيرة إلى أن جاء عصر الصدر الاول والسيد الخميني (قدس سرهما ) وطرحت واشيعت أدلة (ولاية الفقيه) وطبقت على ارض الواقع وحينها تباينت مواقف العلماء في الحوزات العلمية الإسلامية حتى اصبح هناك خطان حوزويان لا ثالث لهما، الاول يرفض فكرة (ولاية الفقيه) ويقتصر على (الولاية الحسبية أي في الخمس والزكاة) وكذلك يستنكر فكرة الدخول في العمل السياسي أي يفصل الدين عن السياسية واما الخط الاخر فانه يرى في (ولاية الفقيه) إنها ولاية عامة ويؤكد في مبادئه على عدم فصل الدين عن السياسة وكان رائد هذ ا الخط السيد الشهيد الأول (محمد باقر الصدر قدس سره) وقد اسمى هذا الخط بالمرجعية الصالحة ، وقد تجلى ذلك التباين بين هذين الخطين أو المدرستين في المناهج والمواقف أكثر في عصر الشهيد الثاني (محمد محمد صادق الصدر قدس سره)، فأصبح ذلك الخط القديم ليس فقط منزويا ولا يقول بولاية الفقية، بل أصبح أصحاب هذا الخط يشن الحملات والهجمات ضد المصلحين ممن يقول بولاية الفقيه المطلقة ووقفوا ضدهم بقوة حتى وصفهم السيد محمد صادق الصدر(قدس) بالصامتين كصمت القبور، وسماهم بالحوزة الساكتة إلى غيرها من الأوصاف، وفي المقابل أصبح الخط الذي يقول بولاية الفقيه يمثل الحوزة الناطقة ... فمثل هؤلاء الساكتين اعتبروا ان التكلم بالسياسة حرام ومخالف لنهج اهل البيت (عليهم السلام) بل نترك الساسة لاهلها ولا يحق التدخل بها مهما حصل من نتائج ولو كانت تلك النتائج تؤدي الى هدم بيضة الاسلام كما يقال فالذي يدقق بمواقفهم يراهم يدعون إلى فصل الدين عن السلطة أو السياسة ..
والسؤال سيدنا الجليل هو: بعد احتلال العراق وسقوط النظام الاجرامي شاهدنا العجب العجاب وهو تدخل تلك الحوزة (الصامتة أو الساكتة) بالشأن السياسي وبقوة، فأصبحوا هم أهل الحل والعقد في جميع أمور البلد ، وقد تدخلوا بالصغيرة والكبيرة من شؤون الأمة ولم يقتصروا على الأمورالحسبية كما كانوا يعتقدون ويصرحون به،
فهل هذا يعني انها اصبحت ترفض الفكرة الكلاسيكية وتؤمن بالمرجعية الهادفة الصالحة ، واي من الحوزتين له التاثير الاكبر على المجتمع عموما والكوفة والنجف خصوصا وماهي نسبة تفاعل المجتمع مع كل منهما ولمن ينقاد وما هو سبب تبعيته وانقياده لاحداهما دون الاخرى خاصة ونحن نشاهد التبعية الاجتماعيةالعددية الكبرى تكون للمرجعية الكلاسيكية ؟
يرجى من سماحتكم بيان بعض الموارد التي تفيدنا في المقام زاد الله في علمكم وعملكم
د. كاظم الforaten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?
باحث اجتماعي
الجواب //
بسمه تعالى :: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بعد التوكل على العلي القدير أقول ::
ما يسمى بالحوزة الساكتة والحوزة الناطقة او ما يسمى بالحوزة الصادقة والحوزة الانتهازية الكاذبة او ما يسمى بالحوزة الكلاسيكية والحوزة الحركية المتفاعلة الفاعلة او ما يسمى بالحوزة الحسبية حوزة الولاية المالية الحسبية وحوزة الولاية العامة ..وغيرها من تسميات تصنف فيها الحوزة الى صنفين ، ومدى تأثيرها على المجتمع النجفي بل في المجتمع الكوفي العراقي وكل المجتمع العراقي وكل المجتمعات الإنسانية ..ومدى تاثر المجتمع بها وانقياده لها واتّباعها . وبالتاكيد سينصرف ذهن القاريء الى النجف والكوفة لانها مورد السؤال ولانها اول واهم مركز ديني وعلمي عبر التاريخ وستبقى مركز الاستقطاب الى اخر الزمان ..، ومن الواضح انه لمركزية النجف العلمية والدينية والاجتماعية فان ما يقال فيها يصح ويصلح للتعميم الى باقي الاماكن والمجتمعات ..، فيرد في بالي العديد من الامور اذكر بعضها في نقاط :
1- أن المصلحين من انبياء وائمة واولياء صالحين على مر التاريخ (إلا النادر جدا جدا) لا يتهيأ لهم التطبيق و المصداق الخارجي على أرض الواقع من سلطة و حكم و أوامر و نواهي نافذة و فاعلة بقوة دولة ومؤسساتها ...و حتى النادر فهو كذلك لم يتحقق له ذلك إلا في بقعة محددة من الأرض و في فترة زمنية ليست كافية إضافة إلى تزامن سلطانهم و دولتهم إلى وجود الكثير من الأعداء و التحديات و الأخطار التي أخذت الكثير من الوقت و الجهد لمواجهتها و لا يخفى عليكم الشاهد فيما تحقق مثلا في عصر الانبياء يوسف وسليمان عليهما السلام ودولة الحق و سلطة الشرع المقدس في عصر النبي المصطفى الخاتم (صلوات الله و سلامه عليه وعلى اله ) و كذلك دولة و سلطة الحق في عصر أمير المؤمنين و الإمام الحسن (عليهما و آلهما الصلاة و السلام).
2- إذن فالمرجع و القائد المصلح عادة ما يكون وحيدا أو مستضعفا قليل الأتباع لا يتهيأ له تأسيس و قيادة دولة وحكومة إلهية حقة و هذا يستلزم او يعني أن المتصدي و الحاكم والسلطان عادة يكون من أهل الضلالة و الباطل و هذا ما يثبته ويؤكده الواقع والتاريخ على طول الزمان ... و هذا الكلام كما أشرنا هو بلحاظ المصداق و التطبيق في الخارج على الأرض ،فالقائد المصلح عادة لا تتهيأ له السلطة و الحكم الفعلي لكي يطبق و ينفذ نظريته الإصلاحية بنفسه و بشخصه.
3- أما بلحاظ النظرية والفكرة فإن النظرية و المنهج النظري الإصلاحي دائما تكون له الغلبة و السطوة و العلو و يمثله ويشمله قانون (ظهر الحق أو الحق يعلو أو القول الثابت) و يكون الطرف المقابل في ذل وخنوع وخسران ويمثله ويشمله قانون (فبهت الذي كفر او زهق الباطل).
{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم : 27]... {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء : 81]...{قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ : 49]
4- بعد أن اتضح المعنى السابق من وجود معسكرين متصارعين وتكون دائما الغلبة الفكرية والنظرية دائما لمعسكر الخير والصلاح وتحت قانون ظهر الحق وزهق الباطل ..وتكون دائما او غالبا الغلبة العسكرية والسلطوية لمعسكر الشر .. ويبقى الكلام عن نظرية المصلح وقواعد الاصلاح ونسبة تطبيقها على ارض الواقع من خلال نفس المصلح او عن طريق غيره حتى من خصومه واعدائه ..وهذا يستلزم في المقام الاشارة الى حصة ثالثة و هي بلحاظ المصداق و التطبيق في الخارج و لكن ليس على يد المصلح نفسه و بالمباشرة منه بل على يد غيره من اعداء وخصوم وغيرهم ..وبهذا اللحاظ يقال انه عادة ما تتحقق تطبيقات لنظرية المصلح و لكن بنسب متفاوتة و أوقات متفاوتة أو مترتبة ولاحقة
5- من الواضح أن كل حركة إصلاحية منذ خلافة أبينا آدم ( عليه السلام) إلى وقت الظهور المقدس فإن كل الحركات الإصلاحية يكون لها مدخلية وتأثير و تأسيس و تهيئة لدولة العدل الإلهي الموعودة وهذا لا يعني أنه لا توجد تطبيقات و آثار في عصر القائد المصلح و ما يرتبط به من زمان وما يلحقه ..و لتوضيح المعنى مثلا إن منهج الإمام الحسين (عليه السلام) في الثورة و التضحية التامة الكاملة الشاملة الكبرى كان لها الدور الرئيس في الحفاظ على الإسلام و مبادئه و أركانه الأساسية فلولا التضحية و الثورة الحسينية الكبرى لتمكن يزيد اللعين وكل من خلفه من زعماء الشر وطغاته من ان يفعل و يعمل و يتمكن على طمس كل المعالم الإسلامية و تهديم كل أركان الدين و مبادئه وهذا ليس بغريب و لا بمستبعد حيث أن معاوية لعنه الله قد عمل وعمد على طمس الدين بمخالفة العديد من المبادئ و الأحكام و الأركان الإسلامية فقد أباح الخمور شربا و بيعا و تجارة و أباح لبس الذهب و خالف النص القطعي بأن الولد للفراش فادعى زيادا و أباح بل أوجب سب وشتم و لعن أمير المؤمنين (عليه السلام) و غيرها من الموبقات و الانتهاكات و القبائح و المنكرات... هذا معاوية فما بالك في يزيد الذي كان معلنا للمنكرات و الفواحش و كانت أفعاله معلومة و مشاعة في المجتمع الإسلامي ..
6- فالثورة الحسينية أرغمت يزيد نفسه على ادعاء الإسلام و التظاهر به و لولا ذلك لطمست معالم الإسلام إلى الأبد ..اضافة لذلك فان التطبيق و التأثير الخارجي للزحف و التضحية الحسينية لم يتوقف إلى هذا الحد و الوقت بل استمرت إلى باقي العصور و الخلفاء المتسلطين الذين تسلطوا بعد يزيد من أمويين و عباسيين و غيرهم وننتقل إلى عصرنا الحاضر ..وليكن مثالنا السيد المعلم الاستاذ الشهيد محمد باقر الصدر (قدس سره) فإن منهجه و سلوكه و نظريته الرسالية الأخلاقية الاجتماعية أرغمت الخط المقابل (المضاد الفكري والخصم الديني المؤسسة الدينية الانتهازية ) أن ينتهج ظاهرا نفس النهج والمنهج والسلوك الذي يدعيه ويسر عليه المرجع القائد المصلح ومؤسسته الاصلاحية ويكون ذلك النفاق والانتهازية بتامين ومباركة السلطة الحاكمة ودعمها بكافة الوسائل لتحقيق ذلك من اجل امتصاص نقمة المجتمع وتهدئته وتخديره بالدعم والترويج اوبصنع لمرجعية تابعة للدولة يصب عملها ومنهجها وسيرتها في مصلحة السلطة الحاكمة وادامة ظلمها وتسلطها
7- و لتحليل الكلام السابق ..لنسأل أنفسنا أين منهج الانزواء و التقوقع و الراحة والمهادنة و الانكفاء و الولاية الحسبية المالية فقط و فقط ..من منهج صحيح صالح لولاية عامة وولاية فقيه نافعة مصلحة و تفاعلها مع المجتمع و حمل همومه و إيجاد الحلول و تحمل المسؤولية و تحمل تبعاتها من معاداة الأنظمة المستبدة المؤدية إلى التهديد و الترهيب و الاعتقال و الإعدام فأين هذه من تلك ؟؟!!
8- و لكن من مفارقات الزمان أن ذاك المنهج الحوزوي الصامت الساكت يتحول فجأة و بدون سابق إنذار وبدون اي مقدمات ينقلب ويتحول إلى حوزة ناطقة عاملة متفاعلة مع المجتمع مهتمة لأموره حسب ظاهر الإعلام المرتزق المسيس ؟؟ و لكن كيف ومتى حصل ويحصل ذلك ؟ إنه في زمن الاحتلال المؤسس والداعم والمبارك لذلك النهج المستجد و المستحدث المقارن للراحة و الترف والواجهة و السمعة و المديح ..فكيف حصل و يحصل مثل هذا الموقف النفاقي الماكر و ما هي عناصره و أساساته ؟
9- باختصار أقول إن كلام المصلح ومنهجه و نظريته دائما يكون لها السمو و العلو و المثالية و الأحقية و القبول الفكري عند الجميع حتى عند المستكبرين و الفراعنة فيكون إقرار هؤلاء الفراعنة و تسليمهم (بأحقية المصلح و ما صدر عنه) يدخل تحت عنوان (فبهت الذي كفر) فما فعله و قدمه الشهيد الصدر الأول (قدس سره) من سلوك و منهج و تضحية جعل الجميع يقر و يعترف ويسلم بصحة ذلك و تماميته و أرجحيته على باقي المناهج و النظريات إذن فالمجتمع ارتبط فكريا و نفسيا مع منهج و نظريات الصدر الأول و عندما توفرت الظروف السهلة السلسة المريحة للقطب الانتهازي الصامت الساكت الحوزوي وبدعم من الحكومة المتسلطة وقوى احتلال فإن هذا الخط الانتهازي النفعي استغل الظروف فركب الموج فوظف تضحيات المصلح الصدر الأول و منهجه لصالحه فأظهر سلوكا ظاهريا نفاقيا من أجل خداع المجتمع وجعله يصدق أن هذا الخط المرجعي الساكت يمثل نفس الخط و المنهج الصدري الرسالي أو هو امتداد له
10- وهنا اجد من الضرورة التنبيه الى ان هذه الانتهازية والمكر والخديعة الكبرى لم يكن من جانب واحد من الخط المؤسسي الانتهازي الحوزوي بل انا وأنت وكل المجتمع لنا الدور في التاسيس والتنظير لهذه الخديعة الكبرى والمكر الفاسد الضال فنتحمل المسؤولية و التبعة ...فالمسؤولية مشتركة بين الطرفين المرجعية الساكتة و المجتمع الذي رضي بالخديعة بل أسس لها و أوجد مقدماتها و شروطها.
11- أعزائي إن المجتمع العراقي الكوفي هو نفسه الذي كان في زمن الإمام الحسين (عليه السلام) بمعنى أن نفس القانون الاجتماعي الذي طبقه البعض على ذاك المجتمع ينطبق على هذا المجتمع و القانون هو (إن القلوب معك و السيوف عليك) فذاك المجتمع قتل الإمام الحسين و هو يقر و يعترف أنه الحق و إمام الحق (عليه السلام)..فتجهز المجتمع و خرج للقتال و قاتل و قتل الإمام (عليه السلام) و هو يعرف أنه على حق و أنه هو الحق بل كان المجتمع يحاربه ويقتله و يذبحه (عليه السلام) و هو أي المجتمع يبكي عليه كما نقل لنا التاريخ الكثير من الشواهد بهذا المعنى ...أما مجتمعنا (وأكثركم يذكر جيدا وكلكم يعلم ويتيقن) كيف أن السيد الشهيد الصدر الأول (قدس سره) كان يشكو من قلة المقلدين بالمقارنة مع مقلدي الآخرين،و كان يشكو من قلة الموارد المالية بل انعدامها بالمقارنة مع ما يحصل عليه الآخرون ،و كان يشكو من قلة الناصر حتى تخلى عنه أقرب المقربين إليه ..حتى ان المجتمع بعمومه و على رأسه و أشده الحوزة العلمية الانتهازية بزعمائها كانوا يوجهون مختلف التهم والافتراءات على السيد الاستاذ المعلم الشهيد محمد باقر الصدر حتى اشاعوا عليه تهمة العمالة للنظام الصدامي الظالم والعمالة لاسرائيل الصهيونية والمخابرات الاميركية ..
12- وهذا يعني أن السيوف و القلوب معا كانت على وضد السيد محمد باقر الصدر و هذه أسوأ حالة اجتماعية تنبأ بها الرسول الكريم (صلى الله عليه و آله و سلم) و حذر منها حيث أن الأمة و المجتمع ترى المعروف منكرا و المنكر معروفا و هذه أسوأ و أخطر حالات الانحراف و الانقلاب الفكري ..حيث صار الكفر و الاحتلال صديقا و محررا و وليا و ناصرا و حاميا !!!.
13- أستاذي الفاضل لا يخفى عليك أن كل إنسان (أو مجتمع) عندما يرتكب جريمة أو معصية و يعلم و يتيقن أنه على خطأ وأن ما فعله يخالف منهجه و سيرته أو يخالف ما يدعيه و يظهره، فإن هذا الإنسان (أو المجتمع) سيشعر بالندم على ما فعل أو أنه سيشعر بالألم النفسي و الحرج و من هنا يحاول التكفير عن ذنبه أو تحسين صورته و سلوكه أمام الآخرين أو أمام نفسه و لرفع الألم النفسي فإنه يحاول بل بوسوسة الشيطان يجد لنفسه المبرر و المسوغ لفعله و جنايته و كما يقال أنه يفلسف عمله و ما صدر منه أو يقلل من خطورته و تأثيره أو غير ذلك من أمور ..و من هنا ظهرت ردود فعل كثيرة و متنوعة صدرت من أهل الكوفة الذين غدروا و قتلوا و نكلوا و سلبوا الحسين الإمام المعصوم (عليه السلام)..
14- و نفس الكلام يجري على أهل الكوفة هذا الزمان فإنهم لتبرير أو لمعالجة حالتهم النفسية أو لتحسين سمعتهم و واجهاتهم أو لفلسفة عملهم أو للتقليل من خطورته و تأثيراته أو لفلسفة البديل أو لفلسفة التكفير عن الذنب فإن المجتمع الكوفي المعاصر المتدين السالك و العامل بنهج التقليد الذي لم يقلد المرجع القائد المصلح أصلا أو قلده لكن تخلى عنه (و كل ذلك لأن طريق المصلح صعب وفيه المؤونة الكبيرة و المشقة الشديدة و التضحيات الكثيرة بالرغم من معرفتهم و تيقنهم بأحقية المصلح و منهجه لكنهم يجحدون ) فهذا المجتمع ينافق و يفلسف جبنه و خنوعه بتقليد الخط الآخر المتمثل بالمرجع الساكت الصامت لأن الطريقة أسهل و أخف مؤونة و لا مشقة فيها.. لكن مع ذلك فانه يبقى المرجع المصلح و منهجه هو القدوة و المثل الأعلى و هذا ما يعتقده المجتمع و يعلم به المرجع الساكت الصامت وعندما تتوفر الظروف لإظهار ما يرجع إلى منهج و نظريات المصلح و يكون إظهار ذلك خفيف المؤونة و كان في إظهاره الربح و المنفعة و الواجهة و السمعة مع عدم اي مضرة او مشقة فإن المجتمع و المرجع الصامت كلاهما يتسارعان و يتسابقان و يدفع أحدهما الآخر نحو تطبيق ذاك المنهج ظاهرا و هذا ما شاهدناه و لمسناه و عشناه في تصدي الحوزة و المرجعية الساكتة الصامتة للتصدي والعمل وكانها هي صاحبة الولاية العامة ونظرياتها الاصلاحية التي تخالف فكرها ومنهجها و معتقدها الأصلي بل فعلت ذلك من أجل محاكاة و مجاراة المجتمع و كسب المنافع المالية و السمعة و الواجهة..وكسب رضا السلطة الفاسدة او قوى محتلة كافرة ...
15- و مما سبق يمكن أن تقول و باختصار (أن المرجع القائد المصلح يكون قائدا للمجتمع بينما المرجع الساكت الصامت يكون منقادا للمجتمع و للهوى و النفس و السمعة و الواجهة)..و مما يدخل في التحليل السابق و يؤثر فيه أن المرجعية الصالحة المصلحة تكون متصفة بنكران الذات و الإيثار و شعارها دائما و أبدا أن الغاية لا تبرر الوسيلة ..أما المرجعية الأخرى ومؤسستها فتكون متصفة بالنفاق و الانتهازية و شعارها دائما و أبدا أن الغاية تبرر الوسيلة ..و هذا هو الثابت عبر العصور من كبراء الأمة و أغنيائها و ذوي الطول و الواجهات كأحبار اليهود و أبي سفيان و معاوية و يزيد مرورا بطواغيت بني العباس حتى طواغيت هذه الأمة و علماء النفاق و يبقى والمكر والنفاق والانتهازية فيها حتى ظهور المعصوم (عليه السلام) و تحقيق دولة العدل الإلهي المباركة.
16- وعليه يمكن ان نستنتج أن منهج و سلوك و نظرية المصلح طبقت على أرض الواقع بصورة نسبية و لكن ليس بصورة مباشرة من نفس المصلح بل بصورة غير مباشرة من المرجعية المقابلة ..و هذا هو المعنى الذي أردت أن أوصله إليك في الحصة الثالثة من أن نظرية و منهج المصلح كثيرا ما يكون لها التطبيق في الخارج و لكن بصورة غير مباشرة.
17- استاذي واساتذتي الاعزاء هذا ما أتى في بالي و أرجو أن يكون فيه بعض الإشارات التي تصب في جواب ما ذكر من استفهام و أما الأحداث و الوقائع و تفصيلها التي حدثت في الفترة التي ذكرتها فيمكن الرجوع فيها إلى من كتب عن الحوزة أو التوجهات و التيارات الحوزوية ودكتاتورية المؤسسة الدينية في تلك الفترة ...والحمد لله الاول والاخر والظاهر والباطن وهو العزيز الحكيم .. واسالكم الدعاء
الصرخي الحسني
عشرة جمادى الاولى 1432 هـ