أواب المصري-بيروت مرت خمس سنوات على العدوان الإسرائيلي على لبنان في يوليو/تموز 2006، شهدت خلالها الجبهة الجنوبية مع إسرائيل هدوءاً غير مسبوق باستثناء بعض الصواريخ العشوائية أطلقتها جهات مجهولة.ولا ينفي هذا الهدوء أنإسرائيل وحزب الله يعدان العدة للمواجهة المقبلة، فإسرائيل كررت في أكثر من مناسبة على لسان مسؤوليها الاستعداد لحرب جديدة مع لبنان، في المقابل أعلن حزب الله جاهزيته لأي مواجهة، محذراً من أن الحرب المقبلة لن تكون شبيهة بحرب عام 2006.

ولعلّ مقولة الأمين العام للحزب حسن نصر الله بامتلاك صواريخ قادرة على استهداف مدينة حيفا "وما بعد بعد حيفا"- في إشارة إلى تل أبيب- باتت عنواناً لقوة الردع العسكرية التي يملكها حزب الله.

والهدوء ليس السمة الوحيدة التي تركها عدوان 2006، فالقرار 1701 -الذي صدر عن مجلس الأمن لإنهاء الحرب- تضمن كذلك نشر 15 ألف جندي من قوات حفظ السلام (يونيفيل) ومنع المظاهر العسكرية لحزب الله جنوب نهر الليطاني. وهذا الواقع جعل البعض يعتقد أن قدرة الحزب العسكرية على الجبهة الجنوبية تكبلت.

وقال الخبير العسكري العميد إلياس حنا للجزيرة نت إن القرار 1701 نص على وقف العمليات العدائية بين إسرائيل وحزب الله، ولم يأت على ذكر وقف إطلاق النار، وهذا فرض حالة معينة جنوب لبنان يعتبرها حزب الله مرحلة انتقالية بين حرب وحرب، ولذلك فإنه لم يوقف الاستعداد ولم يوقف التسليح ولا التخطيط.

واعتبر حنا أن المعادلة التي أفرزها عدوان 2006 تقوم على أن حزب الله ربح لأنه لم يخسر، وإسرائيل خسرت لأنها لم تربح. فلا إسرائيل استطاعت تحقيق أهدافها بالقضاء على بنية حزب الله، ولا حزب الله استطاع تدمير إسرائيل.

وأشار إلى أن حزب الله يقول إن الحرب لم تنته وبالتالي فإن الاستعداد الميداني والعسكري والتخطيط لمعرفة أهداف إسرائيل لا تزال قائمة، وهو يعتبر أن السيناريو الأسوأ المحتمل لن يسمح لقوات اليونيفيل بالتحرك والدفاع عن لبنان، وبالتالي فإن أي عمل قد تقوم به إسرائيل في المنطقة سيجعل القرار 1701 غير مفيد ولن يشكل عامل ضغط على حزب الله.

تكيف

وفي سياق متصل، قال الكاتب السياسي القريب من حزب الله فيصل عبد الساتر إن الوقائع الميدانية تشهد أن هذا الحزب استطاع التكيف مع مختلف الظروف لا سيما في المنطقة الجنوبية.

واعتبر أن القرار 1701 أعاق الحركة الظاهرية للمقاومة، لكنه لم يؤثر على حركتها غير الظاهرية، وهو وضع بعض القيود في عملية نقل الذخائر والأسلحة جنوب نهر الليطاني، لكنه لم يؤثر على الحركة الأمنية الساهرة التي تراقب كل شيء على الجهة الأخرى من الحدود.

وعن العلاقة مع قوات اليونيفيل، قال عبد الساتر إن التجربة اللبنانية مع القوات الدولية لم تكن ناجحة، فهي قبل العام 2006 لم تكن تمارس أي دور إيجابي في حياة اللبنانيين، وبقيت شاهدة على الاعتداءات الإسرائيلية، أما بعد صدور القرار 1701 الذي منحها صلاحيات واسعة للتحرك اصطدمت مع أهالي المناطق الجنوبية.

وأضاف الكاتب السياسي أن هذا لا يعني أن هذه القوات تحولت إلى عدو للبنانيين، وقال إنه يجدر بهذه القوات أن تنفذ المهام الموكلة إليها وأن تحفظ أمن الجنوبيين في حين أنها تنظر بعين واحدة وتركز على ما تقوم به المقاومة وتهمل الاعتداءات المستمرة التي تقوم بها إسرائيل.

واستبعد عبد الساتر حصول حرب قريبة على الجبهة الجنوبية، وإن كان البعض يلمح إلى أن الخيار العسكري مضمر لدى الجانب الإسرائيلي.