الذكر في القرآن
قال اللهتعالى ( ص والقرآن ذي الذكر ) إن هذه الآية من سورة ص فيها إشارة إلى وجود كتابيختص بالذكر يكون جزءاً من القرآن وهذا مقتضى الفصل بـ ( ذي ) الدال على التغاير .
إن كتاب الذكر هو الكتاب الحاوي على قصص واخبار الأمم السالفة وسير الأنبياء معاقوامهم وتبليغ رسالاتهم وتلقي الوحي ,. وهو ماخوذ من ذكر الشيء بعد مضي زمانه ولهعلاقة بالتذكير والذاكرة .
إن هذه الانباء والقصص التي وردت في القرآن تعتبر منانباء الغيب التي اوحاها الله تعالى إلى نبيه حيث سرد في سورة آل عمران ذكر لنبيالله عمران وزكريا ومريم وبعدها قال ( ذلك من انباء الغيب نوحيه اليك ) آل عمران 44 .
إن لهذا الكتاب حملة مكلفون به هم أهل الذكر الذين أمر الله تعالى بسؤالهمبقوله ( وما ارسلنا من قبلك إلا رجال نوحي إليهم فسألوا اهل الذكر إن كنتم لاتعلمون ) الأنبياء 7 .
وهنا لا بد من التنبيه إلى نقطة بغاية الأهمية وهي إنالذكر قد يراد به من يبلغ الذكر وهو الرسول (ص) وهذا هو ما تعنيه الآية في قوله ( قد أنزلنا إليكم ذكراً رسولاً يتلوا عليكم آيات الله ) الطلاق 10-11 .
فالذكر هورسول الله (ص) كما ورد في عيون اخبار الرضا وفي الكافي إن الذكر هو رسول الله ( ص)وأهل بيته هم المحدثون وهم اهل الذكر .
وفي العياشي والبصائر عن الباقر (ع) إنمن عندنا يزعمون إن قول الله عز وجل فسألوا اهل الذكر إنهم اليهود والنصارى قال : إذا يدعونكم إلى دينهم ثم ضرب بيده إلى صدره وقال نحن اهل الذكر ونحن المؤولون .
والدليل فيما ذهب إليه من إن الذكر هو الكتاب الحاوي على قصص واخبار الأنبياءوأممهم أمور .
أولاًً : ما جاء في سورة النحل 44-43 ( وما ارسلنا من قبلك إلارجال نوحي إليهم فسألوا اهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات وبالزبر وأنزلنا إليكالذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون )
فإن تحديد الآية بقوله ( وماارسلنا من قبلك إلا رجال ) إشارة إلى الأنبياء والرسل السابقين وتنويه عن عدم معرفةالناس بما انزل الى الأنبياء من البينات والزبر جعل من اللازم انزال الذكر لعلةبينها الباري في ذيل الآية وهي ( لتبين للناس من نزل اليهم ولعلهم يتفكرون ) أي ماانزل إلى الأنبياء والرسل بدليل فصلها عن ( ولعلهم يتفكرون ) العائدة للناس بالواو , وإلا لو كان يقصد ( لتبين للناس ما نزل إليهم ) أي الناس لما فصلها عمن بعدهابالواو أي إن الذكر هو الكتاب الذي يبين للناس طريق الرسول (ص) ما انزل علىالأنبياء والرسل .
الثاني :في سورة ص التي تصف القرآن بأنه ذي الذكر تمييزاًللجزء الخاص بالذكر عن غيره .
ففي هذه السورة نرى الآيات تؤكد على الرسول (ص)بالتذكر والذكر قال تعالى ( أصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب ) ص17 .
(وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَالشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ )ص41
وكذلك ( واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفلكل من الأخيار ) ص48 .
وأخيراً وبعد تعداد موارد ذكر الأنبياء السابقين يقولتعالى ( هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب ) ص49
فهو يشير بإسم الإشارة (هذا ) الذييفيد الإشارة إلى القريب ويدل على الذكر الموجود في السورة وهذا الذكر خاص .
الثالث : قوله تعالى ( ويسالونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا)
فقد سمى القرآن ما يتلوا من أمر ذي القرنين ذكر وفيه إشارة إلى إن قصص الأممالماضية وأخبار الأنبياء والصالحين معناه ذكر .
وفي قصة يوسف فبعد ذكر القصةوانتهائها قال تعالى ( وما نسألهم عليه من أجر إن هو إلا ذكر للعالمين ) يوسف 104
فأنت تلاحظ ترابط وتلازم ما بين ذكر القصص ولفظ الذكر .
الرابع : قوله تعالى ( فسألوا اهل الذكر ) حيث يأمر الباري بالرجوع إلى أصل الذكر ومستودعه وسؤالهم عنالأخبار والقصص التي ذكرها الله تعالى ( ذلك من انباء الغيب نوحيه إليك وما كنتلديهم اذا اجمعوا أمرهم وهم يمكرون ) يوسف 102
وهنا سمى القرآن أهل هذه الأخباربأهل الذكر مما يدل على إن الذكر له علاقة بذكر القصص .
وهذا لا يتعارض معالروايات الواردة من إن اهل الذكر هم أهل البيت (ع) وذلك صحيح لأنهم ورثوا الذكر منالرسول (ص(
أما ما ورد من إن الرسول (ص) هو الذكر فهو صحيح لأنه (ص) ذكر فيالكتب السابقة مثل التوراة والأنجيل قال تعالى ( ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمهforaten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين(
وقوله تعالى ( الذين يتبعونالرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والأنجيل ) الأعراف 157 .
بل إنه ورد ذكر من امن به ذلك بقوله تعالى ( هذا ذكر من معي وذكر من قبلي)الأنبياء 24
فذكر من قبله هم كل الأمم السابقة التي ذكرت في القرآن من أمة نوحوابراهيم وموسى وعيسى .
أما ذكر لمن معه فهم أصحابه الذين ذكروا في التوراةوالإنجيل ( محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاًسجداً يبتغون فضلاً من الله ورضوان سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم فيالتوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطءه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجبالزراع ليغيض به الكفار) .
اما الاية ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر انالأرض يرثها عبادي الصالحون ) الانبياء 105 .
من هذه الآية نفهم إن الذكر موجودقبل وجود القرآن بل إن موسى (ع) كان عنده ذكر أيضاُ قال تعالى ( ولقد اتينا موسىوهارون الفرقان وضياءا وذكرا للمتقين ) الأنبياء 48
خامسا ثمة علاقة وثيقة بين صوالقران ذي الذكر حيث كلما ذكر ص في اوائل السور وجد معه الذكر والعكس فان السورالتي ابتدات ب (ص) هي ثلاث ( الاعراف – مريم – ص ) وكلها وجد فيها الذكر .
من فكر السيد ابوعبدالله الحسين القحطاني
نقلا من الموسوعةالقرآنية