على حافة البركان البحريني
وكالة أنباء المستقبل للصحافة والنشر (ومع)
كاظم فنجان الحمامي
بات من السهل على العقيد القذافي استدعاء من يشاء من جيوش البلدان الأفريقية وفيالقها المتآلفة معه, والاستعانة بها في مطاردة الثوار والمحتجين من السكان الأصليين في سرت وبريقة وبنغازي ورأس لانوف, ومطاردتهم بيت بيت, زنقة زنقة, والانتقام منهم بالطريقة الدموية التي يراها منسجمة مع تطلعاته الدكتاتورية الاستباحية, خصوصا بعد أن تبنى البيت الأبيض مسئولية تأييد القرار الخليجي, وسمح لقوات درع الجزيرة باجتياح البحرين, ومطاردة التظاهرات السلمية على الطريقة القذافية المعلنة رسميا, بيت بيت, زنقة زنقة,
فقد دقت ساعة العمل, التي أعلنها القذافي بعظمة لسانه, وصارت هي القاعدة العربية, التي تبنتها السلطات في ردع الاحتجاجات الشعبية في ليبيا والبحرين واليمن والعراق, وبات من حقها التصرف على هواها من دون رادع ولا وازع, من هذا المنطلق توجهت قوات درع الجزيرة تحت غطاء الفزعة الطائفية العشائرية, لإنقاذ النظام البحريني المهزوز, ولمنع توسع المظاهرات الاحتجاجية, وانتشارها في الأقطار الخليجية الأخرى, بيد أن عواقب هذه المغامرة العسكرية تنذر بوقوع ما لا يحمد عقباه, فالتدخل العسكري الخليجي الذي اجتاح البحرين بذريعة إخماد الفتنة الطائفية, وبذريعة الحفاظ على استقرار البلاد, قد يفسر على انه (كلمة حق يراد بها باطل), وان تلك القوات تحركت بهذه الكيفية والنوعية في توقيت وتوجيه مدروس بعناية, يراد منه إذكاء نيران الفتنة, ويراد منه تأجيج الصراع الطائفي, بالاتجاه الذي يهدف إلى استفزاز إيران, والتحرش بها, وجرها لخوض معركة (القادسية الثالثة), والعبث من جديد باستقرار المنطقة, من خلال تفجير البركان البحريني الخامد تحت رماد الجور والظلم,
ومن المرجح أن تكون الولايات المتحدة هي المستفيد الأول والأخير من هذه الحروب الإقليمية المفتعلة, بيد أن المؤشرات السياسية للخطوات الإيرانية الحذرة تعكس إدراك إيران لأبعاد هذه اللعبة الجديدة, ويبدو أنها لن تنجر وراء المخططات الأمريكية, ولن تقع فريسة في الورطة التي تورطت بها في ثمانينات القرن الماضي, ولن تشترك في هذه المعارك الخاسرة مهما ارتكبت قوات درع الجزيرة من مجازر دموية ضد الشعب البحريني الأعزل, وأغلب الظن أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الزوابع الخليجية, وربما تختار اللعب في الخفاء بأسلحة المنظمات الإسلامية الثورية المتطرفة, وقد تحمل لنا الأيام المقبلة مفاجآت غير سارة, مصحوبة باضطرابات ومصائب وويلات قد تنبعث في أي لحظة من فوهة البركان البحريني المرشح للانفجار, لتنثر رمادها المخيف فوق حوض الخليج العربي كله, ولترسم خارطة رمادية غير واضحة الملامح للمنطقة,
فالوضع العام بالغ الخطورة والتعقيد, وينذر بالشؤم, ونحن إذ نضع أيدينا على قلوبنا خوفا من الكوارث المرتقبة, نسأل الله أن يجنبنا هذه الحروب وأسبابها, ويحفظنا من كل سوء.