بدء مسلسل الدم في العراق عبر ادعاءات مقاومة الاحتلال، خاصة وأن كل التحليلات كانت تلتقي على استبعاد انسحاب القوات الأمريكية من البلاد، بل وأن هذه المقاومة باتت تشكل مبررا إضافيا للتواجد العسكري ، فالإدارة الأمريكية كانت ترى الانسحاب في تلك الظرف تنازلا مستحيلا للمسلحين و أنها لن تغامر بسمعتها العسكرية لتنسحب أمام مجاميع مسلحة متشعبة الأهداف وتترك العراق تحت رحمتها. لكن العراق و اميركا وقعا الاتفاقية الامنية و تم تخفيض عدد القوات كخطوة اولى للانسحاب الا أن تدهور الوضع الأمني استمر في و توالت موجات بربرية من التفجيرات بالسيارات المفخخة و العبوات الناسفة والاغتيالات بكواتم الصوت و العبوات اللاصقة. وفي الفترة الأخيرة برزت الاغتيالات كواحدة من أكثر أشكال التهديد خطورة وصعوبة في السيطرة عليها.

لم يكن ثمة أمل كبير بأن يتغير الوضع، لكن هذا ما حصل فعلا بعد تآزر مجموعة عوامل أسهمت إلى حد كبير في استتباب نسبي وفقا للمقاييس العراقية الفريدة من نوعها. بحيث تراجع عدد الجثث المجهولة و التقطت العاصمة لحظات هدوء عزيزة، و تمكن المواطنون من ممارسة جزء من أنشطتهم الحياتية ، قد يجادل البعض أن تحسنا ملحوظا طرأ على الأمن وهو قول صحيح. فالمعركة القائمة التي تبذل فيها الحكومة والمؤسسات الأمنية جهودا مضنية هي معركة تبدو مع أشباح تتناسل في الظلام. وما أن تتراجع قليلا و نستبشر بإمكانية دوام الهدوء حتى تعود بهبة جديدة تطيح بعشرات الأرواح البريئة.

موخرا قامت القوات الامنية باعتقال 27 مطلوباً في بغداد ونينوى وبابل وصلاح الدين بينهم وزيرفي جماعة دولة العراق الاسلامية
وأوضح بيان لوزارة الداخلية أن (القوات الامنية تمكنت وبالتعاون مع امن السليمانية خلال الأيام القليلة الماضية من اعتقال ستة من المطلوبين من القومية العربية في ناحية بيرمكرون بالسليمانية، أحدهم برتبة وزير لدى جماعة دولة العراق الإسلامية, المعتقلين متهمين بالقيام بجرائم قتل وتفجير في بغداد".واوضح البيان ان "عناصر مكافحة الإرهاب رصدوا هؤلاء المطلوبين لدى لجوئهم إلى بيرمكرون للسكن فيها متذرعين بالبحث عن عمل ، لكنهم كانوا يخططون لجمع الأموال في السليمانية وتزويد مسلحين في بغداد بها"

سوف يتمكن العراق في نهاية المطاف من تجاوز هذه النقطة الحالكة عبر زيادة القدرات الأمنية و خاصة الجوانب الاستخبارية، لكن ذلك لن يعني أمنا حقيقيا الا اذا ما ساهم المواطن العراقي بتعزيز ذلك الامن و تبني المسؤولية و مساعدة القوات الامنية في مكافحة الجريمة والقضاء على الارهاب كما هوالحال في العديد من دول العالم، فالمسألة سوف تتحول من محاولة منع العمل الإرهابي إلى إجهاضه و اقتلاع الإرهاب من جذوره.