((ملاكي البريء))

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد
نبده عن المؤلفه
(ص-م-ز)
من القطيف
من مواليد 1406
حاصله على بكلويس في تربيه الخاصه من كليه التربيه بجامعم الملك سعود بالرياض بتقدير ممتاز بمرتبة الشرف الثانيه لعام 1429ه
حاصله على المركز الاول في مسابقه القصه القصيرة طفوله تحترق على مستوى جامعه الملك سعود
حاصله على المركز الثاني في مسابقه معرض الطالبه المبدعه بقصه امل متمرد على مستوى جامعه الملك سعود
حاصه على المركز الثاني في مسابقة القصه القصيره بقصه خطوات داميه في منتدى الشباب الثقافي

حازت على نسبه89% في قصه ملاكي البري على مستوي الخليج برعاية الاديبه خوله القزويني
وهي ايضا عضوه في مهرجان جائزه القطيف
تفضلو القصه

((ملاكي البريء))

قصة واقعية رفضت إنهاءها
وكسرت قلمي رافضة المضي
وهجرتها بأسطر مبتورة
آهي...
لكن الزمان لطمني بقسوة، وأجبرني على المضي
آه... يا زماني القاسي!
كيف أمضي بوجه مهشم ويد مبتورة؟ !
سبقتني ولم تمهلني حتى لحظة
تلك ليست نهايتي، أو هي نهايتي لست أدري، ولا أريد أن أدري
أبدلت قلمي الكسير لأنتقم منك، ولكنه جف وخذلني
لكن ذلك لم يوقفني
فاليوم غرست قلمي في قلبي المهشم ليرتوي بدمائي
فهذه القصة خططتها بدم قلبي، ودموعي هي نقاط سكنت الحروف الملطخة
حروفي أتحدت بعد تناحر طال
بعثروا كلماتي
أبحثوا عن الحقيقة مابين سطوري الدامعة
لا... لن تطيقوا ذلك فهي قصة
تعارك فيها الواقع والخيال، وأشتد القتال بينهما
لكن من الذي أنتصر في النهاية؟
أنا التي انتصرت...
فلقد ضممت الواقع والخيال
إلى صدري
وأصلحت بينهما ليصبحا روحين في جسد قصتي المحتضرة
ملاكي البريء...

افتحوا أعينكم للحقيقة المكفوفة، وأنصتوا إلى صوت الضمير الأبكم، فهذه هي نهاية العالم، فالموت يعشش بيننا... لا، وألف لا، لن ننتهي هكذا.
لكن أهذه حقيقة أم خيال؟ أم إن الخيال أصبح هو الواقع والواقع أضحى خيال كلمتان احتضنتا بعضهما في روح واحدة...
كيف لا يحدث هذا ونحن في عالم الإنسانية المجردة؟ ونحن بكل فخر نغرس رؤوسنا في التراب جبناء، لكن ما الذي نخشاه؟ وما الذي نفر منه؟
وما الذي يتبعنا أينما ذهبنا؟
الحقيقة التي لا مفر منها إن نفوس البشرية عليلة، خرت الإنسانية محمومة في لحظات خاطفة.
مال هذا الزمان يتكالب علينا ويعلن تمرده حتى على البراءة التي سكنت الهامش؟
لكن فات الأوان فصرخاتنا المعترضة تجهض قبل التكوين.
لكن ما السبيل والنار الصارخة بالجحيم تجبرت واستعبدت الحنان؟
وعلى قارعة الطريق ما الذي حدث؟
لقد أعدمت الرحمة على مرأى العالم، فما كان من البشرية سوى الاحتفال والرقص على أنين الاحتضار.
فكيف بالرحمة أن تدرك ذلك الطفل الرقيق الذي يصرخ مستغيثا بها؟
كيف تدركه وهي قد قتلت جورا بلا ذنب؟ كيف تنقذ سنواته الخمس وهي معدمة؟
نظر الطفل إلى ضاربه بعينيه الواسعتين يناشده بدموعه، لكن حتى البراءة لم تشفع له.
يريدون اغتصاب طفولته، ولكنه يقاوم بالأنين، فصرخ الواقع القاسي:
لقد ماتت الرحمة، ماتت ودفنت منذ زمن بعيد.
فبمن الآن ستستغيث؟
أبالحب؟
لا، فلقد اعدموا الحب قبل الرحمة.ذلك الحب النقي ألغته الأحقاد من قاموس البشرية الصماء.
فصاح الطفل (بابا) أين ذلك الوالد الحنون ليخلصه من براثن الشيطان اللعين؟
أين ذلك الأب الذي نخر الزمان صدره؟ أين هو؟
لكن كلمة (بابا) خذلته هي الأخرى، لم تدركه بالنجاة، فصاح بألم (شوش) هذا الاسم هو أمله الوحيد فإذا خذله فذلك يعني الموت المحتوم، استسلم الطفل لضاربه، فارتطم رأسه بالجدار، ثم وقف يتمايل وكأن العالم من حوله يدور بسرعة جنونية، فخر بصمت، نظر إلى سقف الغرفة بألم، ثم همس: شوش....
فجأة فتح الباب، اقتحمت طفلة الغرفة ملقية بحقيبتها المدرسية، هرعت لتدرك الطفولة التي استغاثت بها، احتضنته وكأنها تريد أن تواريه عن عيون العالم المجرد، فأصابها ما أصابه. طفلة لم تتجاوز العاشرة صرخت في وجه التجبر:
أمي، لا تضربي حسن.
كان حسن متعلقا بعنقها، يحتمي خلف نبضات قلبها الصغير، ثم ارتعد عندما صرخت الأم بوحشية:
شروق، ابتعدي هذا ليس من شأنك، دعيني اربي هذا اللعين، فهو دائما يتبول في ملابسه، ولم ينطق كسائر الأطفال.
ارتعبت الطفلة ولكنها... لن تتخلى عن أخيها الحبيب، فلقد استغاث بها.
ناشدت شجاعتها، فاختطفت أخيها بحركة رشيقة إلى الغرفة المجاورة، ثم أقفلت الباب خلفها ونبضات قلبها تتدافع مرتاعة، لكن الشيطان ثار وبدأت النار في عينيه تتصارخ، ولعناته تسابق ضرباته للباب الذي يواري الطفولة المرتاعة.
كان جسد الأم ضخما جدا، يكفي بالطفولة أن تراه ستفيض روحها رعبا
إذا ما الذي سيحدث وهذا الجسد يجثو فوق صدر البراءة؟
ما هذا الجسد الذي تسكنه الشياطين الخبيثة؟ أخذت الأم تضرب الباب بعنف وهي تصرخ بصوت لا يشبه صوت البشر: شروق، قسما بالله لأضربنك ضربا مبرحا.
جمدت شروق محتارة أتفتح الباب للشيطان ليجهز على الطفولة المحتضرة؟
خطرت لها فكرة، فتحت باب المنضدة وهي تبتسم:
حسن حبيبي، سنلعب لعبة، أختبئ هنا.
قبلته وأغلقت الباب الصغير، ثم ناشدت شجاعتها ثانية، وفتحت باب الغرفة فانقض الوحش على فريسته ليمزقها:
أتغلقين الباب في وجهي؟
أشبعتها ضربا، وبكل صمت خرت، تقتل صرختها قبل أن تولد، صراخ الأم أرعب حسن فخرج يعدوا متجها نحو أخته وهو يتمايل مازال العالم من حوله يدور، فختمت الأم مذبحتها بصفع حسن بعد أن سمعت صوت الباب الخارجي فخرجت.
تسلق جسد أخته يناشدها بقبلات صامتة، وعلى خذه تجسدت كف الشيطان، فصاح بها: شوش.
لكنها لم تجيبه، الخذلان ليس من شيمها، هل سترحل وتتركه يواجه عالم أقبرت فيه الإنسانية؟ آه... أقبروها بلا غسل، ولا كفن، وأدوها وكأننا في عصر الجاهلية الغبراء.
كان يصغي لنبضات قلبها يترجمها إلى أنشودة طفولية، وبعد أن فتحت عينيها مستجيبة لندائه ابتسم من خلف دموعه.
جاء الأب ليأخذ حقيبة سفره، ثم تسأل:
ما بال حسن يمشي وهو يترنح؟
أجابت ببساطة: لقد ضربت رأسه بالجدار.
تألم لذلك.ودعهم سريعا، وأخبرهم بأنه سيغيب شهر، ثم رحل بصعوبة بسبب تعلق حسن بثيابه صارخاً (بابا) لكن الأم أبعدته بقسوة ونهرته، فخرج الأب. كان حسن متعلقا بأبيه لأنه كان يلبسه، ويطعمه، ويحضنه بين ذراعيه حتى ينام، هو مصدر الأمان، أما أمه فلم تكن تكترث لأمره.
ضحكت الأم ضحكات شيطانية، واستلت هاتفها لتجري مكالمة.
وبعد ساعة أدخلت شروق وحسن غرفتهما، وأقفلت الباب، ولكنها نسيت المفتاح في الباب.
أشعلت الشموع، وتجملت ولكن ذلك لم يشفع لبشاعتها، ثم رن الجرس معلنا عن ضيف، أدخلته إلى غرفتها.من هذا الرجل؟ لكن لماذا؟ وبأي حق؟ وكيف يدخل؟
كان صوت آلة التسجيل مرتفعا تصرخ بأغاني لعينة، كانت ضحكاتهما تعلو وتنخفض، فجأة فتح الباب....!!
فهي لم تكلف نفسها بإقفال الباب، فشخصت ببصرها، وسحقت ضحكاتها أيعقل؟ كيف شوهدت بهذا المنظر البشع الخليع؟
والرجل الذي كان بصحبتها جمد في مكانه وكاد يخر مرعوبا.
ما هذه الوقاحة والجرأة؟ أين المبادئ والقيم عن هذه الإنسانة الفاسدة؟
كان زوجها ينظر إليها، وحسن يقف من خلفه واضعا يده في فمه ببراءة.
جمد الزوج من هول المنظر فلم يحرك ساكنا، فاستغل الرجل ذلك وفر هاربا.نطق بعد صمت مريع وليته لم ينطق: أمل...
أغلقت فمه بضربات على صدره، أيعقل امرأة تضرب زوجها لأنه كشف خيانتها؟ ما هذه المرأة الخبيثة؟ وما هذا الرجل الجبان الذي لا ينقذ كرامته التي مزقتها بمخالبها النجسة؟ وكيف استطاعت السيطرة عليه؟
ثم هرب خارجا، هكذا، انسحب متخليا عن رجولته، وشرفه هشم أمام عينيه، وعرضه الذي تحول إلى ملكية عامة متداولة بين خنازير في صورة رجال. ارتدى حسن حذائه، وخرج مسرعا يصيح يريد احتضان أبيه الذي يقف في الشارع المقابل، وخرجت شروق خلفه، لكن هنالك من سبقها إليه، صرخة اعتلت لكنها ليست بصرخة بشر، وإنما هي صرخة فرامل السيارة التي دهست حسن، وقذفته بعيدا محتكا بالأرض الملتهبة معفرا بالتراب، وحذائه الصغير طار بعيدا وكأنه يعلن تمرده على الواقع.
احتضن حسن الأرض بكل صمت، لم يصرخ أبدا، وكأنه يناشدها بصمته أن تضمه إليها وتواريه خلف رمالها.
هرع إليه أبوه مصعوقا، وصور حسن تتدافع في مخيلته، من صرخته الأولى حتى مصرعه. سحقا لتلك العجلات التي سحقته، ولم ترحم لين عظامه. أيتها العجلات اللعينة حتى أنت لم ترأفِ بالبراءة! إنه طفل رقيق ألا تبصرين ذلك؟! إنه ضعيف فكيف ترضين بسحقه هكذا؟! أناشدك أن ترحمي يتمه أتوسل إليك ناشدي عجلة الزمان أن تعود لعلنا نغير الحاضر.
احتضنه والده ينتحب فسمع شهقاته الرقيقة، وشعر بأنفاسه الدافئة، ارتعش وكأن روحه ستهجره، حمله بين ذراعيه يعدوا كالمجنون إلى المستوصف القريب، وشروق تنتحب من خلفه.
وبعد الكشف الطبي، صرح الطبيب بالحقيقة الجريحة:
ابنك في غيبوبة يعاني من موت دماغي.
صرخ الأب: سأنقله إلى أفضل مستشفى.
ابنك يعتبر ميت، حتى لو كان قلبه ينبض فخلايا دماغه أتلفت، فهذه تعتبر مسألة وقت.
مال هذا الطبيب قد تحجر قلبه؟ لما يقتل الأمل؟ ولما يحرق الطفولة المسحوقة؟
آهي... وألف آه... هجر حسن العالم بعد شهر من العذاب، رحل ولم يودع أحدا، وفي يوم تشيع البراءة اتصلت فتاة تصرخ بالأب:
يا أخي أتريد دفنه دون أن نراه؟ أنا قادمة.
لا نستطيع الانتظار.
صرخت بقلب يحترق: قل لأمل أبعدتنا عنه فخرسنا، شوهت سمعتنا فخرسنا، منعتنا من زياراته فخرسنا، لكن تدفنوه بعيدا دون أن نراه فلا وألف...لا.
وصلت وصرخاتها تسبق خطواتها، رفعت الغطاء عن وجهه الملائكي واحتضنته بلهفة تقبله فصاحت تناشده بعد أن أخذوه ليقبروا طفولته:
آه....يا بن أخي بأي حال رحلت عنا؟
رحلت مكسور الجمجمة!
رحلت مكسور الساق!
رحلت مكسور الخاطر!
كيف رحلت ولم تكمل سنواتك الست؟
آه.... وآه... وآه...
عد يا حبيبي، واهمس بأذني... عمة
آه.... يا بن أخي
هلم لعمتك التي هجرتها فجأة
دعني أقبَّل وجنتيك، وعينيك، وقدميك
أتذكر كيف كنت تقفز وابتسامتك تسلب فؤادي؟
آه... يا فؤادي
كنت في هذه السنة سترتدي ملابس المدرسة
فكيف لبست الكفن؟
لا، يا حبيب عمتك هذه الملابس لا تليق بوجهك الملائكي
كان لقائنا الأخير هو بداية الفراق اللعين
آه...ما أقساني...! كيف رأيتك؟
رأيتك بعيني فتمنيت الفناء، رأيتك بالكفن الأبيض
رأيتك... آه... رأيتك، الويل لي فقد كنت بصيرة ولكن بعد رؤيتك أصبحت ضريرة...
هجرتني ولم أتزود من عينيك
كنت مغمض العينين
لماذا يا حبيبي عندما طبعت قبلتي لم تفتح عينيك... لتنظر إلي...؟
آه... أيا حسن....
ليتهم أقبروك في أحضاني؛لأغني لك أنشودة حتى تغرق في حناني
أتدري، ما الذي حل بعمتك بعدك؟
سلب عقلها، وهشم قلبها
عمتك تحترق يا ملا كي الصغير
ضمني إليك... وأطفئ ناري
كيف رضيت باحتضاري... الذي ابتدأ اليوم... وليس بعده موت؟
أبعدوك عنا، ولكنك سكنت قلوبنا
أقبروك بعيد عن اهلك...آه... يا حسن.... آه... يا غريب
حتى لو جاء بعدك ألف... حسن
ستظل أنت ملاكي البريء
لن أنساك ما حييت رغم فقر اللحظات التي جمعتنا
حلق... حلق
حلق يا حبيبي إلى الجنان... لتلامس الحنان المفقود
حلق... حلق... يا حبيب عمتك
ولكن هل لي بزيارة خاطفة ولو بالأحلام؟
رفرف... بجناحيك فوقنا
عزائنا الوحيد انك من أهل الجنة
وبراءتك لم تدنسها الدنيا
حلق... حلق.... حلق... ورفرف بجناحيك.
أما أمل ضلت تعفر تراب قبر ابنها بعد أن أصيبت بمرض الإيدز لعله يطهرها.
أن حسن نعمة لا يستحقونها، وأمانة دهست ببساطة ولكنها عادت لصاحبها مسحوقة.

اختكم
ملاك الروح
روايه الى اعز صديقاتي

[*كريم الزبيدي*]

رواية جميلة ومتميزة

شكرا عزيزتي الغالية على جهودك الرائع

ننتظر منك كل ماهو جديد ووممتع
مع اجمل وارق التحيات

رواية جميلة ومتميزة

شكرا عزيزتي الغالية على جهودك الرائع

ننتظر منك كل ماهو جديد ووممتع
مع اجمل وارق التحيات

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد
شكرا لتواجدك لرائع
اختك
ملاك الروح

[هدار سامي شياع المنصوري]

اللهم صلي على محمد وآل محمد
بوركتي اختي الغاليه على ماتكتبين انها حقاً
في غايه الروعه والابداع المتقدم المتحضر
انتي صاحبة القلم الذهبي المميز
انتي رفت لكي الاوراق زحفاً
تلألأتي بربوع وقمم الادب
فبارك الله بكي وجعلك نوراً وهاجاً
تحياتي لكي يالغاليه

صراحتا عشت وتعايشت داخل القصة فيها من السرد الجميل ما قل ودل انتظر جديدك بكل شوق واطمع بالمزيد

[مرشدة جاويش]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد
نبده عن المؤلفه
(ص-م-ز)
من القطيف
من مواليد 1406
حاصله على بكلويس في تربيه الخاصه من كليه التربيه بجامعم الملك سعود بالرياض بتقدير ممتاز بمرتبة الشرف الثانيه لعام 1429ه
حاصله على المركز الاول في مسابقه القصه القصيرة طفوله تحترق على مستوى جامعه الملك سعود
حاصله على المركز الثاني في مسابقه معرض الطالبه المبدعه بقصه امل متمرد على مستوى جامعه الملك سعود
حاصه على المركز الثاني في مسابقة القصه القصيره بقصه خطوات داميه في منتدى الشباب الثقافي

حازت على نسبه89% في قصه ملاكي البري على مستوي الخليج برعاية الاديبه خوله القزويني
وهي ايضا عضوه في مهرجان جائزه القطيف
تفضلو القصه

((ملاكي البريء))

قصة واقعية رفضت إنهاءها
وكسرت قلمي رافضة المضي
وهجرتها بأسطر مبتورة
آهي...
لكن الزمان لطمني بقسوة، وأجبرني على المضي
آه... يا زماني القاسي!
كيف أمضي بوجه مهشم ويد مبتورة؟ !
سبقتني ولم تمهلني حتى لحظة
تلك ليست نهايتي، أو هي نهايتي لست أدري، ولا أريد أن أدري
أبدلت قلمي الكسير لأنتقم منك، ولكنه جف وخذلني
لكن ذلك لم يوقفني
فاليوم غرست قلمي في قلبي المهشم ليرتوي بدمائي
فهذه القصة خططتها بدم قلبي، ودموعي هي نقاط سكنت الحروف الملطخة
حروفي أتحدت بعد تناحر طال
بعثروا كلماتي
أبحثوا عن الحقيقة مابين سطوري الدامعة
لا... لن تطيقوا ذلك فهي قصة
تعارك فيها الواقع والخيال، وأشتد القتال بينهما
لكن من الذي أنتصر في النهاية؟
أنا التي انتصرت...
فلقد ضممت الواقع والخيال
إلى صدري
وأصلحت بينهما ليصبحا روحين في جسد قصتي المحتضرة
ملاكي البريء...

افتحوا أعينكم للحقيقة المكفوفة، وأنصتوا إلى صوت الضمير الأبكم، فهذه هي نهاية العالم، فالموت يعشش بيننا... لا، وألف لا، لن ننتهي هكذا.
لكن أهذه حقيقة أم خيال؟ أم إن الخيال أصبح هو الواقع والواقع أضحى خيال كلمتان احتضنتا بعضهما في روح واحدة...
كيف لا يحدث هذا ونحن في عالم الإنسانية المجردة؟ ونحن بكل فخر نغرس رؤوسنا في التراب جبناء، لكن ما الذي نخشاه؟ وما الذي نفر منه؟
وما الذي يتبعنا أينما ذهبنا؟
الحقيقة التي لا مفر منها إن نفوس البشرية عليلة، خرت الإنسانية محمومة في لحظات خاطفة.
مال هذا الزمان يتكالب علينا ويعلن تمرده حتى على البراءة التي سكنت الهامش؟
لكن فات الأوان فصرخاتنا المعترضة تجهض قبل التكوين.
لكن ما السبيل والنار الصارخة بالجحيم تجبرت واستعبدت الحنان؟
وعلى قارعة الطريق ما الذي حدث؟
لقد أعدمت الرحمة على مرأى العالم، فما كان من البشرية سوى الاحتفال والرقص على أنين الاحتضار.
فكيف بالرحمة أن تدرك ذلك الطفل الرقيق الذي يصرخ مستغيثا بها؟
كيف تدركه وهي قد قتلت جورا بلا ذنب؟ كيف تنقذ سنواته الخمس وهي معدمة؟
نظر الطفل إلى ضاربه بعينيه الواسعتين يناشده بدموعه، لكن حتى البراءة لم تشفع له.
يريدون اغتصاب طفولته، ولكنه يقاوم بالأنين، فصرخ الواقع القاسي:
لقد ماتت الرحمة، ماتت ودفنت منذ زمن بعيد.
فبمن الآن ستستغيث؟
أبالحب؟
لا، فلقد اعدموا الحب قبل الرحمة.ذلك الحب النقي ألغته الأحقاد من قاموس البشرية الصماء.
فصاح الطفل (بابا) أين ذلك الوالد الحنون ليخلصه من براثن الشيطان اللعين؟
أين ذلك الأب الذي نخر الزمان صدره؟ أين هو؟
لكن كلمة (بابا) خذلته هي الأخرى، لم تدركه بالنجاة، فصاح بألم (شوش) هذا الاسم هو أمله الوحيد فإذا خذله فذلك يعني الموت المحتوم، استسلم الطفل لضاربه، فارتطم رأسه بالجدار، ثم وقف يتمايل وكأن العالم من حوله يدور بسرعة جنونية، فخر بصمت، نظر إلى سقف الغرفة بألم، ثم همس: شوش....
فجأة فتح الباب، اقتحمت طفلة الغرفة ملقية بحقيبتها المدرسية، هرعت لتدرك الطفولة التي استغاثت بها، احتضنته وكأنها تريد أن تواريه عن عيون العالم المجرد، فأصابها ما أصابه. طفلة لم تتجاوز العاشرة صرخت في وجه التجبر:
أمي، لا تضربي حسن.
كان حسن متعلقا بعنقها، يحتمي خلف نبضات قلبها الصغير، ثم ارتعد عندما صرخت الأم بوحشية:
شروق، ابتعدي هذا ليس من شأنك، دعيني اربي هذا اللعين، فهو دائما يتبول في ملابسه، ولم ينطق كسائر الأطفال.
ارتعبت الطفلة ولكنها... لن تتخلى عن أخيها الحبيب، فلقد استغاث بها.
ناشدت شجاعتها، فاختطفت أخيها بحركة رشيقة إلى الغرفة المجاورة، ثم أقفلت الباب خلفها ونبضات قلبها تتدافع مرتاعة، لكن الشيطان ثار وبدأت النار في عينيه تتصارخ، ولعناته تسابق ضرباته للباب الذي يواري الطفولة المرتاعة.
كان جسد الأم ضخما جدا، يكفي بالطفولة أن تراه ستفيض روحها رعبا
إذا ما الذي سيحدث وهذا الجسد يجثو فوق صدر البراءة؟
ما هذا الجسد الذي تسكنه الشياطين الخبيثة؟ أخذت الأم تضرب الباب بعنف وهي تصرخ بصوت لا يشبه صوت البشر: شروق، قسما بالله لأضربنك ضربا مبرحا.
جمدت شروق محتارة أتفتح الباب للشيطان ليجهز على الطفولة المحتضرة؟
خطرت لها فكرة، فتحت باب المنضدة وهي تبتسم:
حسن حبيبي، سنلعب لعبة، أختبئ هنا.
قبلته وأغلقت الباب الصغير، ثم ناشدت شجاعتها ثانية، وفتحت باب الغرفة فانقض الوحش على فريسته ليمزقها:
أتغلقين الباب في وجهي؟
أشبعتها ضربا، وبكل صمت خرت، تقتل صرختها قبل أن تولد، صراخ الأم أرعب حسن فخرج يعدوا متجها نحو أخته وهو يتمايل مازال العالم من حوله يدور، فختمت الأم مذبحتها بصفع حسن بعد أن سمعت صوت الباب الخارجي فخرجت.
تسلق جسد أخته يناشدها بقبلات صامتة، وعلى خذه تجسدت كف الشيطان، فصاح بها: شوش.
لكنها لم تجيبه، الخذلان ليس من شيمها، هل سترحل وتتركه يواجه عالم أقبرت فيه الإنسانية؟ آه... أقبروها بلا غسل، ولا كفن، وأدوها وكأننا في عصر الجاهلية الغبراء.
كان يصغي لنبضات قلبها يترجمها إلى أنشودة طفولية، وبعد أن فتحت عينيها مستجيبة لندائه ابتسم من خلف دموعه.
جاء الأب ليأخذ حقيبة سفره، ثم تسأل:
ما بال حسن يمشي وهو يترنح؟
أجابت ببساطة: لقد ضربت رأسه بالجدار.
تألم لذلك.ودعهم سريعا، وأخبرهم بأنه سيغيب شهر، ثم رحل بصعوبة بسبب تعلق حسن بثيابه صارخاً (بابا) لكن الأم أبعدته بقسوة ونهرته، فخرج الأب. كان حسن متعلقا بأبيه لأنه كان يلبسه، ويطعمه، ويحضنه بين ذراعيه حتى ينام، هو مصدر الأمان، أما أمه فلم تكن تكترث لأمره.
ضحكت الأم ضحكات شيطانية، واستلت هاتفها لتجري مكالمة.
وبعد ساعة أدخلت شروق وحسن غرفتهما، وأقفلت الباب، ولكنها نسيت المفتاح في الباب.
أشعلت الشموع، وتجملت ولكن ذلك لم يشفع لبشاعتها، ثم رن الجرس معلنا عن ضيف، أدخلته إلى غرفتها.من هذا الرجل؟ لكن لماذا؟ وبأي حق؟ وكيف يدخل؟
كان صوت آلة التسجيل مرتفعا تصرخ بأغاني لعينة، كانت ضحكاتهما تعلو وتنخفض، فجأة فتح الباب....!!
فهي لم تكلف نفسها بإقفال الباب، فشخصت ببصرها، وسحقت ضحكاتها أيعقل؟ كيف شوهدت بهذا المنظر البشع الخليع؟
والرجل الذي كان بصحبتها جمد في مكانه وكاد يخر مرعوبا.
ما هذه الوقاحة والجرأة؟ أين المبادئ والقيم عن هذه الإنسانة الفاسدة؟
كان زوجها ينظر إليها، وحسن يقف من خلفه واضعا يده في فمه ببراءة.
جمد الزوج من هول المنظر فلم يحرك ساكنا، فاستغل الرجل ذلك وفر هاربا.نطق بعد صمت مريع وليته لم ينطق: أمل...
أغلقت فمه بضربات على صدره، أيعقل امرأة تضرب زوجها لأنه كشف خيانتها؟ ما هذه المرأة الخبيثة؟ وما هذا الرجل الجبان الذي لا ينقذ كرامته التي مزقتها بمخالبها النجسة؟ وكيف استطاعت السيطرة عليه؟
ثم هرب خارجا، هكذا، انسحب متخليا عن رجولته، وشرفه هشم أمام عينيه، وعرضه الذي تحول إلى ملكية عامة متداولة بين خنازير في صورة رجال. ارتدى حسن حذائه، وخرج مسرعا يصيح يريد احتضان أبيه الذي يقف في الشارع المقابل، وخرجت شروق خلفه، لكن هنالك من سبقها إليه، صرخة اعتلت لكنها ليست بصرخة بشر، وإنما هي صرخة فرامل السيارة التي دهست حسن، وقذفته بعيدا محتكا بالأرض الملتهبة معفرا بالتراب، وحذائه الصغير طار بعيدا وكأنه يعلن تمرده على الواقع.
احتضن حسن الأرض بكل صمت، لم يصرخ أبدا، وكأنه يناشدها بصمته أن تضمه إليها وتواريه خلف رمالها.
هرع إليه أبوه مصعوقا، وصور حسن تتدافع في مخيلته، من صرخته الأولى حتى مصرعه. سحقا لتلك العجلات التي سحقته، ولم ترحم لين عظامه. أيتها العجلات اللعينة حتى أنت لم ترأفِ بالبراءة! إنه طفل رقيق ألا تبصرين ذلك؟! إنه ضعيف فكيف ترضين بسحقه هكذا؟! أناشدك أن ترحمي يتمه أتوسل إليك ناشدي عجلة الزمان أن تعود لعلنا نغير الحاضر.
احتضنه والده ينتحب فسمع شهقاته الرقيقة، وشعر بأنفاسه الدافئة، ارتعش وكأن روحه ستهجره، حمله بين ذراعيه يعدوا كالمجنون إلى المستوصف القريب، وشروق تنتحب من خلفه.
وبعد الكشف الطبي، صرح الطبيب بالحقيقة الجريحة:
ابنك في غيبوبة يعاني من موت دماغي.
صرخ الأب: سأنقله إلى أفضل مستشفى.
ابنك يعتبر ميت، حتى لو كان قلبه ينبض فخلايا دماغه أتلفت، فهذه تعتبر مسألة وقت.
مال هذا الطبيب قد تحجر قلبه؟ لما يقتل الأمل؟ ولما يحرق الطفولة المسحوقة؟
آهي... وألف آه... هجر حسن العالم بعد شهر من العذاب، رحل ولم يودع أحدا، وفي يوم تشيع البراءة اتصلت فتاة تصرخ بالأب:
يا أخي أتريد دفنه دون أن نراه؟ أنا قادمة.
لا نستطيع الانتظار.
صرخت بقلب يحترق: قل لأمل أبعدتنا عنه فخرسنا، شوهت سمعتنا فخرسنا، منعتنا من زياراته فخرسنا، لكن تدفنوه بعيدا دون أن نراه فلا وألف...لا.
وصلت وصرخاتها تسبق خطواتها، رفعت الغطاء عن وجهه الملائكي واحتضنته بلهفة تقبله فصاحت تناشده بعد أن أخذوه ليقبروا طفولته:
آه....يا بن أخي بأي حال رحلت عنا؟
رحلت مكسور الجمجمة!
رحلت مكسور الساق!
رحلت مكسور الخاطر!
كيف رحلت ولم تكمل سنواتك الست؟
آه.... وآه... وآه...
عد يا حبيبي، واهمس بأذني... عمة
آه.... يا بن أخي
هلم لعمتك التي هجرتها فجأة
دعني أقبَّل وجنتيك، وعينيك، وقدميك
أتذكر كيف كنت تقفز وابتسامتك تسلب فؤادي؟
آه... يا فؤادي
كنت في هذه السنة سترتدي ملابس المدرسة
فكيف لبست الكفن؟
لا، يا حبيب عمتك هذه الملابس لا تليق بوجهك الملائكي
كان لقائنا الأخير هو بداية الفراق اللعين
آه...ما أقساني...! كيف رأيتك؟
رأيتك بعيني فتمنيت الفناء، رأيتك بالكفن الأبيض
رأيتك... آه... رأيتك، الويل لي فقد كنت بصيرة ولكن بعد رؤيتك أصبحت ضريرة...
هجرتني ولم أتزود من عينيك
كنت مغمض العينين
لماذا يا حبيبي عندما طبعت قبلتي لم تفتح عينيك... لتنظر إلي...؟
آه... أيا حسن....
ليتهم أقبروك في أحضاني؛لأغني لك أنشودة حتى تغرق في حناني
أتدري، ما الذي حل بعمتك بعدك؟
سلب عقلها، وهشم قلبها
عمتك تحترق يا ملا كي الصغير
ضمني إليك... وأطفئ ناري
كيف رضيت باحتضاري... الذي ابتدأ اليوم... وليس بعده موت؟
أبعدوك عنا، ولكنك سكنت قلوبنا
أقبروك بعيد عن اهلك...آه... يا حسن.... آه... يا غريب
حتى لو جاء بعدك ألف... حسن
ستظل أنت ملاكي البريء
لن أنساك ما حييت رغم فقر اللحظات التي جمعتنا
حلق... حلق
حلق يا حبيبي إلى الجنان... لتلامس الحنان المفقود
حلق... حلق... يا حبيب عمتك
ولكن هل لي بزيارة خاطفة ولو بالأحلام؟
رفرف... بجناحيك فوقنا
عزائنا الوحيد انك من أهل الجنة
وبراءتك لم تدنسها الدنيا
حلق... حلق.... حلق... ورفرف بجناحيك.
أما أمل ضلت تعفر تراب قبر ابنها بعد أن أصيبت بمرض الإيدز لعله يطهرها.
أن حسن نعمة لا يستحقونها، وأمانة دهست ببساطة ولكنها عادت لصاحبها مسحوقة.

اختكم
ملاك الروح
روايه الى اعز صديقاتي

قصة أقرب إلى المقالة
فالواضح من سرديتها المباشرة
هناك اسهابية في التقدمة ضيعت معنى النص
فيها الحس الانساني
وفيها من الواقع دلالاتها السردية والمشهدية
هناك لغة شعرية تتناوب بالنص
نص مؤلم
سلمت
ولك تحاياي

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد
نبده عن المؤلفه
(ص-م-ز)
من القطيف
من مواليد 1406
حاصله على بكلويس في تربيه الخاصه من كليه التربيه بجامعم الملك سعود بالرياض بتقدير ممتاز بمرتبة الشرف الثانيه لعام 1429ه
حاصله على المركز الاول في مسابقه القصه القصيرة طفوله تحترق على مستوى جامعه الملك سعود
حاصله على المركز الثاني في مسابقه معرض الطالبه المبدعه بقصه امل متمرد على مستوى جامعه الملك سعود
حاصه على المركز الثاني في مسابقة القصه القصيره بقصه خطوات داميه في منتدى الشباب الثقافي

حازت على نسبه89% في قصه ملاكي البري على مستوي الخليج برعاية الاديبه خوله القزويني
وهي ايضا عضوه في مهرجان جائزه القطيف
تفضلو القصه

((ملاكي البريء))

قصة واقعية رفضت إنهاءها
وكسرت قلمي رافضة المضي
وهجرتها بأسطر مبتورة
آهي...
لكن الزمان لطمني بقسوة، وأجبرني على المضي
آه... يا زماني القاسي!
كيف أمضي بوجه مهشم ويد مبتورة؟ !
سبقتني ولم تمهلني حتى لحظة
تلك ليست نهايتي، أو هي نهايتي لست أدري، ولا أريد أن أدري
أبدلت قلمي الكسير لأنتقم منك، ولكنه جف وخذلني
لكن ذلك لم يوقفني
فاليوم غرست قلمي في قلبي المهشم ليرتوي بدمائي
فهذه القصة خططتها بدم قلبي، ودموعي هي نقاط سكنت الحروف الملطخة
حروفي أتحدت بعد تناحر طال
بعثروا كلماتي
أبحثوا عن الحقيقة مابين سطوري الدامعة
لا... لن تطيقوا ذلك فهي قصة
تعارك فيها الواقع والخيال، وأشتد القتال بينهما
لكن من الذي أنتصر في النهاية؟
أنا التي انتصرت...
فلقد ضممت الواقع والخيال
إلى صدري
وأصلحت بينهما ليصبحا روحين في جسد قصتي المحتضرة
ملاكي البريء...

افتحوا أعينكم للحقيقة المكفوفة، وأنصتوا إلى صوت الضمير الأبكم، فهذه هي نهاية العالم، فالموت يعشش بيننا... لا، وألف لا، لن ننتهي هكذا.
لكن أهذه حقيقة أم خيال؟ أم إن الخيال أصبح هو الواقع والواقع أضحى خيال كلمتان احتضنتا بعضهما في روح واحدة...
كيف لا يحدث هذا ونحن في عالم الإنسانية المجردة؟ ونحن بكل فخر نغرس رؤوسنا في التراب جبناء، لكن ما الذي نخشاه؟ وما الذي نفر منه؟
وما الذي يتبعنا أينما ذهبنا؟
الحقيقة التي لا مفر منها إن نفوس البشرية عليلة، خرت الإنسانية محمومة في لحظات خاطفة.
مال هذا الزمان يتكالب علينا ويعلن تمرده حتى على البراءة التي سكنت الهامش؟
لكن فات الأوان فصرخاتنا المعترضة تجهض قبل التكوين.
لكن ما السبيل والنار الصارخة بالجحيم تجبرت واستعبدت الحنان؟
وعلى قارعة الطريق ما الذي حدث؟
لقد أعدمت الرحمة على مرأى العالم، فما كان من البشرية سوى الاحتفال والرقص على أنين الاحتضار.
فكيف بالرحمة أن تدرك ذلك الطفل الرقيق الذي يصرخ مستغيثا بها؟
كيف تدركه وهي قد قتلت جورا بلا ذنب؟ كيف تنقذ سنواته الخمس وهي معدمة؟
نظر الطفل إلى ضاربه بعينيه الواسعتين يناشده بدموعه، لكن حتى البراءة لم تشفع له.
يريدون اغتصاب طفولته، ولكنه يقاوم بالأنين، فصرخ الواقع القاسي:
لقد ماتت الرحمة، ماتت ودفنت منذ زمن بعيد.
فبمن الآن ستستغيث؟
أبالحب؟
لا، فلقد اعدموا الحب قبل الرحمة.ذلك الحب النقي ألغته الأحقاد من قاموس البشرية الصماء.
فصاح الطفل (بابا) أين ذلك الوالد الحنون ليخلصه من براثن الشيطان اللعين؟
أين ذلك الأب الذي نخر الزمان صدره؟ أين هو؟
لكن كلمة (بابا) خذلته هي الأخرى، لم تدركه بالنجاة، فصاح بألم (شوش) هذا الاسم هو أمله الوحيد فإذا خذله فذلك يعني الموت المحتوم، استسلم الطفل لضاربه، فارتطم رأسه بالجدار، ثم وقف يتمايل وكأن العالم من حوله يدور بسرعة جنونية، فخر بصمت، نظر إلى سقف الغرفة بألم، ثم همس: شوش....
فجأة فتح الباب، اقتحمت طفلة الغرفة ملقية بحقيبتها المدرسية، هرعت لتدرك الطفولة التي استغاثت بها، احتضنته وكأنها تريد أن تواريه عن عيون العالم المجرد، فأصابها ما أصابه. طفلة لم تتجاوز العاشرة صرخت في وجه التجبر:
أمي، لا تضربي حسن.
كان حسن متعلقا بعنقها، يحتمي خلف نبضات قلبها الصغير، ثم ارتعد عندما صرخت الأم بوحشية:
شروق، ابتعدي هذا ليس من شأنك، دعيني اربي هذا اللعين، فهو دائما يتبول في ملابسه، ولم ينطق كسائر الأطفال.
ارتعبت الطفلة ولكنها... لن تتخلى عن أخيها الحبيب، فلقد استغاث بها.
ناشدت شجاعتها، فاختطفت أخيها بحركة رشيقة إلى الغرفة المجاورة، ثم أقفلت الباب خلفها ونبضات قلبها تتدافع مرتاعة، لكن الشيطان ثار وبدأت النار في عينيه تتصارخ، ولعناته تسابق ضرباته للباب الذي يواري الطفولة المرتاعة.
كان جسد الأم ضخما جدا، يكفي بالطفولة أن تراه ستفيض روحها رعبا
إذا ما الذي سيحدث وهذا الجسد يجثو فوق صدر البراءة؟
ما هذا الجسد الذي تسكنه الشياطين الخبيثة؟ أخذت الأم تضرب الباب بعنف وهي تصرخ بصوت لا يشبه صوت البشر: شروق، قسما بالله لأضربنك ضربا مبرحا.
جمدت شروق محتارة أتفتح الباب للشيطان ليجهز على الطفولة المحتضرة؟
خطرت لها فكرة، فتحت باب المنضدة وهي تبتسم:
حسن حبيبي، سنلعب لعبة، أختبئ هنا.
قبلته وأغلقت الباب الصغير، ثم ناشدت شجاعتها ثانية، وفتحت باب الغرفة فانقض الوحش على فريسته ليمزقها:
أتغلقين الباب في وجهي؟
أشبعتها ضربا، وبكل صمت خرت، تقتل صرختها قبل أن تولد، صراخ الأم أرعب حسن فخرج يعدوا متجها نحو أخته وهو يتمايل مازال العالم من حوله يدور، فختمت الأم مذبحتها بصفع حسن بعد أن سمعت صوت الباب الخارجي فخرجت.
تسلق جسد أخته يناشدها بقبلات صامتة، وعلى خذه تجسدت كف الشيطان، فصاح بها: شوش.
لكنها لم تجيبه، الخذلان ليس من شيمها، هل سترحل وتتركه يواجه عالم أقبرت فيه الإنسانية؟ آه... أقبروها بلا غسل، ولا كفن، وأدوها وكأننا في عصر الجاهلية الغبراء.
كان يصغي لنبضات قلبها يترجمها إلى أنشودة طفولية، وبعد أن فتحت عينيها مستجيبة لندائه ابتسم من خلف دموعه.
جاء الأب ليأخذ حقيبة سفره، ثم تسأل:
ما بال حسن يمشي وهو يترنح؟
أجابت ببساطة: لقد ضربت رأسه بالجدار.
تألم لذلك.ودعهم سريعا، وأخبرهم بأنه سيغيب شهر، ثم رحل بصعوبة بسبب تعلق حسن بثيابه صارخاً (بابا) لكن الأم أبعدته بقسوة ونهرته، فخرج الأب. كان حسن متعلقا بأبيه لأنه كان يلبسه، ويطعمه، ويحضنه بين ذراعيه حتى ينام، هو مصدر الأمان، أما أمه فلم تكن تكترث لأمره.
ضحكت الأم ضحكات شيطانية، واستلت هاتفها لتجري مكالمة.
وبعد ساعة أدخلت شروق وحسن غرفتهما، وأقفلت الباب، ولكنها نسيت المفتاح في الباب.
أشعلت الشموع، وتجملت ولكن ذلك لم يشفع لبشاعتها، ثم رن الجرس معلنا عن ضيف، أدخلته إلى غرفتها.من هذا الرجل؟ لكن لماذا؟ وبأي حق؟ وكيف يدخل؟
كان صوت آلة التسجيل مرتفعا تصرخ بأغاني لعينة، كانت ضحكاتهما تعلو وتنخفض، فجأة فتح الباب....!!
فهي لم تكلف نفسها بإقفال الباب، فشخصت ببصرها، وسحقت ضحكاتها أيعقل؟ كيف شوهدت بهذا المنظر البشع الخليع؟
والرجل الذي كان بصحبتها جمد في مكانه وكاد يخر مرعوبا.
ما هذه الوقاحة والجرأة؟ أين المبادئ والقيم عن هذه الإنسانة الفاسدة؟
كان زوجها ينظر إليها، وحسن يقف من خلفه واضعا يده في فمه ببراءة.
جمد الزوج من هول المنظر فلم يحرك ساكنا، فاستغل الرجل ذلك وفر هاربا.نطق بعد صمت مريع وليته لم ينطق: أمل...
أغلقت فمه بضربات على صدره، أيعقل امرأة تضرب زوجها لأنه كشف خيانتها؟ ما هذه المرأة الخبيثة؟ وما هذا الرجل الجبان الذي لا ينقذ كرامته التي مزقتها بمخالبها النجسة؟ وكيف استطاعت السيطرة عليه؟
ثم هرب خارجا، هكذا، انسحب متخليا عن رجولته، وشرفه هشم أمام عينيه، وعرضه الذي تحول إلى ملكية عامة متداولة بين خنازير في صورة رجال. ارتدى حسن حذائه، وخرج مسرعا يصيح يريد احتضان أبيه الذي يقف في الشارع المقابل، وخرجت شروق خلفه، لكن هنالك من سبقها إليه، صرخة اعتلت لكنها ليست بصرخة بشر، وإنما هي صرخة فرامل السيارة التي دهست حسن، وقذفته بعيدا محتكا بالأرض الملتهبة معفرا بالتراب، وحذائه الصغير طار بعيدا وكأنه يعلن تمرده على الواقع.
احتضن حسن الأرض بكل صمت، لم يصرخ أبدا، وكأنه يناشدها بصمته أن تضمه إليها وتواريه خلف رمالها.
هرع إليه أبوه مصعوقا، وصور حسن تتدافع في مخيلته، من صرخته الأولى حتى مصرعه. سحقا لتلك العجلات التي سحقته، ولم ترحم لين عظامه. أيتها العجلات اللعينة حتى أنت لم ترأفِ بالبراءة! إنه طفل رقيق ألا تبصرين ذلك؟! إنه ضعيف فكيف ترضين بسحقه هكذا؟! أناشدك أن ترحمي يتمه أتوسل إليك ناشدي عجلة الزمان أن تعود لعلنا نغير الحاضر.
احتضنه والده ينتحب فسمع شهقاته الرقيقة، وشعر بأنفاسه الدافئة، ارتعش وكأن روحه ستهجره، حمله بين ذراعيه يعدوا كالمجنون إلى المستوصف القريب، وشروق تنتحب من خلفه.
وبعد الكشف الطبي، صرح الطبيب بالحقيقة الجريحة:
ابنك في غيبوبة يعاني من موت دماغي.
صرخ الأب: سأنقله إلى أفضل مستشفى.
ابنك يعتبر ميت، حتى لو كان قلبه ينبض فخلايا دماغه أتلفت، فهذه تعتبر مسألة وقت.
مال هذا الطبيب قد تحجر قلبه؟ لما يقتل الأمل؟ ولما يحرق الطفولة المسحوقة؟
آهي... وألف آه... هجر حسن العالم بعد شهر من العذاب، رحل ولم يودع أحدا، وفي يوم تشيع البراءة اتصلت فتاة تصرخ بالأب:
يا أخي أتريد دفنه دون أن نراه؟ أنا قادمة.
لا نستطيع الانتظار.
صرخت بقلب يحترق: قل لأمل أبعدتنا عنه فخرسنا، شوهت سمعتنا فخرسنا، منعتنا من زياراته فخرسنا، لكن تدفنوه بعيدا دون أن نراه فلا وألف...لا.
وصلت وصرخاتها تسبق خطواتها، رفعت الغطاء عن وجهه الملائكي واحتضنته بلهفة تقبله فصاحت تناشده بعد أن أخذوه ليقبروا طفولته:
آه....يا بن أخي بأي حال رحلت عنا؟
رحلت مكسور الجمجمة!
رحلت مكسور الساق!
رحلت مكسور الخاطر!
كيف رحلت ولم تكمل سنواتك الست؟
آه.... وآه... وآه...
عد يا حبيبي، واهمس بأذني... عمة
آه.... يا بن أخي
هلم لعمتك التي هجرتها فجأة
دعني أقبَّل وجنتيك، وعينيك، وقدميك
أتذكر كيف كنت تقفز وابتسامتك تسلب فؤادي؟
آه... يا فؤادي
كنت في هذه السنة سترتدي ملابس المدرسة
فكيف لبست الكفن؟
لا، يا حبيب عمتك هذه الملابس لا تليق بوجهك الملائكي
كان لقائنا الأخير هو بداية الفراق اللعين
آه...ما أقساني...! كيف رأيتك؟
رأيتك بعيني فتمنيت الفناء، رأيتك بالكفن الأبيض
رأيتك... آه... رأيتك، الويل لي فقد كنت بصيرة ولكن بعد رؤيتك أصبحت ضريرة...
هجرتني ولم أتزود من عينيك
كنت مغمض العينين
لماذا يا حبيبي عندما طبعت قبلتي لم تفتح عينيك... لتنظر إلي...؟
آه... أيا حسن....
ليتهم أقبروك في أحضاني؛لأغني لك أنشودة حتى تغرق في حناني
أتدري، ما الذي حل بعمتك بعدك؟
سلب عقلها، وهشم قلبها
عمتك تحترق يا ملا كي الصغير
ضمني إليك... وأطفئ ناري
كيف رضيت باحتضاري... الذي ابتدأ اليوم... وليس بعده موت؟
أبعدوك عنا، ولكنك سكنت قلوبنا
أقبروك بعيد عن اهلك...آه... يا حسن.... آه... يا غريب
حتى لو جاء بعدك ألف... حسن
ستظل أنت ملاكي البريء
لن أنساك ما حييت رغم فقر اللحظات التي جمعتنا
حلق... حلق
حلق يا حبيبي إلى الجنان... لتلامس الحنان المفقود
حلق... حلق... يا حبيب عمتك
ولكن هل لي بزيارة خاطفة ولو بالأحلام؟
رفرف... بجناحيك فوقنا
عزائنا الوحيد انك من أهل الجنة
وبراءتك لم تدنسها الدنيا
حلق... حلق.... حلق... ورفرف بجناحيك.
أما أمل ضلت تعفر تراب قبر ابنها بعد أن أصيبت بمرض الإيدز لعله يطهرها.
أن حسن نعمة لا يستحقونها، وأمانة دهست ببساطة ولكنها عادت لصاحبها مسحوقة.

اختكم
ملاك الروح
روايه الى اعز صديقاتي