نهضة الحسين وتقاعس الأتباع !
إن من الحكمة أن يراقب الإنسان تصرفاته ويحاسب نفسه عليها مستندا إلى المعايير الشرعية التي قننتها السماء بأحسن تقنين . وليس صحيحا – بل مجازفة – أن يترك الإنسان نفسه وشأنها فكل واحد منا بحاجة إلى جردٍ يومي يجعل من واحدنا على بصيرة من أمره ( بل الإنسان على نفسه بصيرة ) .
ومشوار الحياة للفرد المؤمن ليس مشوارا عبثيا بعد أن آمن بالمعاد وجزاء رب العباد . فالحال مختلف تماما عما يعتقده غيره وبالتالي لا بد من شكر المنعم جل وعلا على نعمة الإسلام والإيمان من خلال السلوك العملي حيث أن الإسلام رسالة عملية تسير وتخترق كل مفاصل الواقع .
ومن أهم المكاسب والفيوضات الإلهية على العباد يكمن في إرسال الصالحين المصلحين ليأخذوا بأيدي البشر حيث الهداية والنعيم . ومن هؤلاء العظماء هو قدوة الأحرار وسيد الثوار أمامنا الحسين عليه السلام والذي إتسمت صفحته المشرقة بالتضحية والجهاد والثورة على الفاسدين المفسدين الذين كانوا يتغلغلون تارة ويتربعون أخرى على دفة الحكم . فجسّد عليه السلام أروع صور المعارضة السياسية المتسمة بالتضحية الواعية التي لطالما أكدت عليها الشريعة المقدسة، حيث لا ميزان للتضحية إلا إذا كانت في سبيل الحق وأهله وإلا فلا قيمة لتضحية في عكس ذلك بل جزاؤها السعير .
وبعد كل هذا العمق التأريخي والعقائدي والسياسي لثورة عاشوراء المباركة جدير بنا بل وعلينا أن نسأل أنفسنا عن حقيقة المكاسب التي يفترض أن نجدها ماثلة في جوهر سلوكنا اليومي وهل أن الحسين عليه السلام فخور بشيعته اليوم أم أنه يرى أنها – شيعته – تسير بالاتجاه المعاكس لأهدافه الخالدة ؟
وهل إمتلكنا شجاعة الحسين وأصحابه فنقول كلمة الحق أمام السلطان الجائر ؟ أم إننا ساهمنا في تنصيبه ؟ ودافعنا عنه ؟ وروّجنا له ؟ ورضينا بأفعاله ؟ وسكتنا عن ظلمه ؟
ومن الجدير أيضا أن نتذكر أن أعداء الحسين قد بكو عليه ، لذا فليس كل من بكى على الحسين فهو من أنصاره ؟ أتقتنعون أن عمر بن سعد يحسب على الأنصار كونه بكى على الحسين عليه السلام ؟
ثم أن الحسين عليه السلام لولا ( لائه ) التاريخية لما تعرض إلى الظلم والإضطهاد وإلى كل تلك المأساة فما لنا اليوم نفرط بـ ( لائه ) ونستبدلها بـ ( نعم ) ؟
أنسينا أننا ننتمي إلى المدرسة الرافضية ؟ أنسينا أنفسنا حينما نردد كلمات القصيدة الشهيرة ( أنت وعي وخط ممانع لم تكن للطواغيت خاضع ) ؟
والآن .. ونحن نعيش في عراق الظلم والإضطهاد حيث الفقر والجوع والحرمان والخوف والقتل والتهجير والفساد المالي والإداري والمحاصصة والطائفية والمحسوبية والكذب والنفاق والخداع .. وسنوات تجاوزت السبع ونفس السيناريو ونفس الوجوه ونفس الأكاذيب ومن سيء إلى أسوء فيا ترى لو كان الحسين حاضرَ الانتخابات وحاضرَ مهازل وكوارث حكومة اليوم فهل سينتخب هؤلاء السياسيين الفاسدين المفسدين المخادعين وهل سيسكت عن حكومتهم المتورطة إبتداءا من رئيس الوزراء إلى الوزراء والبرلمانيين وبقية الأسماء السياسية المتسلطة ؟ أم انه سلام عليه لسان حاله : ( قلتَ كلا وكلا أمية .. إنني لا أبيع القضية ) ؟