التشبيه
التّشبيه: بيان أن شيئاً أو أشياء شاركت غيرها في صفة أو أكثر، بأداة هي الكاف أو نحوها، ملفوظة أو غير ملفوظة.
وتنشأ بلاغة التّشبيه من أنه ينتقل بك من الشيء نفسه إلى شيء طريف يُشبهه، أو صورة بارعةٍ تمثّله، وكلما كان هذا الانتقال بعيداً لا يخطر على البال، أو ممتزجاً بقليل أو كثير من الخيال، كان التّشبيه أروع للنفس وأدعى إلى إعجابها واهتزازها.
فلو قلنا: إنّ فلاناً يُشبه فلاناً في الطول، أو أن الأرض تشبه الكرة، لم يكن لهذه التشبيهات أثر للبلاغة، لظهور المشابهة، وعدم احتياج العثور عليها إلى براعة وجهد أدبي، ولخلوّها من الخيال.
وقد جرى (أي اعتاد) العرب على تشبيه الجواد بالبحر والمطر، والشجاع بالأسد، والوجه الحسن بالشمس والقمر، والعالي المنزلة بالنجم، والحليم الرزين بالجبل، والأماني الكاذبة بالأحلام....
أركان التشبيه
قال الشاعر:
أنتَ كالليث في الشجاعة والإقـ دام، والسيفِ في قراعِ الخطوب
لقد رأى الشاعر ممدوحه متصفاً بوصفين، هما: الشجاعة ومصارعة الشدائد، فبحث له عن نظيرين في كلّ منهما تظهر إحدى هاتين الصفتين قوية، فشبهه بالأسد في الأولى، وبالسيف في الثاني، وبيّن هذه المضاهاة بأداة هي الكاف.
فنحن نرى أن شيئاً جُعِل مثيلَ شيء في صفة مشتركة بينهما، وأن الذي دلّ على هذه المماثلة أداة هي الكاف، وهذا ما يُسمّى بالتشبيه، وله أركان أربعة:
الشيء الذي يُراد تشبيهه، ويُسمّى المشبّه.
والشيء الذي يُشبَّه به بين الطرفين، ويُسمّى المشبّه به.
والصفة المشتركة بين الطرفين، وتسمّى وجه الشّبه، ويجب أن تكون الصفة في المشبّه به أقوى وأشهر منها في المشبّه.
ثمّ أداة التّشبيه، وهي الكاف وكأنّ ونحوهما.
ولابدّ في كلّ تشبيه من وجود الطرفين، وقد يكون المشبّه محذوفاً، ولكنّه يُقدّر في الإعراب، وهذا التقدير بمثابة وجوده، كما إذا أجبنا على السؤال: كيف سلمى؟ فقلنا: "كالزهرة الذابلة"، فإنّ الزهرة خبر لمبدأ محذوف، والتقدير هي الزهرة الذابلة، وقد يحذف وجه الشبه وقد تُحذف الأداة.
أقسام التّشبيه
للتشبيه أقسام عديدة، وفق ما مرّ بنا من غياب بعض أركان التّشبيه، وهذه الأقسام هي:
التشبيه المرسل، وهو ما ذُكرت فيه الأداة. مثل: سرنا في ليل بهيم كأنه البحر ظلاماً.
التشبيه المؤكّد، وهو ما حُذفت منه الأداة.
التّشبيه المجمل، وهو ما حُذف منه وجه الشّبه.
التشبيه المفصّل، وهو ما ذكر فيه وجه الشّبه.
التشبيه البليغ، وهو ما حُذفت منه الأداة ووجه الشّبه.
أغراض التّشبيه
أغراض التّشبيه كثيرة، منها ما يأتي
أ- بيان مكانة المشبّه: وذلك حين يُسند إليه أمر مستغرب لا تزول غرابته إلاّ بذكر شبيه له.
ب- بيان حاله: وذلك حينما يكون المشبّه غير معروف الصفة قبل التّشبيه، فيعطيه التشبيهُ الوصفَ.
ج- بيان مقدار حاله: وذلك إذا كان المشبّه معروف الصفة قبل التّشبيه معرفة إجمالية، وكان التّشبيه يُبيّن مقدار هذه الصفة.
د- تقرير حاله: كما إذا كان ما أُسند إلى المشبّه يحتاج إلى التّثبيت والإيضاح بالمثال.
هـ- تزيين المشبّه أو تقبيحه .