ماذا أقولُ بمن فـي مدحِـهِ نزلـت *** آيــاتُ صــدقٍ أمــات الله مخفيـهـا<!-- / message --><!-- sig -->
قد حاربتـه رجـالٌ لا عديـدَ لهـا *** عـلَّ المكـارمَ عـن معـنـاه تُقصيـهـا
وقاتلوا كـلَّ مـن والاهُ واختلقـوا *** لشانئـيـهِ فـلـم تـنـفـعْ طواغـيـهـا
فراعَهُمْ أنهـم فـي فعلهـم ختمـوا *** علـى معالـيـهِ أنْ لا شــيءَ يُنسيـهـا
تبقى مدى الدهرِ نبراساً تُضيءُ لنـا *** دربـاً يُكابـد وَقْــدَ الجـمـرِ ماشيـهـا
يرى بعينيهِ ما ينـدى الجبيـنُ لـه *** مــن المـهـازلِ والبـلـوى تُقَّفـيـهـا
قد ضلَّ إثنانُ فـي معـاهُ ذو مِقَـةٍ *** غــالٍ وذو إِحَــنٍ هيـهـاتَ يُطفيـهـا
وشايعتهُ كـرامٌ فـي المعـادِ غـداً *** من حوضِـهِ الجَـمِّ مـاءَ الخلـدِ يَسقيهـا
بأنّهم لذمـارِ المصطفـى حفطـوا *** إنَّ العهـودَ بـبـذلِ النـفـس تَحميـهـا
عاشت عليّاً كما قال الرسـولُ لـهُ *** أنـتَ الصّـراطُ مـن الأهـوالِ تُنجيـهـا
وكيف لا ولنفسِ المصطفـى مَثَـلٌ *** كـان النبـيُّ علـى التـقـوى يُربّيـهـا
هذا عليٌّ ومُلْكُ الكـونِ فـي يـدِهِ *** زهـدٌ كسـاهُ مــن الأثــوابِ باليـهـا
لعلَّ في الأرضِ من لا قوتَ يُشبعُهُ *** والجـوعُ للنفـسِ مـوتٌ ليـس يُخطيهـا
يُزهي العُفاةَ وليُّ الأمـرِ أفقرَهَـم *** عـلـى المـكـارِ والجُـلّـى يواسيـهـا
نفسي الفداءُ لنعـلٍ كـان يخصفُهـا *** وعنـده مـن كـنـوزِ الأرض غاليـهـا
يأتي على الألفِ في الهيجاءِ صارمُهُ *** وألـفُ ركعـةِ فــي يــومٍ يُصلّيـهـا
شعارُهُ الجوعُ لا يُغنيهِ مـن سَغَـبٍ *** قــوتٌ وليلـتـهُ بالـذّكـرِ يَطـويـهـا
على الصعيدِ أعارَ الليـلَ وحشتَـهُ *** بِعَـبْـرةٍ تُـحـزنُ الثّكـلـى وتُشجيـهـا
ترى السماءُ علاها يرتمـي جَسَـداً *** فتسكـبُ العيـنُ مـن شجـوٍ دراريـهـا
نامت عيونٌ وأنفاسُ الورى هدأتْ *** ونفـسَـهُ بلهـيـبِ الـشّـوقِ يوريـهـا
تضجُّ فـي سمعِـهِ نـارٌ مُسَجّـرةٌ *** ونفـحـةٌ مــن رجــاءِ الله تُطفيـهـا
يتلـو الكتـابَ فتُبكـيـهِ تـلاوتُـهُ *** وفـقـدُ أحـمـدَ لـلآيــاتِ يُبكـيـهـا
فيستريـحُ إلـى رؤيـا تسـامـرُهُ *** بـرؤيـةٍ مــن رســولِ الله مُهديـهـا
يبثُّـهُ هـمَّ مـا يلقـاهُ مـن مِحَـنٍ *** مـن أمّـةٍ دينُـهـا أضـحـى يُعانيـهـا
فيبزغُ الفجـرُ عـن وجـهٍ لهيبتِـهِ *** تعنـوا الملـوكُ حيـاءً مــن تجلّيـهـا
وإنْ تبسّمَ تُغضي الشمسُ من خَجَلٍ *** بَـرْقُ الثنايـا عـن الإشــراقِ يَكفيـهـا
تجري السماحةُ فـي كفّيـهِ سابقَـةً *** رأيـاً علـى شَمَـمِ الإيـثـارِ يُجريـهـا
لم تعرفِ التِّبْرَ حتى قـال مادحُهـا *** أنــتِ فـإنّـكِ للعـافـيـنَ تُثـريـهـا
وإنْ تكلَّـمَ فالإعـجـازِ مَنطـقُـهُ *** والنـاسُ عـن دُرَرِ الأصـدافِ يُلهيـهـا
يُهدي البلاغةَ مـن مكنونِـهِ جُمَـلاًً *** أَربابُـهـا ببلـيـغِ الـقـولِ تُطـريـهـا
في كلِّ سَمْعِ لها مـن وَقْعِهـا نَغَـمٌ *** مُـشْـجٍٍ لصـادِحَـةِ الآمــالِ يُنسيـهـا
بين الرجاءِ وبين الخـوفِ سامعُهـا *** فللـذنـوبِ قـبـولُ الـتَّـوْبِ ماحيـهـا
لا يبلغُ القَصْدَ مـن ألقـى بخطبتِـهِ *** ولا يَـجـيءُ بِقِـطْـعٍ مــن أماليـهـا
فَخْـرُ البليـغِ إذا عُـدَّتْ مكارمُـهُ *** فإنّـمـا لعـلـيِّ الـطُّـهْـرِ يُنمـيـهـا
فقولُـهُ دون قـولِ الله فـوق كـلا *** مِ الـنّـاسِ معـجـزةٌ تـأْبـى تَثنّـيـهـا
خذْ عهدَ مالكِ فالسُّوّاسُ لو لزمـتْ *** مـا جـاء فيـه لوفّـت حــقَّ باريـهـا
ولا تُشيدُ عروشـاً مـن أضالعنـا *** ووِرْدُهـا مـن دمـاءِ الشعـبِ قانيـهـا
تُمسـي وتُصبـح للصُّلبـانِ عابـدةً *** ورنَّـةُ الـسَّـوطِ والآهــاتِ تُصبيـهـا
ولو وَعَتْ ساعةً مـا قـال حيـدرةٌ *** لأسـهـرتْ ليلَـهـا كَــلأً لمَرعيـهـا
والبحرُ من أينَ مـا يأتيـهِ ذو إِرَبٍ *** يُقـرى النـوالَ بــلا مَــنٍّ فيَقضيـهـا
أعطى فأغنـى ولـم تـوردْ عطيّتُـهُ *** مـاءَ الـوجـوهِ ولــم تُخْـلِـقْ تواليـهـا
أكتبْ على الأرضِ إمّا جئتَ في طلبٍ *** مخـافـةً أنْ يـمـسّ الــذلُّ عافـيـهـا
هـذا شعـارُ علـيٍّ فـي مواهـبِـهِ *** وهــذه سُـــوَرُ الـقــرآنِ تُملـيـهـا
في السرِّ والجهـرِ مـن آلاءِهِ سُـوَرٌ *** كسـورةِ الدّهـرِ مَـرَّ الـدهـرِ نُنشيـهـا
له صفاتٌ من الأضدادِ قـد جُمِعَـتْ *** فــي جـوهـرٍ لصـفـاتِ الله تحكيـهـا
تبقـى كجوهـرِهِ فـرداً يحـارُ بـه *** غَـوْصُ العقـولِ بـأنْ يُحصـي لئاليـهـا
أَثنـى عليـه كـتـابُ الله مُمتـدِحـاً *** ذاتـاً بهـا الحمـدُ قـد تـمّـت مَثانيـهـا
وخصَّـهُ أحمـدٌ بالمـدحِ مُنشـغـلاً *** عمّـن سـواهُ مـن الأصـحـابِ تَنْبيـهـا
للشاعر عادل الكاظمي