أجهزة الكشف عن المتفجرات تعود للأضواء
عسكري اميركي يدعو لزج المسؤول عن شرائها في اسوأ سجون بغداد

سلطت تفجيرات، مساء الثلاثاء المروعة، الأضواء مجدداً على فشل اجهزة كشف المتفجرات التي تستخدمها القوات الامنية في نقاط التفتيش بمدينة بغداد، وبينما دافع مدير عام مكافحة المتفجرات بوزارة الداخلية اللواء جهاد الجابري عنها بالقول أن جميع المواد التي استخدمت في تفجيرات الثلاثاء محلية الصنع، ومزدوجة الاستخدام، لكنها لاتثير الشبهات، كشف مصدر امني عن غياب لمسات تنظيم القاعدة في هجمات الثلاثاء.
وأقر المفتش العام لوزارة الداخلية بأن اجهزة الكشف التي تستخدمها الشرطة كأاحد خطوطها الدفاعية في معركتها ضد المتفجرات عديمة الفائدة. ولم تكن هذه الانباء مفاجئة، لكن في ظل الاجواء التي تشهدها البلاد حاليا فإن هذا الاعلان يمكنه ان يكون قنبلة سياسية، كما يقول ارنستو لوندونو مدير مكتب الواشنطن بوست في بغداد، الذي اضاف ان رد الوزارة على استنتاج المفتش العام يدلل على كثير مما تقوم به الحكومة العراقية هذه الايام وعلى ما لا تقوم به في اغلب الاحيان.
ولسنوات عديدة قال المسؤولون الاميركيون ان هذه الاجهزة مجرد غش، وفي هذه السنة قامت الحكومة البريطانية بسجن مُصنّع اجهزةADE-651 بتهمة الغش ومنعت الشركة من تصدير المزيد منها. ومع تصاعد البراهين المنتقدة لاستخدام هذه الاجهزة، فان مسؤولين عراقيين كبار منهم وزير الداخلية جواد البولاني قالوا ان المنتقدين غير ملمين (بالقضية).
وابقى المسؤولون هذه الاجهزة، التي يفترض انها تكشف المتفجرات المخبأة في العربات، وحثوا الشرطة على تفتيش السيارات يدويا، ما انقذ عددا لا حصر له من الارواح. وعند مواجتهم بما توصل اليه المفتش العام لم يسحب مسؤولو وزارة الداخلية الاجهزة من مئات نقاط التفتيش التي تربك المرور في بغداد ومدن عراقية أخرى. وبدلاً من ذلك، وضعوا تقرير (المفتش العام) على الرف ووفروا بشكل هادئ حصانة للمسؤول الذي وقع عقدا لشرائها بكلفة 85 مليون دولار اميركي من دون اجراء مناقصة.
والاشارة الوحيدة لهذا التحقيق جاءت في تعريف صغير قدمه المفتش العام الاميركي الخاص باعادة البناء في العراق في تقرير قدمه الى الكونغرس الاسبوع الماضي. وقال التقرير ان "المفتش العام لوزارة الداخلية عقيل الطريحي يذكر ان العديد من الارواح قد فقدت بسبب عدم كفاءة الأجهزة بشكل كامل".
لكن هذه الاجهزة لا زالت باقية في كل مكان من العراق. ويقول الشرطي محمد شاكر 36 عاما انه لم يتفاجأ لسماعه ان عصي التفتيش كانت مجرد خدعة. ويقول "كلنا عرفنا انها فاشلة. انها لا تفعل شيئا، انها عرض مسرحي للجمهور".
وكان الخلاف قد بدأ اولا عام 2007 عندما طلبت وزارة الداخلية التي تشرف على الشرطة من شركة ATSC البريطانية تزويدها بالاجهزة. وابدى الاميركيون حذرهم من هذه الاجهزة التي لها (اريل) يميل الى الجانب عند وجود متفجرات، والتي اكتشفت الكثير من البلدان انها خدعة. لكن الوزارة مضت بطلبها، دافعة بحدود 60 الف دولار لكل جهاز، في حين انه لا يساوي عشر قيمته.
ومن جراء قلقهم بشأن تأثير الاعتماد على الجهاز في تدمير جهدهم في العثور على القنابل التي تفتك بهم وبالعراقيين فقد حاول الضباط الاميركيون اقناع نظرائهم من العراقيين بالكف عن استخدامها. وفي أحدى المحاولات سأل فريق من الضباط الأميركيين في 2008 الجنود العراقيين الذين تدربوا على استعمال أجهزة الكشف عن المتفجرات لبيان ان كان يمكن للادوات اَن تحدد أَية عربة من العربات الاميركية الواقفة تحتوي على مادة الديناميت.
ومال (الاريل) نحو عربتين لم تكن فيهما متفجرات وفقا للمسؤول الاميركي الذي شارك بالاختبار. ويقول الضابط طوال وقت التجربة كان مساعده الاميركي يخفي قضيبا من السي فور C4 تحت بدلته العسكرية.
وعندما انتشرت أخبار توقيف رئيس الشركة، أقسم مسؤولون عراقيون بانهم سيبدأون التحقيق بالموضوع، ومنهم لجنة الامن في البرلمان التي قال اعضاؤها انهم سيتحققون بشأن من الذي انشأ الطلب ومن منحه الصلاحيات ومعرفة ان كانت هناك رشاوى. وفي 2009، مارس البرلمان قليلا من الإشراف على المؤسسات الأمنية للدولة، لكنه كان خاملا تقريبا لسنة لأن النواب انهمكوا في مفاوضات تشكيل حكومة.
ووقف وزير الداخلية واخبر قناة العراقية الحكومية في كانون الثاني ان عصي التفتيش كشفت اكثر من 16 ألف قنبلة. وحتى الآن لم تفصح الحكومة عن الشخص الذي اجاز الطلبات. وقال ملازم اول شرطة يقف بالقرب من نقطة تفتيش يستعمل رجاله فيها اجهزة الكشف قريبا من الحي الذي تقع فيه الكنيسة التي تعرضت لهجوم "لقد قلنا لهم انها تعمل بصورة حسنة، فذلك ما ارادوا سماعه. انهم يريدون اعطاء المواطنين انطباعا بأن قوات الامن لا خطأ فيها".
وذلك الموقف يغيض العديد من الضباط الأميركيين الذين قاتلوا في العراق، اذ يقول المقدم دنيس يايتس وهو من الذين انتقدوا هذه الاجهزة "اجد انه من الصعب والاصعب اكتشاف اية مزحة هذه، فهذه القطعة من الزبالة عملت واسهمت بشكل ملحوظ ومثير للشفقة في احيان كثرة في خسارة ارواح بريئة. ويجب ان يتعفن الشخص الذي اشتراها في السجون سيئة الصيت التي تنتشر في بغداد".
في غضون ذلك اصر اللواء جهاد الجابري أن "خبراء المتفجرات كشفوا أن جميع القنابل التي انفجرت الثلاثاء، محلية الصنع، حيث تم تصنيعها من مادة نترات الامونيوم"، مشيرا إلى أنها "صنعت في الاماكن القريبة من التفجيرات".
وأضاف أن "المسلحين تمكنوا من ايصال المواد المتفجرة عبر حملها بعربات صغيرة أو أكياس بلاستيكية، وسلكوا طرقا فرعية تحاشيا لنقاط التفتيش"، منوها الى أن "الكميات التي استخدمت في التفجيرات لم تكن بالإحجام الكبيرة التي يصعب تمريرها في نقاط التفتيش، ومن الممكن ان يكون المنفذون قد جمعوها قبل شهر من هذه العملية".
واشار الى ان مكافحة المتفجرات بوزارة الداخلية وجهت كتابا لمكتب القائد العام للقوات المسلحة وعمليات بغداد "لمنع تداول مادة (الصجم) التي استخدمها منفذوا عمليات التفجير، وسيصدر امر بمنع تداولها.
الى ذلك افاد مصدر امني، طلب عدم كشف هويته نظرا لحساسية المعلومات، بأن السيارات المفخخة "كلها كانت مركونة على جانب الطريق ولم يكن هناك انتحاريون يقودونها"، مشيرا الى ان "لمسات تنظيم القاعدة المألوفة في هذا النوع من العمليات، لم تشاهد في الاعتداءات المروعة لمساء الثلاثاء".
ويضيف ان "اخطاء الاجهزة الامنية باتت تتكرر، والخلاف بين كبار القادة عن الملف الامني يضعف اداء قواتنا ويجعل من الصعب تنفيذ الخطط، او تبادل المعلومات الاستخبارية، وهذا ما اربكنا كثيرا في انقاذ رهائن كنيسة الكرادة".
وتابع "سيطرات التفتيش ثابتة ومواقعها معروفة وبات بإمكان المسلحين نقل اسلحتهم من دون المرور بها، ونحن بحاجة الى سيطرات يجرى تشكيلها بشكل مفاجئ في المفاصل الحيوية".
بغداد- واشنطن - اور نيوز

عن الصباح الجديد