نشر كاريكاتير في أحد المواقع يظهر فيه الشيطان وهو يصافح مدراء قنوات فضائية عربية و (يوصيهم) بالمشاهدين لأنه سيكون في (إجازة) خلال شهر رمضان..! ويبدو أن هذا الكاريكاتير قد اصبح حقيقة مرة تصفعنا كل يوم ونحن نتابع برامج عدد من القنوات الفضائية العربية، والتي يبدو أن قناة الشرقية قد تفوقت عليهن جميعا في درجة العري والصفاقة الذوقية المسموح بها.. خصوصا أن البرامج معدة خصيصا (لشهر رمضان المبارك!).

فقنآة ألشرقيه جَعلت رمضآن شهراً للفسوق وليسللتعبد والتوجه الى الله
فما أن تنتهي نشرة أخبار محزنة في الغالب، تجري من بين مشاهدها دماء العراقيين الأبرياء ممن أجهزت عليهم آلة القتل الأمريكية ، حتى (تنقلب) الأجواء في قناة الشرقية فرحا من بعد حزن، تنقلك من كارثة شعب يذوق الأمرين الى مقطوعات راقصة لفتيات جميلات تم انتقاؤهن بعناية شيطانية، يتمايلن ويرقصن بايقاعات مثيرة ويرتدين ملابس فاضحة مخلة بالحياء وبالقيم العربية والكردية والاسلامية والمسيحية واليزيدية والصابئية.

وسرعان ما تكتشف سخافة ورداءة وضحالة الانتاج الفني، وكأن فن التمثيل والاخراج العراقي لم يبدأ إلا بعد الاحتلال الذي أفرز مثل هذه القنوات الماكرة. ويبدو أن بعض مشاهير الممثلين العراقيين، كقاسم الملاك، قد أصبحوا من المعدمين في عراق (التحرير) الذي لايحترم سوى (فنون) القتل والسطو المسلح وسرقة أموال الشعب.. فأصبحوا يرضون بالفن الهابط وبالقصة الرديئة مقابل أن يبقوا على قيد الحياة. وهنا يأتي (دهاء) مدراء قناة الشرقية في تمرير هذا الانتاج بالغ الرداءة بعد تغليفه بعناية بمقطوعات راقصة خليعة، أو بمشاهد مخلة بالحياء، ليتحقق الهدف المطلوب ألا وهو استهداف قيم الحياء والشرف التي يتصف بها المجتمع العراقي.
أنظر مثلا الى إحدى حلقات مسلسل (دار دور)، والذي تدور قصته حول فتاة تصادق مدير شركة لأجل سرقة الخزانة، ويكتشف قاسم الملاك وزميله هذا الأمر، الخلاصة هي الحديث عن الفساد الاداري والأخلاقي في دوائر الدولة.. ولكن هذه الحلقة والتي لربما شاهدها الملايين من العراقيين من نساء وأطفال وشباب وفتيات في مساء شهر رمضان تمادت في مشاهدها الفاضحة والتي صورت (في ذهن المشاهد) المعاشرة الجنسية المحرمة، بصورة ملابس تقلع وترمى قطعة قطعة.. وشخص يسترق النظر من خلف الباب وهو (يتلمض) ويتحرك بطريقة توحي بمشاهد مثيرة تقع امامه.. ثم الفتاة وهي تستحم.. ثم تستحم مع شخص في البانيو!!!...

يا إلهي..!! ألهذا الحضيض قد هوت قناة الشرقية في انحطاطها الأخلاقي، فأصبحت تضاهي وبجدارة قنوات العري الأجنبية؟ ألا تتساءلون لماذا تستهدف قيم (الحرام) و (العيب) و (الحياء) لدى مجتمعنا العراقي المنكوب بهذه الطريقة الفاجرة.. بل وفي شهر رمضان على وجه الخصوص؟
وما أن ينتهي برنامج سخيف حتى يبدأ آخر.. برامج تتنافس فيما بينها بالرداءة وقلة الذوق، كبرنامج (من سيربح البترول) و (القفاصة).. وهنا مرة أخرى نجد ذات القواسم المشتركة.. المقطوعات الراقصة قبل وبعد البرنامج، تطل علينا فيها راقصات شقراوات من أوروبا الشرقية.. يبدو أنهن أرخص وأكثر ابتذالا من مثيلاتهن العربيات ممن تستعين بهن قناة الشرقية في برنامج الافساد الأخلاقي للمجتمع العراقي.
ولرب سائل يسأل: لماذا أتحدث عن قناة الشرقية بالذات دون غيرها من القنوات الفاضحة.. وكما يقال (يعني هيه بقت عليهم).. ؟
إن قناة الشرقية هي أخطر على المواطن العراقي من أية قناة أخرى أكثر عريا وانحطاطا، سواء كانت عربية أم أجنبية، لأنها قناة تم إنشاؤها وتمويلها على ما يبدو لتحقيق هدف غاية في الخطورة.. ألا وهو تجريد الفرد العراقي من ثوابته الأخلاقية وأعرافه القيمية، وهذا لايمكن لقناة لبنانية مثلا أن تحققه بسبب الحواجز النفسية الطبيعية بين ما هو عراقي وما هو لبناني.. اي أن المشاهد سوف يستبعد أن تقلد السلوكيات اللبنانية أو الغربية داخل المجتمع العراقي. أما قناة الشرقية ففسادها (عراقي)، وعريها (عراقي)، ورقصها (عراقي)، ولهجتها عراقية، بل وتم إعداد مشاهد الفتيات الجميلات بملابسهن المثيرة بين الفقرات الاخبارية وقبلها وبعدها.. وتم انتقاء الفاتنات ليجرين المقابلات والحوارات وقد كشفن عن مفاتنهن.. فلا تكاد تمر عليك نصف ساعة مع قناة الشرقية إلا وأنت تتجرع شئت أم أبيت من كأس الانحطاط.

وقناة الشرقية ليست كغيرها.. لأنها سوقت نفسها كرافض للاحتلال، وسوقت نفسها كرافض للطائفية، وسوقت نفسها بأنها تكره جارة السوء إيران، وسوقت نفسها بأنها ترعى العراقيين بأياديها (البيضاء)، وتأخذ الفطور الى بيوتهم، وتداوي مرضاهم.. هذا التسويق الماهر والذي تقف خلفه أموالا طائلة قد كسب للقناة جمهورا واسعا ممن أضحت خياراتهم محدودة بينها وبين قنوات طائفية مقيتة، أو تابعة لأحزاب، أو ذات تمويل وأداء متواضع. لقد نجحت خطة الممولين والقائمين على هذا النهج الماكر أيما نجاح.. وانطلت على كثير من العراقيين (لعبة) الأعمال الخيرية لمساعدة فقراء والمرضى، فأصبحوا أكثر استعدادا لمشاهدة العري والانحطاط الأخلاقي دون أن يصدموا ويهرعوا لتغيير القناة وكيل الشتائم لها.
إن تخلي العراقي، أيا كان دينه أو طائفته، عن ثوابته الأخلاقية وأعرافه الاجتماعية، سوف يجعله أداة طيعة بيد مشاريع الاحتلال.. يراد من العراقي أن لاينتخي لشرفه اذا سلب، ولا يرفع سلاحه دفاعا عن عرضه اذا انتهك، يراد من العراقي أن يتسلى برؤية الرذيلة ترتكب امام ناظريه وفي عقر داره فلا يتحرك له جفن، ولا تثور له ثائرة، يراد منه أن لايفقه قول الشاعر: (ولن يسلم الشرف الرفيع من الأذى ....... حتى يراق على جوانبه الدم).. يراد له أن تدور حياته حول الملذات والعبث فحسب.

يراد لأفراد كل بيت عراقي أن يتحلقوا حول قناة الشرقية يستمتعوا بالفن الهابط، ويستأنسوا بالرذائل، يراد لكل زوج أن يرى زوجته قبيحة مقارنة بمذيعات وراقصات قناة الشرقية، بدلا من أن يقف هو وعائلته وعشيرته جدارا صلبا أمام غزو الأخلاق الاحتلالية التي أتت بها فضائيات (التحرير).. يراد لكل فتاة عراقية أن تقلد آخر صرعات الأزياء وأحدث الرقصات بدلا من أن ترتفع في درجات العلوم والأدب والفن الهادف.. ويراد للشاب أن يتخلى عن روح المقاومة التي يولد عليها بالفطرة كل عراقي، ليصبح أسير المسلسلات والمطربات، الأحياء منهم والأموات...
لاتدعوا شياطين قناة الشرقية تخترق حصونكم الأخلاقية، فالبدائل الطيبة المباركة كثيرة جدا، والمعركة أمامنا شرسة.. ولنتذكر جميعا قولة أعظم مربي، رسول الله عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم: (من ترك شيئا لله أبدله الله خيرا منه).. ما عليك إلا أن تجرب وسترى بأم عينيك .. القرار لك، فهل ستتمسك بقيمك العراقية، أم ستختار قناة الشرقية؟