هذا ألذي تلبسهُ .. وجهي
لماذا أنتَ فيه!؟
هذه العيون بها ترى!؟
لكِنها رمشي ودمعي يعتليه
تلك الشفاه الذابلات هما فمي
لكنه صوتك من يرقص فيه
لما أراك ولا أراك
أرى أنا
هل يا ترى أحببتني حتى تشابه وجهنا
أم أنني قد ذبت فيك
فما عرفت من المرايا أيّانا
قد كان أنت
وأيّانا كان أنا
ورغم انصهار الروح
بالروح سنا
مرت رياح البعد تفصل بيننا
!
إني وقد ذبلت علامات الحياة بسحنتي
مازلت ترسو في موانئ وحدتي
سفن المنى
وتحط في في وجع الكروم
وكم تلوت على النجوم
إذا نست إن الضياء سبيلها
وأطرقت تصغي إلي
تبكي علي
تمد كفاً من ذؤابات الضياء
تزيح أمطار السموم
.........
وا أسفي على السنين
رحلت بدونك في حروب
بلا شروقٍ أو غروب
وحدي وقفت بوجه أسلحة الدمار
وزحف قوات التتار
خطفوا الصباح ..
عاثوا بالديار
فردوا جديلات النخيل
وطرزوها بالقنابل
وقَطّعوا شريان دجلة والفرات
وأضرموا غيضاً ونار
..........
جافت ضفافهما الحياة
وأنا هناك
وحدي بقلب العاصفة
عارية الدروع من كل الجهات
وحدي هناك
ما كنت أحمل في دمي
غير ارتجافة عاشق
وصوت نبض دب من ذاك التراب
يحثني على البكاء بلا حدود
أني أرى وطني الذي أحببته حد التلاشي
لن يعود
إني أراك هناك على جناح الريح
حلماً لن يعود
كيف يعود
وقد عَلت كل السدود
وفُخِخَت
وقُطِعّت كل الورود
ونَكَسّوا علم العراق
وعَلَقّوا الرايات سود
كيف تعود
والأرض صار حشيشها
رعياً لقطعان الجنود
.........
وفَرطت عقد أمالي
وتركت لؤلؤه على ذاك الرصيف
فوق النزيف
فوق دماء الأبرياء
صليت حين
وبكيت حين
وأردت تقطيع الرداء
لولا الحياء
ولعنت شيطانا يوسوس لي
من بين جهرٍ وخفاء
ونهضت في صمت
وصمتي كبرياء
على جراحي اتكأ
وجمعتها أشلاء
أحلاميَ البكر البريئة
أحلاميَ العذراء
قد مَزقوها إرباً
وبعثروها هازئين
ورَموا على عين السماء رصاصتين
كي لا ترى ما اقترفوا
بحق أهلي الطيبين
وأنا أرى وفي عيوني هاجس
دوى دموعاً وانين
لمَ يا ترى هذا البلاء
وتركت أجوبة السؤال
لوقت أجوبة السؤال
ولم أكن قطعاً شعرت
بأن هذا الوقت جاء
............
ورحلت ابذرها هناك
رغم الهلاك
في تربة منسية قرب الجدار
وشققت من بين الضلوع ساقيةً
يمر منها الماء
ومازلت أعطش كي أرويها حنينا
علها تنمو زهوراً من رجاء
ويعود نحو نافذتي
ويبتسم الضياء
وينَفُض الليل عن أقماره
رماد الحقراء
ويعود كي يرسوا على سعف النخيل
على السنابل إذ غفت
على سقوف الفقراء
على خدود المدن السمراء
وأنا أنام على وسادتي
وحشوتها شوق إليك
وغطيت أوجاعي بذكرياتٍ دافئة
قد عشتها في مقلتيك
ومددت كفاً للعراق أضمه
وكَفّيَ الآخر يبقى شاغراً حتى تعود
سأضمكم عشقان
حتى لو فنيت
هما الخلود
..........
بنزف بقلمي