بسم الله الرحمن الرحيم

كل مغترب لابد ان يحتاج الزاما ان يذهب الى سفارة بلده لانها تمثل رقعة ارض من وطنه الأم
اي انه وطن مصغر بكل شرائحه
تجده داخل مبنى السفاره
ولكل بلدان العالم سفارات في كل الدول التي موجود فيها التمثيل الدبلوماسي
ومن ضمنها العراق العظيم
الذي نثر صدام شباب العراق في كل العالم العربي والاجنبي
المكان
السويد
السفارة العراقية في ستوكهولم
القنصلية العراقية
التاريخ
20 \10\ 2009
الوقت
الساعة التاسعة والنصف صباحا
وصلت الى السفارة واول ما لفت انتباهي العلم العراقي الذي غطى نصف الشارع يرفر زاهيا شامخا
دخلت الى الاستعلامات
استوقفني شاب عراقي
بكلمة افتقدها منذ زمن طويل في غربتي
نعم بكلمة وليس
بوصد الباب بوجهي او امساكي من يدي
كلمة طالما ترنمت على شفاف العراقين واعتبرت من ضمن تاريخ العراق العظيم
وهي
اتفضل اغاتي
بيش تامرني اساعدك
هذه السمفونية الرائعه التي خرجت بالحان العراق العظيم
ادهشتني لسماعها من موظف الاستقبال للمراجعين
مع ابتسامة طبيعية وغير مصطنعة او مزيفة او تجميلية
فاخبرته سبب مراجعتي
فاوصلني الى باب غرفة ثانية على يميني ثلاث شبابيك لانجاز المعاملات وعلى اليسار صالة نظيفة مع اماكن جيدة ومريحة للانتظار
ولكن اي انتظار
سوف اعرج على هذا الموضوع
لاحقا
وصلت الى الشباك الثالث لان الشباك الاول والثاني كانا مشغولين لعوائل عراقية تقدم اوراق خاصه بهم
وعندما وصلت الشباك الثالث
بنفس الاسلوب الهادئ المرح المبتسم الخلوق
استقبلني الموظف
باي شيء استطيع ان اخدمك
لو تمعنا قليلا بكلمة اخدمك
الله ما اعظمها واجلها من كلمة تنم على التواضع وكبر الاخلاق والذوق الرفيع في اختيار المفردة
الطيبة
فشرحت له سبب قدومي للقنصلية العراقية
وبعد ان سلمته الاوراق
استاذنني للحظات وان يعود ثانية
وبعد دقائق معدودةلاتتجاوز عدد اليدين
عاد والابتسامه تغطي محياه الجميل وبكل ادب واحترام
اتفضل اعيوني معاملتك جاهزة
عشرة دقائق بين الاستلام طباعة
6 كتب وتوقيعها من السيد القنصل المحترم
انتهى كل شيء
نعم عشرة دقائق
بدون
واسطة او دفع رشاوى او تململ او تذمر او عصبية او خوف او سلك الطرق الملتوية
شددت الرحال الى الهجرة السويدية
ودخلت في
دوامة الانتظار
ومن 21 \10 لغاية
3 \11
لم اوفق بجواب شاف
ثم عدت ادراجي الى وطني المصغر
الا وهو السفارة العراقية
واتصلت ببدالة السفارة هاتفيا
لكوني اسكن بمنطقة تبعد عن موقع السفارة حوالي 800 كيلو متر
وهنا بداءت مشوار جديد
بعد ان اتصلت وكان هناك جهاز اوتوماتيكي الرد الجهاز الالي
انسر مشينك
يوجه المتصل الى الجهة التي يريدها
وبعد دقيق واحده رد موظف البدالة باسلوب لايقل عن زملائة موظف الاستقبال والموظف الذي انجز معاملتي في المرة السابقة وبكل ادب واحترام وطيبة وكلمات قمة في الذوق
شرحت له رؤوس اقلام موضوعي
فقال لي انتظر ثواني لكي احولك على السيد القنصل
نعم حولني على السيد القنصل
وهذه اول مرة في حياتي اتكلم بالتلفون في غربتي مع قنصل في سفارة بلدي
وعلى مايقول اخوتنا المصرين
قلت في نفسي
القنصل حته وحده
وهنا حدثت
الغرابة
والتعجب
والدهشة
والمفاجئة
التي اصابتني
والغير متوقعه
والتي لم تكن في حساباتي الفكرية اطلاقا
ماذا حدث
صوت ينساب الى المسامع كتغريد البلابل في الصباح
مع وجود نبرة الهدؤ والعقلانية في اول كلمة نطقها السيد القنصل
اتفضل اعيوني

وبما اني عراقي وافتخر بعراقيتي
ولكن رواسب النظام السابق لازالت موجودة في اغلب نفوس العراقين

سئلته هل انت القنصل العراقي بنفسه ودمه ولحمه
فقال لي
اخي ليش متعجب
هاي
سفارتكم ونحن بخدمتكم
فتوقفت افكاري وتطايرت العبارات التي كنت قد جمعهتا مسبقا وكانني في حلم وقد ايقضني صوت موسيقي هادئ
اخي ليش ما تتكلم
فشرحت للسيد القنصل موضوع قضيتي واعطيته المعلومات
فعدت الى حال نفسي
وسئلت نفسي
اذا موظف الاستقبال وموضف البدالة وموظف انجاز المعاملات والسيد القنصل
هذه طريقة تعاملهم مع المواطن العراقي
فكيف براس الهرم الدبلوماسي
الا وهو السيد السفير العراقي
قطعا وحتما انه لايقل عن موظفيه بل ان لم يكن في نفس المستوى حتما سوف يكون اكثر مستوى في التعامل
وحسب ما يتناقله العراقين في احاديثهم
عن كرم اخلاقه وطيبته
خير شاهدعلى ما ذهبت اليه

\\\\\\
ماذا المقصود بهذا الموضوع
وددت في موضوعي هذا
ان انقل صورة مشعة صافيىة الالوان بطبيعتها عن السفارة العراقية
واتذكر طاقم السفارة العراقية ايام زمان في نظام صدام
اطلعت على احد التقارير في مجلة بريطانية ان
90 بالمائة من موظفي السلك الدبلوماسي في زمن صدام
هم من المخابرات ويجهلون اي تعامل دبلوماسي او معرفة معنى الدبلوماسية
بل كانوا متفننين ومتقنين عمل الغدر والقتل والتعذيب
وسؤ المعاملة مع اي عراقي يراجع السفارة العراقية ان ذاك
هذا الي وددت ان اوصله الى القارئ الكريم
\\\\\\\\
كيف حصل هذا في السفارة العراقية
انه الاختيار الصحيح من قبل الحكومة العراقية في تعين موظفي السلك الدبلوماسي
وانه اختيار موفق
اتمنى من كل سفاراتنا في العالم ان تكون في مستوى التعامل الذي تتعامل به السفارة العراقية في السويد
وما قول المتنبي
الرّأيُ قَبلَ شَجاعةِ الشّجْعانِهُوَ أوّلٌ وَهيَ المَحَلُّ الثّانيفإذا همَا اجْتَمَعَا لنَفْسٍ حُرّةٍبَلَغَتْ مِنَ العَلْياءِ كلّ مكانِ
الا هو خير دليل على الرأي الصحيح في الاختيار الصحيح

والله من وراء القصد