مرايا الوجوه ..................

مرايا الوجوه

الوجه مرآة النفس, والنفس صورة الروح, وبين
النفس, والروح والجسد علاقة الحياة والموت,
الانبعاث والتوالد, صورة الإنسان المتكاملة مع
ذاتها, ومع الأشياء المحيطة بها, بمعنى آخر
صورة الإنسان بين الحياة والموت, بين الخير
والشر, بين الفضيلة والرذيلة, وفي النهاية بين
المتناقضات كلها عند أعلى نقطة في الحياة, أو
في تلك النقطة التي تكون في أسفلها, وأقدام البشر تمضي في هذه المسافة بالعقل
والمنطق, أو بالعصبية والمزاج المترجرج كالهلام!

والهلاميون /على ما أعتقد/, ومن خلال ماتعكسه
الأحداث, ومرآة الحياة أكثر بكثير من العقلانيين
الذين يعملون بصمت, وهدوء وملكه!‏

وهنا, في ذروة خضم موج الحياة العاتي, في
دروب الكدح اليومي للبشر, وتشابك العلاقات
الإنسانية على اختلافها يأتي دور مرآة الوجه,
التي تعمل طوال الوقت على بثّ الصور المختلفة من داخل النفس, وفي أعماقها البعيدة,
لتعكسها في التقاطيع الدقيقة للوجه بتعابير
مختلفة, ونظرات لها عشرات التفاسير والمعاني, في كل يوم تأتي بالجديد, وهي لاتنتهي
مادامت الحياة, وعلى هذه القاعدة وفي خلال
هذه الشاشة الجبارة, والعملاقة يمكن للمرء أن
يعرف الكثير من أسرار, وطباع الذين يتعامل
معهم, إما بشكل يومي, أو بفترات متقاربة أو
متباعدة, ومن الفهم الصحيح لتعابير الوجه
يمكن للإنسان أن يبني حدود علاقاته, وتعاملاته
مع الآخر, ويستطيع –إلى حد بعيد- أن يفهم
الكثير من التصرفات التي يقوم بها الناس
حوله, وحتى مايعتمل داخلهم من مشاعر وأفكار.‏
فكل رفة عين, أو نظرة لها معنى, وتعبير عن
موقف نفسي داخل البشر, وكل ضحكة أو
ابتسامة تدلل على مزاج محدد للإنسان, يحمل
الخير أو الشر, الفرح والسرور أو الإنزعاج,
حتى تقاطيع الوجه تحكي قصة ألف موقف
وموقف, وتتحدث عن مزاج ما داخل النفوس
, وفي حالات كثيرة تدخل ألوان الوجه في هذا
المزاج إذ كثيراً ماحذر الحكماء, والعقلاء من لون الوجه الأصفر لأنه ينضح من بحر نفس
لئيمة, قد تكون غدارة, وذات مزاج وصولي,
تسيطر عليه الآنا وحب الذات, ومن هنا تأتي
طباع الناس, ومن هذه التعابير الحساسة تعرف
معادنهم, ويتم الوصول الى جوهرها... وكما
هي علاقة الوجه والنفس, كذلك علاقة النفس
مع الروح, لأن النفس البشرية ماهي إلا شبكة
لاتنتهي من المشاعر بألوان وحالات كثيرة..
فهي امتداد للروح, وصورة عنها, فإن لم
تتكامل, ولم تلتق في كثير من الحالات فإنها
تذوي, وقد تموت. فالنفس كالنبتة التي تمدها
الروح بوقدة الحياة, فأي خلل من أي مصدر
كان, يعكر حياة الإنسان, ويغير طباعه, ويحوله
من موقف لآخر, وهنا بالذات يدرك الإنسان
معنى التقلبات العاصفة التي تحدث أو تقع في
حياتنا!‏
على الإنسان وهو في خضم الحياة المتشعبة, أن
يكون قارئاً جيداً لوجوه الذين يتعامل معهم, كي
لايقع في مطب الأنانيين, والهلاميين, وأصحاب
النفوس الضعيفة هؤلاء الذين يبحثون عن الآنا,
والذين يحملون وجوهاً صفراء, وهؤلاء الذين
لالون لهم ولاطعم, ليكون قادراً على الاختيار,
وكي لاتنكسر صورته أو حياته في مرايا الوجوه
الكثيرة عندها تتحطم على قارعة الحياة الواسعة.‏
منقووول






__________________
منتديات الفرات

منتديات الفرات