اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

حادثة انشقاق القمر

آيات الحادثة :

قال الله تعالى : ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ ) (1
) .

تاريخ الحادثة :


14
ذو الحجّة 5 قبل الهجرة .

سبب الحادثة :


قال ابن عباس : اجتمع المشركون إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقالوا : إن كنت صادقاً فَشُقَّ لنا القمرَ فرقتين .

فقال لهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( إنْ فعلتُ تؤمِنون ) ؟ قالوا : نعم ، وكانت ليلة بدر ، فسأل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ربَّه أن يعطيه ما قالوا ، فانشقَّ القمر فرقتين ، ورسول الله ينادي : ( يا فلان ! يا فلان ! اِشهدوا
) .

وعن جبير بن مطعم عن أبيه قال : فقالوا : سحرنا محمّد ، فقال بعضهم : لإن كان سحرنا فما يستطيع أن يسحر الناس كلّهم
.

وقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : اجتمعوا أربعة عشراً رجلاً أصحاب العقبة ليلة أربعة عشر من ذي الحجّة ، فقالوا للنبي ( صلى الله عليه وآله ) : ما من نبي إلاّ وله آية ، فلما آيتك في ليلتك هذه ؟


فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ( ما الذي تريدون ) ؟ فقالوا : أن يكن لك عند ربّك قدر فأمر القمر أن ينقطع قطعتين ، فهبط جبرائيل ( عليه السلام ) وقال : ( يا محمّد ، إنّ الله يقرؤك السلام ويقول لك : إنّي قد أمرت كل شيء بطاعتك ) ، فرفع رأسه ، فأمر القمر أن ينقطع قطعتين ، فأنقطع قطعتين ، فسجد النبي ( صلى الله عليه وآله ) شكراً لله ، ... ثم قالوا : يعود كما كان ؟ فعاد كما كان
... .

فقالوا : يا محمّد حين تقدم سفارنا من الشام واليمن فنسألهم ما رأوا في هذه الليلة ، فأن يكونوا رأوا مثل ما رأينا علمنا أنّه من ربّك ، وأن لم يروا مثل ما رأينا علمنا أنّه سحر سحرتنا به ، فأنزل الله تعالى : ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَر
) .

اشتهار الحادثة :


نقلت كتب الفريقين حادثة انشقاق القمر عن صحابة كثيرين ، منهم : حذيفة بن اليمان ، عبد الله بن مسعود ، أنس بن مالك ، عبد الله بن عباس ، عبد الله بن عمر ، جبير بن مطعم عن أبيه ، وعليه فالحادثة مشهورة بين الصحابة ، وقول من قال بعدم وقوعها غير صحيح لاشتهارها .

واستدل القائل بعدم وقوعها لخفاء هذه الحادثة على الناس ، إذ لو كانت لنقلتها كتب التاريخ ، وقد أجاب علماؤنا عن هذا الإشكال بعدّة أجوبة
:

1
ـ يمكن أن يكون الله تعالى قد حجب رؤية هذه الحادثة عن أكثر الناس بغيم وغيره لحكمة ، فاقتصرت الرؤية على مجموعة من الصحابة
.

2
ـ يمكن أن يكون الناس كانوا نياماً فلم يعلموا بها ، لأنّ الحادثة وقعت ليلاً
.

3
ـ ليس كل الناس يتابعون ما يحدث في السماء وفي الجو من آية وعلامة ، فكثير من الناس لا يعلمون بالخسوف الجزئي وغيره الذي يحصل ، بل قد يحدث أحياناً خسوف كلّي وقسم كبير من الناس لا يعلمون به ، ومسألتنا كذلك
.

4
ـ قد يكون رآها كثير من الناس ، ولكن الوسائل المستخدمة في تثبيت نشر الحوادث التأريخية في ذلك الوقت ، ومحدودية الطبقة المتعلّمة ، وكذلك طبيعة الكتب الخطّية التي لم تكن بصورة كافية كما هو الحال في هذا العصر ، حيث تنشر الحوادث المهمّة بسرعة فائقة بمختلف الوسائل الإعلامية في كل أنحاء العالم عن طريق الإذاعة والتلفزيون والصحف
.

5
ـ يجب الالتفات إلى أنّ القمر يرى في نصف الكرة الأرضية فقط ، وليس في جميعها ، ولذا فلابد من إسقاط نصف مجموع سكّان الكرة الأرضية من إمكانية رؤية حادثة شق القمر وقت حصولها
.

ومع ملاحظة هذه الأُمور فلا عجب أبداً من عدم تثبيت هذه الحادثة في التواريخ غير الإسلامية ، ولا يمكن اعتبار ذلك دليلاً على نفيها
.

تفسير آيات الحادثة :


إنّ الآية الأُولى ذكرت اقتراب الساعة مع انشقاق القمر ، لأنّ انشقاقه من علامات نبوّة محمّد ( صلى الله عليه وآله ) ، ونبوَّتُه وزمانُه من شروط اقتراب الساعة .

كما تتحدّث الآية الثانية عن عناد كفّار قريش ، وعدم انقيادها للمعجزات ، وأنّهم متى رأوا معجزة باهرة ، وحجّة واضحة ، اعرضوا عن تأمُّلها ، والانقياد لصحَّتها عناداً وحسداً ، ويقولوا : ( سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ ) ، أي أنّ سحره ( صلى الله عليه وآله ) مستمر ، فكل معجزة يظهرها لهم يعتبروها سحراً آخر
.

ثمّ تتناول الآيات الشريفة اللاحقة أنباء الهالكين من الأُمم السابقة ، ثمّ يعيد سبحانه عليهم نبذة من أنبائهم ، إعادة ساخطٍ معاتبٍ ، فيذكّر سوء حالهم في يوم القيامة عند خروجهم من الأجداث ، وحضورهم للحساب
.

دلائل الحادثة :


تدلّل هذه الحادثة على قدرة البارئ عز وجل المطلقة في تغيير النظام الكوني ، وتدل أيضاً على صدق دعوة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لنبوّته .

وتدل على إمكانية اضطراب النظام الكوني في المستقبل ، فانشقاق القمر نموذج مصغّر للحوادث العظيمة التي تسبق وقوع يوم القيامة في هذا العالم ، حيث إندثار الكواكب والنجوم والأرض ، يعني حدوث عالم جديد
.

شعر حول الحادثة :


قال السيّد جواد زيني ـ المتوفّى 1247 ه‍ ـ شعراً ، يذكر فيه آية انشقاق القمر ، ورد الشمس :

أعظم ببدرين بصقع الهدى ** نورهما أشرق للنيّرين


لولاهما ما فلك دار أو ** نجم سماء سار في الخافقين


لم يدرك العقل لمرقاهما ** كمّاً ولا كيفاً ولا قط أين


ماذا يقول ناطق في الثنا ** إن رام عد الفضل في فرقدين


البدر والشمس بظليهما ** رقان مملوكان في النشأتين


هما سراجان ببيتيهما ** كان لعمري لهما آيتين


وإن شق فرد منهما مرّة ** لواحد من ذينك النيرين


فإنّما الآخر في أوجه ** قد رجه الآخر في موضعين


للأمانه منقول



تقبلووووووووو تحياتي