سورة البقرة اية 3-6

4 ـ (... وبالآخرة هم يوقنون) اشارة إلى ان التقوى لا تتم إلاّ مع اليقين بالآخرة، فانّ الانسان ربّما يؤمن بشيء ويذهل عن بعض لوازمه فيأتي بما ينافيه، لكنّه إذا كان على علم وذكر بيوم يحاسب فيه على الخطير واليسير من أعماله، فإنّه لا يقتحم الموبقات ولا يحوم حول محارم الله سبحانه.
5 ـ (اُولئك على هدىً من ربّهم) الهداية كلّها من الله سبحانه، لا تنسب الى غيره إلاّ على نحو من المجاز. ولما وصفهم الله تعالى بالهداية، عقب ذلك بقوله: (واُولئك هم المفلحون).
6 ـ (إنّ الذين كفروا...) هؤلاء قوم ثبتوا على الكفر، وتمكن الجحود في قلوبهم، والذي يدل على ذلك وصف حالهم بمساواة الانذار وعدمه. ولا يستبعد ان يكون المراد من هؤلاء هم الكفار من زعماء قريش وكبراء مكة الذين عاندوا ولجّوا في أمر الدين ولم يألوا جهداً في ذلك ولم يؤمنوا حتى أفناهم الله عن آخرهم في بدر وغيرها. ويؤيده أنّ هذا التعبير وهو قوله: (سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون) لايمكن استطراده في حق جميع الكفّار، وإلاّ انسدّ باب الهداية، والقرآن ينادي على خلافه. وأيضاً هذا التعبير وقع في سورة يس (وهي مكية) وفي هذه السورة (وهي أوّل سورة نزلت في المدينة) ولم تقع غزوة بدر بعد. فالأشبه أن يكون المراد من الذين كفروا هنا وفي سائر الموارد من كلامه تعالى: كفّار مكة في أوّل البعثة، إلاّ أن تقوم قرينة على خلافه.