هذه حال بطل اسيا .... وجماهيره الرياضية .
جسدان مربوطان على خشبة الاعدام
اثخنا بالجراح . والنزف لم يتوقف . ولم تتبقى الا الانفاس الصاعدة والهابطة بسرعة يصحبها صوت مخيف.
هكذا حال منتخبا وجماهيره العريضة . هذه حالنا و قاتلنا يتبختر في مشيته وملوحا بمسدسه الذي لم يتبقى فيه سوى رصاصتين . فمن سيكون الاوفر حظا ليكون اول من تطلق عليه رصاصة الرحمة .
منتخبنا الوطني . ذلك الانيق والوسيم . البهي في هلـّته, وباعث السرور في اطلالته . طرق كل ابواب العراق ليهدي فرحة لقلوب قد تأكلت من كثر الهموم والاحزان . وعانقت اوتار القلوب صيحاته " جيب الكاس جيبه " . فكان يوما ليس مثله يوم , يوم الفوز ببطولة كأس اسيا .
كان فرحة انتفضت بوجة الطوفان الهادر من المأسي التي ابتلينا بها عن قصد وعمد مع سبق الاصرار والترصد . فكسر الحواجز , وتجاوز خطوطا حمراء رسمتها ايادي الغدر . فاسعدنا في كل مكان , وبات رمزا لاغلى ما نملك. ولم يعجب ذلك سرّاق البسمة من افواه محتاجيها . فصدرت الاوامر من زاوية مظلمة بان يعتقل هذا الوسيم الذي يدعى المنتخب . ويودع في غياهب السجون , وسيكون اغتياله ( اعدامه ) بطيئا .
تسائلت الجماهير , اين رمزنا وجالب الفرحة لبيوتنا ؟؟؟ . تعالت الصرخات والصيحات . فما كان من سرّاق البسمة الا ان كبلوه ورموه هو الاخر في زنزانة مظلمة مكتوب على جدرانها" الكل يزول , ونحن باقون ...لا نزول ".
مرت الايام ببطئ شديد , فقد انهتكنا رطوبة الزنازين . ولم نعد حتى نحلم برؤية شمس الصباح حين شروقها . فالظلمة حرمونا حتى من ضياء الشمس . وكل يوم يخرجون لنا الجديد من فنونهم في التعذيب . فيلقون برمزنا في ساحات الوغى . وسط جموع لم تاتي الا للفرجة على ذلك الوسيم المغلول , وهو يصارع خصومه ويداه مربوطتان الى الخلف . فتطاول عليه حتى الاقزام وغلبوه ... وااسفاه . ونحن ننظر اليه واحشائنا تتمزق لوعة وحسرة . وكل يوم نمنى انفسنا , بانها اخر هزيمة , وسيكسر القيود ويزأر ويثور , وسوف يحررنا ....
لم يتبقى لسرّاق الفرحة الا ان ينزلوا رمزنا في معترك السفاحين ( كأس القارات ). فلا توجد في قواميسهم كلمة للرحمة , وسنكون معه مربوطين على خشبة الاعدام التي الى جانبه. فهذا يوم النهاية . لان الجلادين على وشك الرحيل الابدي . ولابد من انتقام اخير .
سينظر الينا جلادنا بعينين شامتتين . ونبادله النظرات بعيون تحتقر حتى التراب الذي يدوس عليه . وعيون رمزنا مقفلة من شدة الارهاق , وربما تحلم برصاصة الرحمة قبل الاوان.
يعود جلادنا للتبختر , يسأل بوقاحة :- بمن ابتدئ ؟؟؟ برمزكم الوسيم , ام بكم ايتها الجماهير ؟؟. تتعالى الاصوات , كلنا فداءا لرمزنا .... فيبتسم الوسيم بصعوبة , معبرا عن امتنانه للاوفياء . ويعبس وجه الجلاد . فيوجه مسدسه صوب الرمز الوسيم . ويطلق النار , فكان مكتوبا على رصاصة الرحمة " كأس القارات " . ثم وجه مسدسه ناحية الجمهور واطلق رصاصة الرحمة الثانية . وكان مكتوبا عليها " عقاب من لا يؤمن بالطواغيت " . فصفق وهتف اعضاء اتحاده الدولة.
سقط الاثنان معا . وامتلات الارض دما عبيطا . تفرعت منه براعم جديدة . ارتوت بالدماء , ورأت النور لاول مرة . فقد لملم الجلاد حقائبه ورحل الى الابد . وما عاد حتى يجرؤا على ان يعود لبلد قتل فيه كل شئ جميل. لكن البلد القادر على ان ياتي بمثل هذا الجيل . فهو على الاتيان بجيل مثله او افضل منه ..... اقدر .
ليكن كأس القارات النهاية الحزينة والسعيدة في ان واحد . ففيها سيكون السقوط االكبير لرمزنا , والسقوط الاكبر لعدوه وعدونا .
تقبلوا خالص تحياتي