... سرد القلم على وجه الأزمنة ألماً فأنتج فناً وفتكاً، مساحات بيضاء خلناها مصابيح أمل لكنها تفِحُّ بالشؤم وتحتفل بالسواد كرقعة شطرنج يجب أن يحافظ الكل ويدافع فيها عن شِقه المُضيء.
لا بد من شيءٍ يعيد للحرب شرفها لأجل أن نقنع بها ، ولا بد أن يتثوَّب الحب برداء الخوف ليثبت جدارته في هذا العصر.. فلنحترق إذاً ونحن على مقربةٍ منه أفضل من تلاشينا ونحن نتفرَّج، ولكن ثمةَ شيءٍ أعطانا الأمان لنسلِّم حواسنا بكل طمأنينة لنستشعِر دفئاً صادقاً يعود بنا إلى أزمنة كان جُلَّ ما يميزها ويعطيها لذتَّها وطعمها المخطوف عنوةً من براثن الغريزة البشرية المُشتتة بين الخطأ والصواب في دوامَّة أبديةَّ.
فيعطينا الصورة اللائقة الرائقة بكل عراقة وأصالة للجهد المُثمر والحاسة الخلاَّقة.
فهو لم يكُ فقط عاشقاً أو قائداً أو محارباً أو مُصلحاً أرستوقراطياً، أو ذاك الذي يذكرنا بنبلاء عصور النهضة، ليس رجلاً عادياً قسا عليه الزمن لأنه رجل، يجب أن لا يبكي، يجب أن لا يجزع، يجب أن لا يضعف، ونسوّا أنَّ أولى مكونات الإنسان هو (الإحساس) .. إنه رجل ذو حكمة وممثل ذو حنكة ، مسرحيٌّ بإحساسه حوَّل كل ما فيه إلى قوةَّ مبدعة مقنعة، لم يولد في عصر التُفَّه ليكون منهم ولم يخلق مع جيل تآكل الوقت وتصارع عقارب الزمن دون سلام أو جدوى ليكون جواداً أُسقط عليه الرِهان، عاصر أجيالاً مختلفة ، وأحتفظ بقيمته التي تنبثق (من اختياراته) السليمة الحصيفة، حيثما كانت أيادي السلفية تنخرب في مكبٍ من العقول المستعملة وهي تحاول إعادة تعليب وجود المرأة ، نشلَ فكرته معها وشجع خطواتها، خصوصاً المرأة الكويتية ، وهذا ملفت، وجاء الفن بلسماً يرطب صفعات الوجع العميق القديم، ومطهراً لدمامل الشر المحتقن.
إنه لم يؤسس أول إمبراطورية إسلامية في الأندلس وإنما أسس إمبراطورية الفن الذي أخلص له وقدَّم كُل مفردات حياته لأجله فبادلهُ بالمثل، مخلصٌ لعائلته أولاً وأخيراً ولجمهوره ومحبيه ، وقريباً سنشاهده مع حسناوات وملكات وأميرات كُثر ونجمات في حياة مختلفة وبيئة منفردة عمّا قدمه سابقاً وإن كان ذات الكأس فالمذاق مختلف.
إنه الإمبراطور "جَمال سليمان"
لربما تكون رسالةً محسوسة منه أن نحاول إصلاح ما فسد لا أن ننتظر على رصيف الذاكرة الحزينة ، ذكرى مؤلمة لتدهسنا في طريقها نحو دمارٍ أشمل لنبكي ولو مرة واحدة لأجل لحظة فرح قادمة ستسعد الجميع.![]()