مفتاح الجنة


الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ويرضى والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعه إلى يوم الدين، أمّا بعد:

لا شك أنّ كلـــمة التوحيد هي عنوان الدخول في الإسلام وهى مفتاح الجنّة، وقد جعلها الله من أسباب النجاة من النّار، ولذلك بيّن الرسول صلى الله عليه وسلم تحريم دخول النّار على من أتى بالشهادتين، قال صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد قال لا إله إلاّ الله ثم مات على ذلك إلاّ دخل الجنة» [رواه البخاري ومسلم]. لكن هذا السبب لا يعمل عمله إلاّ باجتماع شروطه وانتفاء موانعه.

شروط لا إله إلاّ الله

1- العلم المنافي للجهل:

فيجب أن تعلم معنى لا إله إلاّ الله علما منافيا للجهل بها يعرف به مدلول النفي والإثبات، فهي تنفي الألوهية عن غير الله تعالى وتثبتها له سبحانه، فلا معبود بحق إلاّ الله، والدليل قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ} [محمد:19].


2- اليقين المنافي للشك:

فلا يكفى مجرد التلفظ بالشهادتين بل لابد من أن يكون القلب موقنا بها ومصدقا، ومبتعد عن الشك والريب والظن، وإن لم يحصل ذلك فهذا هو النفاق، قال تعــــالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات:15].


3- القبول المنافي للرد:

لما اقتضته هذه الكلمة لقوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ (36)} [الصافات:35:36]. فمن رد دعوة التوحيد ولم يقبلها كبرا فهو كافر سواء أردها استكبارا أو حسدا أو عنادا أو غير ذلك من أسباب الرفض كحال بعض علماء أهل الكتاب.


4- الإنقياد المنافي للترك:

ويتحقـق ذلك بمتابعة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحكيم شرعــه. قال صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به» [حديث صحيح].


5- الصدق المنافي للكذب:

حيث يجب أن يواطي القلب اللسان فإنّ المنافقين يقولونها بألسنتهم، ولكن لم يطابق هذا القول ما فى قلوبهم ،فصار قولهم كذبا ونفاقا وخداعا، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ(8) يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ(10)
}[البقرة:8-10]. وأمّا من قالها بلسانه، وأنكر مدلولها بقلبه فإنّها لاتنجيه.

6- الإخلاص المنافي للرياء:

وهو الــبراءة من الشــــرك وشوائبه لقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء} [البينة:5].


7- المحبة المنافية للبغض:

وهى أن يحب هذه الكلمة، ويحب أهلها العاملين بها، ويحب العمل بمقتضاها. وموالاة أهلها ومعاداة أعدائها، وفى الحديث الشريف: «ثلاث من كن فيه وجد بهنّ حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لايحبه إلاّ لله ، وأن يكره أن يعود فى الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النّار» [رواه البخاري].



الإستهزاء باللحية منكر عظيم يوجب الرد

س: اللحية سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم، وهناك أناس كثير : منهم من يحلقها، ومنهم من ينتفها أو يقصرها أو يجحدها، ومنهم من يقول إنّها سنة، ومن السفهاء من يقول: لو أن اللحية فيها خير ما طلعت مكان العانة قبحهم الله، وماحكم من أنكر سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟؟

أجاب على الفتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى رقم (2196) : قد دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة على وجوب إعفاء اللحى وإرخائها وتوفيرها، وعلى تحريم حلقها وقصها، كما فى الصحيحين عن ابن عمر رضى الله عنهما : أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين»، وفى صحيح مسلم عن أبي هريرة رضى الله عنه: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : «جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس»، وهذان الحديثان وما جاء في معناهما من الأحاديث كلها تدل على وجوب إعفاء اللحـى، وتوفيرها، وتحريم حلقها وقصها، كما ذكرنا، ومن زعم أنّ إعفائها سنة يثاب فاعلها ولا يستحق العقاب تاركها فقد غلط وخالف الأحاديث الصحيحة، لأنّ الأصل فى الأوامر الوجوب، وفى النهى التحريم، ولا يجوز لأحد أن يخالف ظاهر الأحاديث الصحيحة إلاّ بحجة تدل صرفها عن ظاهرها، وليس هناك حجة تصرف هذه الأحاديث عن ظاهرها وأمّا ما رواه الترمذي، عن أبي هريره رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها، فهو حديث باطل لا صحة له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنّ فى إسناده راويا متهما بالكذب.

أمّا من استهزىء بها وشبهها بالعانة فهذا فقد أتى منكرا عظيما يوجب ردته عن الإسلام ، لأنّ السخريه بشيء ممّا دل عليه كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم تعتبر كفرا وردة عن الإسلام، لقول الله عز وجل: { ...قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ... } [التوبة:65-66].

ونسأل الله لنا ولكم ولجميع المسلمين الهداية والتوفيق والعافية من مضلات الفتن.