الغربة

منكسراً..

أجمعُ شكلي بالدمعةِ ..

في شِـبْهِ حضورٍ أو شـبهِ غيابْ

يستيقظُ جرحي يومياً

يتمدّدُ ، يتثاءبُ ، ينمو ،

يخضرُ كالأعشابْ

تصفعُني الذكرى ، تركلُني ، تطرحُني أرضاً

تنثرُ فوقي صورَ الأحبابْ

منكسراً

ودخانُ الغربةِ يتصاعدُ حولي

يملأُ أنفي ، يدخلُ في أُذنيَّ .. يُوسِّخني ،

يجعلني مسودَّ الضحكةِ والأثوابْ

***

مضطهداً

ينبحُ في وجهي الحقدُ المسعور ،

يعضُّ الساقَ ويُدمي القلبَ .. وأحياناً

يشفقُ .. ويحدقُ

وكأنّيُّ كرسيٌّ مكسورْ

أو بيتٌ مهجورْ

يتركني .. محترقَ الأعصابْ

****

منجمداً

لا أتكلّمُ ، أتألّمُ ، لا أتعلّمُ

والغربةُ باردةٌ حتى في الصيفِ ..

تُحاصرني لغةٌ تمضغُني كالزيتونِ المرِّ .. وتبصقُني

أستسْلمُ

للساعاتِ الحجريةِ تساقطُ فوقي

أنزفُ ، ازحفُ وسْط الشارعِ ..

تنحرفُ السياراتُ ويبتعدُ الناسُ ..

كأني الكوليرا !

تخلو البلدة إلا من ريحِ الوحشةِ ،

ترمُقني بعيونِ الريبة ،

تنطفئُ الأبوابْ !

****

منْقسماً

ليلةَ أمسِ .. سددْتُ فَمي بفمي ،

ولكمتُ يديْ بيديْ

وتصارعتُ معي ؛

وقعَ كلانا فوقَ الأرضِ .. أنا وأنا !

وأطلَّ علينا ، لحظاتٍ ،

قمرُ الصلحِ .. وغابْ

****

مهزوزاً

أتدلى من قمّةِ شيءٍ ما ..

ويدي تتعلّقُ بنتوءِ الصمتِ ،

وأتعبُ ، أوشكُ أن أسقطُ ،

أنظرُ تحتي .. فأرى موتي نهراً

كشريطٍ بنيٍّ

تتأهّبُ فيهِ تماسيحُ ،

وتعوي في جنبيهِ ذئابْ



****

مشتاقاً جداً ..

يوماً .. سأعيدُ إليَّ البيتَ الأولْ

حجَراً .. حجَرا

وسأوقف دحرجتي للأسفلْ

سفَراً .. سفَرا

وسألصقُ - إن شاء الله - بصمغِ حنيني

أقدامَ الماضي الأجملْ

ببقايا جسدِ المستقبلْ

وألوّحُ ، منْ نافذةٍ مسرعةٍ ،

بوداعِ الهاربِ .. من بلدِ الأغرابْ