في حوار جرى مع احد المشايخ بشأن جواز ضرب الزوجة استنادا للآية الكريمة(واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ان الله كان عليا كبيرا) النساء 34



فقال الشيخ ان الله تعالى وضع منهاجا تربويا متكاملا في القرآن الكريم فقد اجاز قطع يد السارق واجاز قتل القاتل واجاز جلد الزاني ولكن في اخر مرحلة بعد التوجيه والدراسة والتمحيص كذلك لا يجوز ضرب الزوجة الا في حالات اخيرة بعد يأس العلاج ولكن الضرب بشروط وبمواصفات (وبمستحب) وليس بواجب. ولكن الذي نريد ان نذكره في هذا الموضوع هو الضرب المستمر وبدون اسباب تستوجب ذلك والذي يعده الزوج سلوكا عاما وامرا واجباً عليه لانه(رجل البيت).
التفسير الاجتماعي
مسألة ضرب الزوجة والمرأة بشكل عام موضوع اجتماعي بحت وليس للجانب الديني اية علاقة به فالرجل الذي ضرب زوجته نابع مع ارث اجتماعي وليس دافعاً لذلك نرى الاسباب الاجتماعية في مقدمة الاسباب لهذا السلوك الشاذ ونستطيع حصرها بما يلي:
1-العادات والتقاليد:
فللعادات والتقاليد والقيم الموروثة دور فاعل في ممارسة هذا السلوك فنرى الانسان البدوي او الريفي يسلك هذا السلوك وبشكل كبير حيث تملي عليه ثقافته بان الرجولة هي السيطرة على المرأة والرجل القوي هو الذي (يقود اكثر من امرأة في آن واحد) واكثرهم رجولة هو الذي يضرب زوجته اكثر وعندما يشيع صيته بين (القبيلة) تزداد قيمته بين افراد القبيلة.
2-انخفاض المستوى الثقافي والعلمي:
لو تمعنا في اية دراسة عن الظواهر السلبية في المجتمع كالطلاق وجنوح الاحداث والجريمة وغيرها.
لرأينا ان هناك علاقة عكسية بين هذه الظواهر والمستوى العلمي والثقافي وهذه العلاقة نراها كما هي في موضوع العلاقة الزوجية فكلما ارتفع المستوى العلمي كلما قلت اساليب (العنف والقسوة) في العلاقة الزوجية.
لذلك لاتنتشر ظاهرة ضرب الزوجة في الاوساط الثقافية.
التفسير النفسي
ولهذه الظاهرة تفسير نفسي فقد يكون الزوج يعاني من مرض نفسي كأن يكون ساديا يلتذ بايذاء الغير وهنا لا مجال للتلذذ الا بزوجته.
كذلك قد تكون هناك ضغوط نفسية يعاني منها الزوج كالبطالة او الحاجة او ضيق المسكن او اية ضغوط اخرى وقد يجد في ضرب زوجته المتنفس الوحيد في تفريغ هذه الضغوط لانه يرى ان هذه الطريقة مسموح بها اجتماعيا لاسيما اذا كانت الزوجة غير قادرة على امتصاص وتخفيف تلك الضغوط.
تأثير هذا السلوك على الأبناء
من الثابت على الصعيدين الاجتماعي والنفسي ان الصراع والخصام بين الابوين داخل نطاق الاسرة ينعكس سلبا على حياة الابناء وعلى نموهم وتكيفهم الاجتماعي في المستقبل والذي يخلق في البيت جوا من التوتر والقلق وعدم الاستقرار وعندما يشتد الصراع بين الزوجين ويقوم الزوج بضرب الزوجة امام ابنائها تكون النتيجة الاولى لهذا السلوك هو تقليل (هيبة) الام امام الابناء او الافراد الاخرين اذا كانت العائلة (محدودة او مركبة).
وعند ذلك يحتار الابناء الى اي جانب يقفون هل الى جانب الام ام الى جانب الاب؟
وكل هذا يؤدي الى حدوث صراعات نفسية شديدة نتيجة الشعور بالذنب من جراء وقوفهم مع احد الابوين وقد اثبتت الدراسات ان اكثر الابناء الجانحين والمشردين هم الذين يعانون من كثرة الخصام بين الابوين واي كان نوع هذا الخصام كالشتم والصياح او الضرب وان هذا الخصام يترتب عليه خلق مشحونة بالكره والعداء الذي بدوره يؤدي الى انقسام افراد الاسرة الى قسمين وبالتالي يؤدي الى تفكك اواصر العلاقات داخل الاسرة والى نفور الابناء من الجو المنزلي الذي لم يعد يطاق وهروبهم الى الشوارع او الى اي مكان اخر.
بالاضافة الى ظهور سلوكيات غير متوقعة من قبل الابناء نتيجة تصرف الزوج هذا كتبادل الالفاظ النابية واحيانا المنافية للحشمة والتي تكشف وتعري الصفات المعيبة او السلبية عند كليهما وكل هذا يؤدي الى التقليل من مكانتهما الاخلاقية والتربوية امام ابنائهما الذين لا يعتبرونهم المثل الاعلى والقدوة الصالحة.
نصائح إلى الزوجين
ومن اجل خلق اجواء مستقرة مريحة لغرض بناء اسرة هادئة ذات ابناء قادرين على مواكبة الحياة بصورة سليمة لابد اتباع ما يلي:
1-تهيئة الاجواء المناسبة من قبل الزوجة وملء البيت بالحنان والحب لغرض ابعاد شبح المشاكل واسبابها.
2-التحمل والصبر من قبل الزوجة وتدبير الامور بالطرق السلبية لاسيما في هذه الظروف وعدم التذمر لأتفه الاسباب خاصة اذا كان الزوج يعاني من البطالة او انخفاض دخله.
3-الابتعاد عن الغيرة غير المبررة والتدخل بامور الزوج الطبيعية والعادية.
4-على الزوج احترام مشاعر الزوجة حتى لو كانت ذات مستوى ثقافي واجتماعي اقل منه.
5-الابتعاد عن الاسلوب (الدكتاتوري) في قيادة البيت.