شباب الرياضة ورجال السياسة

[عراقي هواي وميزة فينا الهوى]

محمود يونس يرفع كأس آسيا

شباب الرياضة ورجال السياسة





امس كان العراقيون، كما هو حال غيرهم من عشاق الرياضة بطبيعة الحال، على موعد مع المباراة الرياضية التي وحدتهم في وقت بلغت فيه الانقسامات الطائفية والسياسية حدا بات يهدد بالوصول الى نقطة اللاعودة، فيما جسد دليلا على قدرة شباب الكرة على توحيد الناس اكثر من قدرة رجال السياسة ورجال الدين ورجال العشائر الذين يقودون بلدهم الى المجهول في هذه الفترة.

تمكن 12 شابا عراقيا من محترفي كرة القدم، والذين تقع سنوات مواليدهم بين عامي 1979 و1987، من استقطاب مشاعر مواطنيهم، واحترام متابعي اللعبة في الخارج، واهتمام وكالات الانباء ووسائل الاعلام المختلفة التي اطلقت عليهم اسم "اسود الرافدين" و نسبت اليهم قدرتهم على توحيد ابناء جلدتهم الذين صار الدين والطائفة والعرق والحزب من اسباب فرقتهم وتمزقهم وتقاتلهم العبثي.

كان ميكافيلي ينصح الحكام بتوجيه اهتمام الرعية الى الالعاب الرياضية لأبعادها عن الاهتمام بالامور السياسية، لكن النصيحة الان تأخذ بعدا اخر، ذلك هو تشجيع الالعاب الرياضية من اجل توحيد الشعوب التي تعاني من تمزقات داخلية.

نجح الشباب الرياضيون خلال اسبوعين استغرقتها العاب كأس اسيا في في اشاعة مشاعر الوحدة والتآلف والتحابب والفرح بين العراقيين الذين ينظرون الى المنتخب الوطني بصفته "الوطنية"، دون التساؤل عن هويات اعضائه الطائفية والعرقية والحزبية، لأنهم ببساطة لم يمزجوا بين الرياضة والطائفة وبين الرياضة والدين وبين الرياضة والحزب، انما مزجوا بين المنتخب والهوية الوطنية.

لم يفعل السياسيون، من مدنيين ورجال دين وزعماء عشائر وحملة سلاح، نفس الشيء، انما مزجوا بين السياسة وكل شيء اخر خارج عنها بالتعريف، مثل الطائفة والدين والعرق، وقسموا الوطن والمواطنين على اساس هذه الاوصاف الفرعية، متجاهلين الجامع الاعظم الذي يوحدهم وهو الوطن.

لهذا فشل السياسيون فيما نجح فيه الرياضيون، ولهذا لم يعد مهما من يفوز بالكأس الرياضي الاسيوي، بعد ان فاز شباب منتخب العراق بكأس محبة العراقيين لهم، والتفافهم الموحد حولهم، خاصة وان المنافسة على الكاس جرت بين اشقاء.