السيد المستحيل...



شعر



محمود عبد الصمد زكريا





__________________________________


السيد المستحيل

........................



تأسيس أوّل :

......................

إذن في يديه هوي الثقلين ْ.

وكيف .. وأينْ .

وفي البينِ بينْ .

وينقل عَرشا ً بطرفة ِ عينْ.

...............................................

تأسيس ثان :

.....................

إنها غرفة ٌ

قيل : أو سِدرةٌ

وأجداثُ أجدادنا تشرأب

وتؤتي طلاسمها كل حين ٍ

وتنفث فينا رياحا ً لقاحا ً

وهذي النقوشُ القديمةُ سِرُ الأساطير ِ

مفتاحُ كنز ِ العلوم ِ المؤجل ِ

لما تزلْ جمرة ً في الرماد ِ

إلي كم من الدهر ِ نذهلُ

نسألُ صمتَ الطلاسم ِ

عن كُنه ِ أسرارنا ؟!!

.................................................. .....

إنه السيدُ المستحيلُ

البسيطُ ؛ الجميلُ

الذي قيلَ ؛ قالَ :

أنا بادئ الأبدية َ؛ والأبجدية ْ.

لي عسلٌ ناطقٌ في حنان ِ الصبيّةْ

ولي من ملامح شعبي الهويةْ

أُحرِّكُ جيشَ السنابل ِ

غيثَ القنابل ِ

والأسئلةْ.

ولي عند كل ِ ركود ٍ

يدٌ فاعلةْ.

ولي موجة ٌ قابلةْ.

..................................

إنه السيدُ المستحيلُ

الصدوقُ ؛ الأمينُ

الذي لم يزلْ يحتسي خمرَة ً

من عصير ِ التواريخ ِ ..

كان قديما ً إلاها ً

ويصنع من قرص ِ شمس النهار ِ إلاهاً

ومن نقطة ِ الماء ِ ذاتَ الإلهْ.

علي صفحة ِ الماء ِ

يحملُ للأرض ِ نبضَ الحياةْ.

وفكَرَ..

كان قديماً يفكرُ

لو أن في الموت ِ تكمن كلُ الحياةْ.

.........................................

فتحنا له خندقا ً

وبسطنا له برزخاً

ثم مرَّ..

وخلّفَ آياتِهِ في النخيل ِ

وفي البحر ِ ..

مرَّ..

وخلّفَ فينا صلاة ً

وخمراً

ودم ْ.

وكان له عند كل انحناءة ِ

حرفٌ

وتعويذة ٌ

ووصايا ؛ بها يستمرْ.

...........................................

قيلَ ؛ قالَ :

ولي ورقة ٌ ؛ وقلمْ

ولي بهجة ٌ ؛ وألمْ.

أنا السيدُ المستحيلُ الذي

عنده يستفيقُ العدمْ.

............................................

قيلَ : يبدأ ُمن صخرة ٍ

تحت عرش الألوهة ِ

لابساً من حرير ِ احتمالاتِهِ كوكباً

ويبسط سجادة ً من طيور ٍ علي كتفيه

ويبسط سجادة ً من حياة ٍ

ولا يستقرْ.

فاستعينوا به

وله

إنّهُ

سابق ٌ ظِلّهُ

ربما عابرٌ موتَهُ ..

..............................................

سيأتيكَ في السِرّ ِ من زعفران ِ المرارة ِ

أو من حرير ِ انفعالاتِهِ

ويمنحكَ - يا ربما - وردة ً

للخروج ِ الجميل ِ

ويدفعكَ للفهم ِ ؛ والفعل ِ

يدفعكَ عن نفسِهِ ..

.................................................. .

قد تري ظِلّهُ في النخيل ِ

وفي البحر ِ ..

لكنه ؛ لا يبيع التراثَ

الموشّي بحكمة ِ مَنْ قد مضوا

بخصور ِ النساء ِ

ولا بالغناء ِ البديع ِ ..

.................................................

إنّهُ السيدُ المستحيلُ

الذي قد تبني الترابَ

وزكّاهُ ..

له خجلٌ كالحياة ِ

ورفضٌ بعرض ِ الأفقْ.

له عروة ُ الومض ِ

سطوة ُ الرفض ِ

والرعبُ في الأرض ِ

..................................................

ربما يعبرُ الشارعَ العربيَ

لابساً جُبّة ً من حرير ِ التفاعيل ِ

منسوجة ً بيد ِ الجوع ِ ؛ والموت ِ

أو بالتهجد ِ بالليل ِ

والأرضُ تهذي

إذا جاءها غاضبا ً

وتهرع للماء ِ

كي تحتسي حُلّة ً من حياة ٍ

تصلي الصلاة َ الأخيرة َ بين يديه

.................................................. .

نعمْ .. إنهُ سطوة ٌ

ولكنه مثلُ قول ِ النبيين

ليس له صولجانْ.

.................................................. .

قد يقالُ : احتمالٌ مريضٌ

وينسابُ..

يسرح في الخلق ِ

يسخرُ من منطق ِ الفرض ِ ؛ والعرض ِ

والكلماتُ احتفالٌ بِهِ..

إنهُ شاعرٌ..

رافضٌ

ثائرٌ

وبرئٌ

ويرضخُ في آخر ِ الأمر ِ للكبت ِ

أسراره في البنات ِ اللواتي

اشتعلن اشتياقا ً..

وأطفئن في الماء ِ بضّا ً..

نعم ..

إنه يرتدي صمتَهُ المستفزّ َ

يمتطي صهوة َ الحلم ِ ؛ والليل ِ

فالحلمُ ؛ والليلُ أسري لديه ..

.................................................. .

له في القميص ِ

وفي الحلم ِ

والجب ِ

والسجن ِ

أسطورة ٌ..

إنه السيدُ المستحيلُ الذي

آمنا ً ظل في سجنه

مستحيلا ً ؛ ومستعصيّا ً..

كيف يصبحُ مُستنفرا ً

في انتظار الهزيمة ِ

أو كالفريسة ِ

أو كالجريمة ِ

أطرافُهُ ينقصون

وأعضاؤه يضمرون..؟!!

كيف ينتابه الرعبُ

يهتاج ؛ مستنجدا ً من غد ٍ ؟!

أين منه الذراعُ التي حين تمتدّ ُ

تطوي الوشاحَ المطرّزَ بالجوعْ.

أين الدماءُ التي أنبتت

في الرماد ِ الدموع ْ.

قيلَ : كان قديما ً له خاتمٌ

حين يدعكهُ

فالكنانة ُ بين يديه

مطرّزة ً بالرجال ِ الدروعْ.

.................................................. ......

الكنانة ُ ؛ تشحذ تاريخها

وتبدأ من رقصة ِ الطمي

من سجدة ٍ تحت عرش ِ الألوهة ِ

تغسل فستانها من رماد ِ الأساطير ِ

ترقصُ ..

تلك إذن رقصة ٌ مشتهاة ٌ

ومكتظة ٌ بالوصايا

- عصير المنايا -

ونخلُ الكنانة ِ مُستنفرٌ؛ نافرٌ

والكنانة ُ ؛ بوابة ٌ مُشتهاة ٌ

لكل ِ صهيل ٍ ..

وفسقية ٌ من دماء ٍ زلال ٍ

وماء ٍ قراحْ.

فيا أيها السيدُ المستحيلُ

أدر

واستدر

واسقنا

وارو..عنّا

وثم ارونا

وارو كل نخيل ِ الجزيرة ِ

تحت سماء ِ الخليج ِ

وجُب بالنشيج ِ

وجُد بالفرات ْ..

..................................................

أيها السيدُ المستحيلُ

الذي ينتمي للبراءة ِ ؛ والضد ِ

هل تحتسي خمرة ً من كؤوس الفجيعة ِ

أم تكتسي حُلّة ً من ثياب ِ الشريعة ِ

ليس لنا في اليسار ِ

ولا في اليمين

ولا في الوقيعة ِ

أو في الشِراك ِ الخليعة ِ

سموكَ ماءَ الحياة ِ

وكنوكَ نهرَ الغضبْ.

أيها النادبُ ؛ المنتدبْ

بلسان العربْ.

_____________________________________