د. عدنان جواد الطعمة





بعد سقوط طاغية العراق صدام و نظامه الفاشي في التاسع من نيسان المبارك عام 2003 صادرت قوات الإحتلال و كذلك المسؤولون العراقيون أطنانا من الوثائق و كاسيتات الفيديو و الفايلات وغيرها من مباني المخابرات العامة و الأمن العامن و شعبة التجسس العامة و الشعبة الفنية .
كان السيد خالد ساجت عزيز الجنابي يعمل برتبة ضابط نقيب في المخابرات العامة هرب إلى الأردن في يوم 25 / 6 / 1999 بعد أن أعدم قصي صدام شقيقه المرحوم الفريق الركن كامل ساجت عزيز الجنابي بتاريخ 7 / 2 / 1999 .

ُنشرت إفادة النقيب خالد ساجت عزيز الجنابي في المواقع العراقية عام 2003 بعد سقوط النظام البائد .
ومن حسن الصدف و أنا أتصفح موقع ياهو وجدت هذه الإفادة الصادرة من شخص كان يعمل في مديرية المخابرات العامة التي يرأسها قصي صدام و شاهدا و مشرفا على عمليات إعدام ألفين عراقي بريئ و شريف في سجن ( أبو غريب ) بتاريخ 16 / 12 / 1998 بأمر من قصي ، دون الرجوع إلى القضاء و القانون و لا إلى أخذ موافقة من والده .
لماذا لم تحتج الجامعة العربية و يتظاهر الإخوة العرب على هذه المجزرة ؟
أحاول بإيجاز كتابة بعض ما أفاد به النقيب خالد ساجت عزيز الجنابي على مجازر و جرائم صدام و قصي و بعض من أفراد نظام البعث العراقي التي اقترفوها بحق شعبنا العراقي دون ذنب و بدون أن يمنحوا الشهداء حق الدفاع عن أنفسهم وفق القضاء و القانون بمثل ما تمتع به طاغية العراق صدام ، و أترك للإخوة العرب و العراقيين أن يراجعوا ضمائرهم و أنفسهم بعد أن يستمعوا إلى هذه الإفادة و التعليق على جرائم صدام و قصي و أتباعهم إن كانت مثل هذه الأفعال لها صلة بالإسلام و العروبة و الإنسانية أم لا ؟

دخل خالد ساجت عزيز الجنابي جهاز المخابرات العراقية عام 1979 و التحق بكلية الأمن القومي 1989 و تدرج في المخابرات و حصل على رتبة نقيب إلى أن غادر العراق بجواز سفر مزور بإسم آخر إلى الأردن في يوم 25 / 6 / 1999 بعد مقتل شقيقه الفريق الركن كامل ساجت عزيز الجنابي بتاريخ 7 / 2 / 1999 .


[ و يتحدث خالد ساجت الجنابي عن كيفية إعدام شقيقه من قبل قصي قائلا :

" كان للفريق الركن كامل ساجت عزيز الجنابي إجتماع عادي بتاريخ 16 / 12 / 1999 حضره صدام و قصي و عدي و آخرون في الساعة الحادية عشر و النص صباحا . ثم غادر إلى دائرته . و بعد ربع ساعة جاء العميد الركن جاجب محمد حسين مع ضابطين إلى شقيقه و قالوا له أن صدام يريدك الآن . فرد الفريق الركن كامل الجنابي عليهم قائلا : عجيب أنا كنت عند صدام قبل قليل ، فلماذا هذه العجلة ؟
ثم ذهب معهم و في الطريق لاحظ بأنهم سيأخذونه إلى قصي و ليس إلى صدام .
و عندما دخل ممكتب قصي حدث نقاش قوي بينهما و فجأة سحب قصي مسدسه و أطلق رصاصة في رقبة الشهيد كامل جانبيا و خرجت من الجانب الآخر و رصاصتين في صدره .
ثم خر على الأرض ، كما أطلق قصي على المرافقين للشهيد النار فخرا على الأرض أيضا ,
قال خالد إستفسرت من أحد الضباط في المخابرات عن أمر شقيقي ، فأجابني إنه ذهب بمهمة. و بعد مرور أسبوع سألتهم مرة ثانية دون فائدة . و بعد مضي 45 يوما إتصل بخالد الجنابي ، مدير سجن أبي غريب العقيد حسن العامري طالبا منه الحضور إلى سجن أبي غريب . ذهب خالد مع ولدي الشهيد كامل الجنابي إلى سجن أبي غريب و شاهد بأن فوجا من الحرس الخاص هناك . قال له مدير السجن العقيد حسن العامري أن الفريق كامل معدوم اليوم إذا ما تأخذوه و تدفنوه ، فإننا سندفنه .
تمالك خالد الجنابي أعصابه و سأله عن أسباب إعدام شقيقه فأجابه العقيد حسن العامري لا توجد قرارات ، لا تحجي ، ولا توجد أسباب أخرى .
خرج خالد مع ولدي شقيقه حاملين معهم جثة الفريق الركن كامل الجنابي برفقة فوج من الطوارئ إلى المقبرة لدفن شقيقه . قال خالد أردنا حضور إمام لأداء الصلاة على شقيقه فرفض العقيد قائلا لا صلاة ولا توديع جنازة .
ثم استطرد خالد قائلا أني أعرف أساليب هؤلاء و تقبلت الموقف و أنا مؤمن بأن دم المسلم لن يذهب سدى . ثم توجه خالد مع مرافقيه إلى بيت شقيقه فوجد أن كافة بيوتهم مطوقة و محاطة من قبل المخابرات . إلتزمنا بالصمت و الهدوء و قلت للأهل و الأقارب لا تتكلموا ولا تعملوا شيئا لأن صدام و قصي سيقتلان الجميع . و في اليوم الثاني من الدفن أصدر صدام أمرا بمنع السفر و الإقامة الإجبارية لعائلتنا .
ثم تحدث خالد عن كيفية هروبه إلى الأردن . و تحدث عن صدور أمر بتاريخ 15 / 3 / 1998 بتطهير السجون العراقية و ذلك بتشكيل لجنة من الأجهزة الأمنية و الإستخبارات و الأمن العام و الجهاز الخاص و المخابرات العامة .
كان سجن ( أبو غريب ) مقسما إلى سجن عسكري خاص و سجن مدني .
صدر أمر بتعيين مشرفين على سجن أبي غريب بتاريخ 15 / 3 / 1998 ، وهم :

النقيب عباس حسين علي ، من الإستخبارات العامة
قاسم كريم حمد القيسي ، من الأمن العامة
سعدون فرحان عبد الدوري ، من جهاز الأمن الخاص
النقيب خالد ساجت عزيز الجنابي ، من مديرية المخابرات العامة

كان واجبنا ، كما قال خالد ، هو الإشراف على السجناء و متابعة التنفيذ ، مثلا إذا إنتهت مدة السجن و أن المسجون لا زال في السجن و لم يطلق سراحه ، فإننا نقوم بالكتابة عنه و ننتظر الأوامر التي تصلنا بشأنه .
تتبدل كل وجبة من المشرفين على السجن كل عشرة أيام .
وعندما أردت الذهاب إلى بيتنا في يوم 26 / 4 / 1998 قال لي مدير السجن يجب أن أبقى مع الآخرين لأن مسؤولا كبيرا راح يزورنا .
فوجئنا في الساعة السابعة و النصف عصرا بأن الحرس الخاص قد ملأ السجن ، و علمنا من خلال الحرس الخاص بأن قصي صدام سيزورنا . و بالفعل جاء قصي و رحبنا به ولا حظنا بأنه كان يعرف أو يندل المكان الذي جاء من أجله . فقال قصي لمدير السجن العقيد حسن العامري ، أريد أن أتجول في السجن . كان عندنا في السجن تقريبا 2000 سجين ، وهؤلاء وجهت لهم إتهامات باطلة ، و أكثرهم فقراء من الجنوب بتهمة أنهم يشتغلون مع المعارضة أو أنهم يهربون من الجيش أو ينتمون إلى حزب معين ، من أجل أن يطبقوا عليهم عقوبة الإعدام . و أكثرهم محكومون بعقوبات خفيفة و قسم منهم إنتهت مدة حبسه و قسم آخر ينتظر الإفراج عنه . و لم يصلنا في حينه أي قرار بشأنهم من ديوان رئاسة الجمهورية ، و قلنا لقصي نحن ننتظر أمر رئيس الجمهورية ، لكي نتخذ الإجراءات بشأنهم .
قال قصي للعقيد حسن العامري ، إنتو لازم تنزلون بيهم عقوبة الإعدام الألفين واحد .
ألفين عراقي هذه كارثة .
قال قصي للعقيد حسن العامري إنت تنفذ الإعدام و سوف يصلك أمر الرئيس بعدين .
قال له : سيدي ، إن هذا العدد كبير ولا نقدر أن نخلصه .
قال قصي : هذا الأمر من قصي صدام و أنك تنفذ و يأتيك الأمر .
أوعز العقيد حسن العامري بأننا سنبدأ بالإعدام في الساعى السادسة صباح غد . ثم قال قصي : سأترك عندكم ضباطا من الجهاز الخاص يشرفون عليكم .
قال خالد الجنابي كانت لدينا في سجن أبي غريب خمس مقصلات . تنفذ بالعسكري عقوبة الإعدام و القسم الثاني شنقا .
يقول خالد الجنابي بدأنا بالإشراف على عمليات الإعدام و الشنق لألفين عراقي شريف من الساعة السادسة صباحا و حتى الساعة التاسعة مساءا .
أمر قصي بإعدام الألفين عراقي دون الرجوع إلى والده .
و بعد الإنتهاء من شنق و إعدام ألفين عراقي إتصلنا بقصي و أخبرناه بأن المهمة قد انتهت . فأجاب قصي أعطوا جثثهم إلى أهاليهم و الآخرين أدفنوهم في المقبرة الخاصة ( مقبرة الكرخ ) . وضعت أرقام و ليس أسماء لكل قبر للمدفونين بها .
و يستطرد خالد قائلا : لقد دامت عمليات تسليم و دفن الجثث ستة أيام . و أنا أعرف المقبرة جيدا و أستطيع تشخيص أسماء الشهداء الذين دفنوا بها من خلال قائمة أرقامهم .
ماذا أقول أن مجازر رهيبة جدا حدثت في سجن الحاكمية و سجن الرضوانية ، و العراقيون لا يعرفونها ] .

وبناءا على ما تقدم أرجو من الإخوة العراقيين و العرب الذين تأثروا و حزنوا على طريقة إعدام صدام أن يحكموا ، هم بالعدل على ما حدث و يراجعوا أنفسهم . هذه هي عدالة الله و حكمه .
رحم الله شهداءنا العراقيين بغض النظر عن مذهبهم و قوميتهم و دينهم
عاش شعبنا العراقي النبيل بكافة قومياته و مذاهبه و أديانه و أطيافه السياسية الوطنية !