اللهم صلِّ على محمد وآل محمد

فاتحة الحمد
الحمد لله الذي كان في أوليّته وحدانيّاً، وفي أزليّته متعظّماً بالإلهيّة، متكبّراً بكبريائه وجبروته، ابتدأ ما ابتدع، وأنشأ ما خلق على غير مثالٍ كان سبق لشيءٍ ممّا خلق، ربّنا القديم بلطف ربوبيّته، وبعلم خُبره فتق، وبإحكام قدرته خلق جميع ما خلق، وبنور الإصباح فلق، فلا مبدّل لخلقه، ولا مغيّر لصنعه، ولا معقّب لحكمه، ولا رادّ لأمره، ولا مستراح عن دعوته، ولا زوال لملكه، ولا انقطاع لمدّته، وهو الكينون أوّلاً، والدّيموم أبداً، المحتجب بنوره دون خلقه، في الأفق الطامح، والعزّ الشامخ، والملك الباذخ، فوق كلّ شيءٍ علا، ومن كلّ شيءٍ دنا، فتجلّى لخلقه من غير أن يكون يرى، وهو بالمنظر الأعلى، فأحبّ الاختصاص بالتّوحيد، إذ احتجب بنوره، وسما في علوّه، واستتر عن خلقه، وبعث إليهم الرّسل لتكون له الحجّة البالغة على خلقه، ويكون رسله إليهم شهداء عليهم، وابتعث فيهم النبيّين مبشّرين ومنذرين، ليهلك من هلك عن بيّنة، ويحيا من حيّ عن بيّنة، وليعقل العباد عن ربّهم ما جهلوه، فيعرفوه بربوبيّته بعدما أنكروا، ويوحّدوه بالإلهيّة بعدما عندوا .