بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

لقد طال الحديث وكثر في توجيه الشباب وإسداء النصائح لهم وحثهم على الإقبال على ما فيه صلاحهم وتجنب ما يسوءهم من قبيح العمل لامتلاكهم لطاقات تتفجر بالحيوية والنشاط والحماس فكانت تلك المواعظ بمثابة تنظيم لذلك النشاط ليكون عائدا عليهم بالصلاح وعلى المجتمع الذي يعيشون فيه بالخير والرقي الذي لا يكون إلا باستغلال تلك الطاقات وتوجيهها التوجيه السليم
ولم يكتفى بالنصح والإرشاد بل تعداه إلى فتح المراكز الإجتماعية والنشاطات الرياضية والمدارس التعليميه والمعاهد التي تنمي القدرات والمنتديات التي تجمع الشباب فاتحة لهم باب الحوار الثقافي الهادف والتعارف الأخوي وتنظيم الرحلات وكل ذلك يصب في إبعاد الشباب عن الإنحرافات التي تعود عليهم وعلى مجتمعاتهم بالوبال من خلال تفشي الجريمة وانتشار الفحشاء والعياذ بالله
وكل ذلك جميل تشكر عليه تلك المؤسسات وأولئك الأفراد الذين نذروا أنفسهم في خدمة الشباب وانتشالهم من وحل المعاصي والتحلل الخلقي الذي يحط من قدر المجتمعات
فالشباب هم أمل ألمستقبل
بهم تكون الحياة وترتقي الأمام وتتحضر الدول وهم الدرع المنيع والحصن الحصين وهم الفكر المتفجر بالعلم والمعرفة إن هم تربوا على الفضيلة وتعلموا الخلق العظيم وطبقوه على أنفسهم وتعاملوا به مع القريب والبعيد من دون استثناء
والأجمل أن لا تغافل الكهولة من الناس
فكثير من الناس حينما يتقدم به العمر خصوصا في سن الأربعين وما بعده يكون خطرا على المجتمع أعظم من خطر الشباب إن لم يوجه توجيها سليما وسبب ذلك يعود إلى حالة نفسية سببها اشتعال شعر رأسه بالشيب وكذلك شعر لحيته
حينها يحاول أن يبدي لمن حوله أنه لا زال شابا تتفجر بداخله طاقات الشباب ويدلل على ذلك بأعمال صبيانية بعيدة عن الخلق الحميد تكون نتائجها وبيلة جدا على المجتمع الذي يتهاون لهذه الشريحة أن تعمل الفحشاء الصارخ والمنكرات التي لا يقرها الدين ويمقتها الخالق العظيم
نعم أيها الأحباب
كما أننا نهتم بالشباب ونجهد في انتشالهم من وحل الجريمة
علينا أن نهتم بهذه الشريحة من الناس بتوجيه النصح المباشر والغير مباشر لهم واستغلال طاقاتهم فيما فيه خدمة مجتمعهم وإنشاء المراكز التطوعية وحثهم على الإنخراط فيها ليكونوا ثمرة خير للمجتمع وعقد دورات تثقيفية تبين مدى حاجة المجتمع لخدماتهم فهم يملكون طاقات لا تقل عن طاقات الشباب ويجب أن تسخر في خدمة الشباب فهم يتفوقون على الشباب بالخبرات والتجارب التي مروا بها خلال مسيرتهم في هذه الحياة
كما أن للخطباء دور في توجيه هذه الشريحة من الناس إلى الطريق السوي الذي يجنبهم الوقوع في الرذائل والعياذ بالله
وذلك من خلال سرد قصة تختم بعبرة تعود عليهم بالفائدة والتي تقربهم إلى ما فيه الصلاح وتجنبهم الفواحش المنكرة والتي تودي بهم إلى الهاوية والهلاك
والتلميح لمن يمر بهذه السن بأن عمله هذا فيه معيب يعود عليه بالسفاهة وافتتاح ذلك الخطاب بالآيات المباركات من سورة الأحقاف والتي تتحدث عن العمل والطيب والعمل السيئ والنتائج التي يتحصل عليها ذلك الإنسان الذي وصل إلى هذه المرحلة من العمر
قال تعالى
وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ 15 أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ 16 وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ 17 أوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ 18 الأحقاف
وفي الختام
أدعو الله أن يمن على الجميع بالهداية والصلاح وإفراغ الطاقات في خدمة الدين ورقي الفكر لنكون خير أمة أخرجت للناس كما قال تعالى
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ 110آل عمران