+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: رحلة القلوب الراجلة نحو كربلاء

  1. #1
    الحمامي kfinjan is on a distinguished road
    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    الدولة
    البصرة الزاهرة دوما باهلها
    المشاركات
    274

    افتراضي رحلة القلوب الراجلة نحو كربلاء

    رحلة القلوب الراجلة نحو كربلاء
    وميسرة البحث عن الخلاص


    كاظم فنجان الحمامي

    ربما يتساءل البعض عن سر المسيرات المليونية الزاحفة نحو كربلاء في الظروف الجوية القاسية, ولماذا تحركت هذه الجموع الغفيرة بخطاها المذبوحة على الإسفلت المخذول, وواصلت سيرها على الأقدام في الحقول والبراري, مع علمهم المسبق بأنهم قد يتعرضون إلى الموت بالعبوات والأحزمة الناسفة, أو بتفجيرات السيارات المفخخة, أو بقذائف مدافع الهاون, وغيرها من وسائل الموت, بما فيها تسميم الطعام وتلويث مياه الشرب.
    حاول المحللون السياسيون الإجابة على هذه التساؤلات في الفضائيات المتخصصة بزرع الفرقة وبث الفتن والدسائس, وجاءت إجاباتهم متخاصمة تماما مع واقع الحال, ومتأثرة بإيحاءات الحملات الإعلامية السياسية المنساقة وراء النعرات الطائفية, كانوا يظنون إن هذه الملايين الزاحفة نحو كربلاء مدفوعة بتوجهات سياسية مغلفة بغبار الطقوس والمناسك الدينية, وكان يتعين عليهم ان يدركوا سر البنية السيكولوجية العراقية, ويتعمقوا في دراسة تركيبتها، ويشخصوا هذه الظاهرة بمنظار الحكيم المتجرد من التأثيرات المنحازة, لابد ان يكونوا خبراءبتقلبات الظروف القاسية التي مر بها الناس في العراق, لكي يدركوا بأنهذه المسيرات المليونيةتشكل تحدياً كبيراً للفساد، وأن هذا التحدي يفرض حضوره في جميع مناحيالحياة اليومية. وأنه يتضخم بين الحين والآخر على شكل مسيرات عفوية سلمية متكررة. وأن عظمة هذا التحدي تستدعي ارتقاء الدولة العراقية نفسها إلى عظمة الاستجابة لمطالب الناس البسطاء, بعد أن صارت تلك المطالب أثقل من الأحمال المتراكمة, التي تنوء بها الجبال. لقد تجرد المشاركون في هذه المسيرات من انتماءاتهم الطائفية, وتخلوا عن ولاءاتهم القبلية, وتركوا مشاكلهم الشخصية وراء ظهورهم, وقرروا تنظيم أنفسهم بأنفسهم من دون أن تتدخل الدولة في شؤونهم, ومن دون أن يسمحوا للمنظمات الحزبية باستغلالهم, أو يفسحوا المجال لتوظيفهم في الحملات الانتخابية, فتحرروا من جميع القيود والارتباطات الدنيوية والمادية, وان من يلتقيهم سيكتشف للوهلة الأولى انه يقف أمام تظاهرة احتجاجية تقودها الأغلبية الصامتة, التي خرجت لترميم الهواء الذي هدمته الأحقاد, وربما يقع مغشيا عليه من هول الصدمة, إذا علم بان هؤلاء الناس خرجوا بالملايين لكي يستمدوا القوة والعزيمة من ثورة الحسين في الوقوف بوجه الباطل, وإنهم خرجوا للاعتراض على كل أنواع الفساد.
    لقد أدرك العراقيون بأحاسيسهم الفطرية الصادقة, إن سر قوتهم تكمن فيتعزيز وحدتهم الوطنية, وتنبعث من إرادتها الصلبة, التي ينبغي أن لا تلين, فشكلوا المسيرات الكبيرة لعرض مظالمهم ومطالبهم في الهواء الطلق, والدعوة لإصلاح حال السياسيين الذين ركبوا رؤوسهم, وتخلوا عن واجباتهم الوطنية الأساسية, وأبحروا بسفينة الشعب المنكوب نحو الهاوية, وراح بسبب خلافاتهم على السلطة مئات الآلاف من الضحايا, وخمسة ملايين مهاجر ومهجّر, ومئات المليارات من الخسائر المادية.حتى صار العراقيون كما يقول صابر بن حيران: مواطنون دونما وطن, مطاردونكالعصافير على خرائط الزمن, مسافرون دون أوراق, وموتى دونما كفن, مواطنون في مدائن البكاء, حيث تسير جثث الشهداء مرفوعة الرأس, وحيث يخصب الموت وتزدهر الفجيعة, قهوتهم مصنوعةمن دم كربلاء,حنطتهم معجونة بلحم كربلاء,طعامهم, شرابهم, عاداتهم, راياتهم, قبورهم, جلودهم مختومة بختم كربلاء, لا أحد يعرفهم من عرب الصحراء, أسماؤهم لا تشبه الأسماء,فلا الذينيشربون النفط يعرفونهم,ولا الذين يشربون الدمع والشقاء, معتقلونداخل الحزن, وأحلى ما بهم أحزانهم, وحيثما تلفتوا وجدوا المخبر السري فيانتظارهم, وخبزهم مبلل بالخوف والدموع,مقتلعون كالأشجار من مكانهم, مهاجرون من مرافئ التعب,لا أحديريدهم من قلعة الحدباء إلى ضفاف شط العرب,مسافرون خارج الزمان والمكان,مسافرون ضيعوا نقودهم, وضيعوا متاعهم, وضيعوا الإحساس بالأمان,نصفهم في الغربة، ونصفهم الآخر يفضلون البقاء في العراق ليموتوا كل يوم من الخوف والغضب والفقر والقلق.
    ينتمون إلى الأمة الوحيدة التي ترى المنكر ولا تستطيع أن تغيره حتى بأضعف الإيمان, وينتمون إلى الأمة الوحيدة التي يسمح فيها لرجل الدين الإفلات من عقوبة التحريض على القتل إذا نعت أحد خصومه بالفسوق, وينتمون إلى الأمة الوحيدة التي لا يزال رجال الدين فيها يستخدمون كلمة (التكفير) ضد خصومهم, وينتمون إلى الأمة الوحيدة التي تشترك في دين واحد, ومع ذلك لا تتفق على رؤية واحدة لأحكام هذا الدين. والأمة الوحيدة التي يهذر فيها وعاظ السلاطين كما يشاءون, ثم يختمون كلامهم بعبارة (والله أعلم)، وكأن الناس لا تعلم ذلك, والأمة الوحيدة التي صارت متخصصة في صناعة الموت, ومتفننة في زراعة الحقد والكراهية, والأمة الوحيدة التي لديها جيوش وأرضها محتلة وتخشى القتال. فلا خيار أمامهم إذن, وهم في هذه الأوضاع المزرية إلا بتنظيم المسيرات الاحتجاجية المليونية الصامتة, ومواصلة السير نحو كربلاء, والبحث في رحاب ثورة الحسين عن الخلاص من هذا المأزق الذي تمر به الأمة. ومواصلة النضال من اجل العراق الجديد المبني على أسس العدالة والإنسانية, وإشاعة روح المحبة والتسامح بين الناس. .
    لعلكم تتذكرون نضال الزعيم الهندي (غاندي), ومئات الآلاف من الهنود الذين اشتركوا معه في مسيرة الملح, وكفاحه السلمي لتحرير الهند من مخالب الاستعمار البريطاني بطريقته السلمية, التي حددها ببضعة نقاط, نذكر منها:أن يكون المناضل مستعداً للتضحية, وأن هذا النضال يصلح للجميع وحتى للأطفال, ويصلح للشعب كما يصلح للفرد, وأنه يستبعد فكرة العداء والحقد, ونجح من خلال إيمانه المطلق بهذه المبادئ الصادقة في تعزيز تآخي الأديان من أجل تكريس وحدة الشعب الهندي، وخاصة أتباع الديانتين الهندوسية والإسلامية, وتحولت مسيرة الملح إلى تظاهرة وطنية هندية, يشترك فيها سنويا (حتى يومنا هذا) عشرات الآلاف من الهنود والأجانب في مسيرة شاقة يقطعون خلالها 500 كيلومترا في 24 يوما مشيا على الأقدام من مدينة (foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? آباد) في وسط الهند إلى مدينة (داندي) الواقعة على الساحل الغربي, وذلك في ذكرى مرور 80 عاما على (مسيرة الملح) التي قادها المهاتما غاندي عام 1930, وهو العام الذي رفض فيه غاندي دفع ضريبة الملح التي فرضها البريطانيون، وسار مع جماعته نحو مصنع الملح في (داندي) تأكيدا لرفض الهنود احتكار البريطانيين لصناعة الملح في البلاد.
    وهكذا نجح غاندي في تنظيم مسيرة الخلاص, وتكررت هذه المسيرات الاحتجاجية حول العالم, نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر تلك التظاهرة التي انطلق فيها عمال(جرادة) في المغرب العربيفي مسيرتهم, التي نظموها سيرا على الأقدام إلى الرباط,ورافقهم فيهاأطفالهم ونساؤهم، احتجاجا على عدم تسوية ملفاتهم العالقة مع شركة (مفاحم جرادة) قبل إغلاق أبوابها نهائيا.
    ولو عدنا إلى الوراء لوجدنا إن الإنسان العراقي كان يواصل, ومنذ زمن بعيد, بحثه الدءوب عن ذاته في مواجهة الحكومات المتعاقبة, التي لم تشعر بوجوده, ولم يشعر هو بانتمائه إليها, وشاءت الأقدار أن يرى نفسه هذه الأيام في رحلة جديدة للبحث عن الخلاص من المحتل, والخلاص من الفساد, والخلاص من أولئك الذين ركبوا الطائفية ثورا هائجا ينطحون به جدران وحدته الوطنية, ويمزقون نسيجها الاجتماعيالمتجانس, تلتها رحلات كثيرة ومتشعبة للبحث عن الخلاص من ثرثرة الفضائيات المريبة, والبحث عمن يرسي قواعد العدل والإنصاف بين الناس, والبحث عمن يوفر الأمن والأمان, والبحث عمن يحمي الحريات الشخصية, ويسعى للمساواةبين الناس بصرف النظر عن مذاهبهم ومعتقداتهم, واكتشف العراقيون إن العقل البشرى مطبوع على الاختلاف, والكون كله مطبوع على التنوع.وإنهم باتوا في أمس الحاجة للتلاحم والتسامح, فاهتدوا بقلوبهم الطيبة إلى القيام برحلتهم المليونية الشاقة للبحث عن القائد المُخلّص الذي تتوفر فيه العفة والنزاهة والشجاعة والشرف والذكاء والاستقامة والأخلاق الرفيعة والروح الوطنية العالية, فلم يجدوه إلا في شخص سيد شباب أهل الجنة. ويبدو إنهم سيواصلون مسيراتهم نحو كربلاء العصية على الإزاحة والنسيان, وسيواصلون احتجاجاتهم المليونية حتى إشعار آخر.

  2. #2
    فراتي مهم جدا الحــر is on a distinguished road الصورة الرمزية الحــر
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    الدولة
    بلد قربانه دمائنا
    المشاركات
    4,123

    افتراضي رد: رحلة القلوب الراجلة نحو كربلاء

    بوركت يا استاذي الحمامي الكريم
    اخذتنا بنا وبقلوبنا نحو تحليل راقي وقيم لهذه الملحمة الفطرية الثورية الخالدة
    بالفعل هي الخلاص والوقفة والقوة الحقيقية التي نمتلكها لنحتج بها ونقف بها تجاه كل العقبات المناوأه
    وفقكم الباري ودمت بهذا العطاء الطيب والكريم

  3. #3
    qeen ام فيصل is on a distinguished road الصورة الرمزية ام فيصل
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المشاركات
    51,391

    افتراضي رد: رحلة القلوب الراجلة نحو كربلاء

    كعادتك تستفيض بالحديث وتجعلنا مشدودين الى قراءة كل كلمة
    لأنها كلمة الحق

    الرائع دوما الاخ كاظم
    لاحرمنا هذا المداد العراقي الذي ينضح دوما عرقا عراقيا وغيره

    وكل الشكر للموضوع القيم
    لك اطيب التحايا عزيزي
    مع كل التقدير
    التعديل الأخير تم بواسطة ام فيصل ; 16-06-2010 الساعة 05:02 AM

  4. #4
    عضو مشارك بنت البحرين is on a distinguished road
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    200

    افتراضي رد: رحلة القلوب الراجلة نحو كربلاء

    السلام عليكم ورحمة الله

    أخي العزيز سلمت يداك لما كتبت فإنك فعلا أخذتني الى اجمل ذكريات عشتها على أرض كربلاء وأتمنى أن يعودها الله علي وعلى جميع المؤمنين والمؤمنات وفعلا نحن نتخذ الإمام الحسين عليه السلام قدوتنا لكى ندافع عن حقوقنا المسلوبه ونسمتد القوه منه وتقبل مروري على صفحتك

  5. #5
    عضو مشارك النورس الجريح is on a distinguished road الصورة الرمزية النورس الجريح
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    النجــــــــف الأشــــــــرف
    المشاركات
    2,074

    افتراضي رد: رحلة القلوب الراجلة نحو كربلاء

    المسير الحسيني شعار إلهي محمدي علوي
    إتخذه شيعة وشرفاء العالم طريقاً الى الجنة
    وهل هنالك أشرف وأسمى من آل البيت نقصده
    لا والله لو زرعوا كل شبر من الا رض عبوة ناسفة
    لما نسفت حب الحسين في قلوبنا
    ولو فخخوا أرض العراق بسيارتهم المفخخة لما
    سلبونا حب الحسين
    عاهدنا الله ونبيه وآل بيته
    أن نجعل طريق الحسين مزاراً يغسل ذنوبنا
    ويروي ظمأ قلوبنا للإيمان ونحن باقون
    على عهدنا
    بوركت ايها الاخ المبجل موضوع غاية
    في الروعة وهل هنالك أجمل من هذا الحديث
    الذي تستأنس له ملائكة السماء
    جعله الله في ميزان حسناتك
    تقبل مروري المتواضع

  6. #6
    مشرف عام ابو فاطم is on a distinguished road الصورة الرمزية ابو فاطم
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المشاركات
    8,996

    افتراضي رد: رحلة القلوب الراجلة نحو كربلاء


    وماذا عساي ان ارد يا استاذ كاظم .. ؟
    يا استاذي الفاضل الكريم المعطاء
    اشعر بصغر قلمي امام عظيم ما قرأت ...
    حفظك الباري بحق كربلاء الحسين ومصاب الحسين
    وآل الحسين الاطهار
    وبحق كل القلوب الزاحفة
    والارواح المتلهفة
    لرضا الباري سبحانه ورضاهم اجمعين
    على حبيبنا المصطفى وآله الطيبين الطاهرين اطيب الصلاة واتم التسليم

    لا حرمنا الله من مثل شخصكم الكبير
    وقلمكم الذي يسكب بارواحنا هذا المداد الروحي الرائع حقااااا

    بعدد وحجم كل تلك القلوب التي زحفت
    اقدم شكرى لك واحترامي


+ الرد على الموضوع

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. موسوعه عاشوراء الكبرى --- ارجوا التثبيت
    بواسطة الحــر في المنتدى اهل البيت (ع)
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 02-01-2010, 10:44 AM
  2. معلومات عن مدينه كربلاء
    بواسطة العراقي الاصيل في المنتدى سياحة و سفر
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 09-07-2009, 05:28 PM
  3. رحلة مع القلوب ...
    بواسطة الحــر في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 22-02-2009, 12:48 AM
  4. كربلاء بين الماضي والحاضر
    بواسطة عاشق عيونك في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 28-11-2008, 03:01 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك