فالمؤمن الحقيقي يكون عامه كلـّه تقوى وإيمانا، وحبّا وطاعة للرحمن، تراه صائما في النـّهار وقارئا للقرآن، وذاكرا للرّحمن، ومحاربا للشيطان، وإذا جنّ عليه الليل فهو ما بين راكع وساجد، ولله خاشع وخاضع.
أما بعض الأشخاص تراهم عكس ذلك تماما فهو يفرط في هذه الفرصة الثمينة التي وهبها الرحمن له، إذ أن الشياطين مصفدة وأبواب الجنان مفتحة، وأنفاس الصائم فيه تسبيح ونومه عبادة فحري به أن يستغل هذه الفرصة الذهبية للاستزادة من التقوى والعلم والمعرفة والتكامل الروحي لينجو من مرديات الدهر التي تقضي على روح الإيمان في الكثير منا خصوصا إذا غفل عنها وتساهل إزاء التعامل معها، تراه وبدلا من التزود بالتقوى في شهر التقوى، فإنه يفرط في جنب الله ورمضان عنده شهر المحيبس والغيبة والنميمة، شهر السّهر والأفلام ، شهر الجلوس أمام القنوات ، شهر الراقصات والمغنـّيات ، شهر فوازير رمضان مع المذيعات الكاسيات العاريات،
شهر يكثر فيه التـّرف وأكل الحلويـّات، شهر يصاب البعض منا بالتـّخمة ويأخذ إلى المستشفيات.
فرمضان بالنسبة إلى أولئك المغفلين هو شهر المعاصي للواحد الديـّان، فتراهم يصومون عن الأكل والشراب ولا يصومون عن الكذب والغش والنـّميمة والغيبة والسبّ واللعنّ والطعن والهمز، بل ــ عياذا بالله تعالى ــ لم ينجُ من ألسنتهم حتـّى العلماء والمؤمنون في رمضان ولا في غيره، بل انتشر فينا قول الزور وشهادة الزور حتـّى في رمضان، وهذا هو الشقاء بعينه حيث أن الشقي من حرم الغفران في أجواء الرحمة الرمضانية الإلهية المتاحة لجميع العباد ولا يتلقاها إلا ذو حظ عظيم.
إن كثير منهم وللأسف لم يفهموا منه إلا الإمساك عن الطعام والشراب والنكاح، لكنهم عن كثير من الشهوات لم يمسكوا!! فإنه يؤدي الصلاة ويمسك عن الطعام بيد أنه لا يتورع عن ارتكاب المعاصي كخوضه في أحاديث الغيبة والتهم والافتراء، وتبديد وقته في مجالس اللهو واللعب أو مشاهدة البرامج المخلة بالشرف والمخدشة للفضيلة، فمثل هكذا صائم لا يجني من صيامه إلا الجوع والعطش ولا يكون الصيام بالنسبة إليه محطة للعروج والسمو الروحي للحصول على مراتب الكمال والفوز بالدارين كما هو المؤمل والمرجو من فلسفة تشريعه في الإسلام.
تحياتي
جقجوق الرومانسي


 
		
		 
			 
			 
			 
 
			
			 
  رمضان المبارك... بين الدوافع الروحية والمواريث الشعبية
 رمضان المبارك... بين الدوافع الروحية والمواريث الشعبية
				


 رد مع اقتباس
  رد مع اقتباس



