المؤمن حين يسبح بروحه في ملكوت الله ، و يتأمل بفكره في مخلوقاته ، يرى
القدرة الباهرة ، و الصنعة الفائقة ، و الحكمة البالغة ، ثم يلتفت يمنة و يسرة في
هذا الوجود ، فلا يرى سوى مظاهر الجود ، و نعم الله الفيّاضة بلا حدود ،
فعندئذ تنغمس روحه في جنانه ، وتتيه في رحابه ، فيزيد جموحها في التعلق
بجماله .. و إذا تعلقت الروح هذا التعلق أحبّتِ الله ، و سعدت بالنور الذي يغمر
حياتها ، و يضيء جوانحها .. نعم ، إذا استوفت الروح هذه الرحلة ؛ رحلة النظر
و الاستغراق ، انتقلت إلى حالة الشكر و الانقياد لأقضية الخلاق . عندها تُفتح لها
طرق الوصول إلى عتباته ، هنالك حيث موارد أحبابه ... و إذا غرفت الروح
من ساقة القرب تاقت ، و إذا تاقت اشتاقت ، و إذا اشتاقت آثرت اللحاق على
البقاء هاتفة " و عجلت إليك ربي لترضى " .
تحياتي للجميع..