بسم الله الرحمن الرحيم
إعلم أن الإنسان مركب من شيئين :
أحداهما : هذا البدن الظاهر الذي يسمونه الجسم ، والمركب من عناصر (أربعة :الماء -الهواء-النار-التراب) ، وهو من جنس هذا العالم.
والثاني : النفس التي يسمونها الروح والعقل والقلب ، وهي جوهر مجرد من عالم الملكوت ، وبسبب هذا الجوهر ، فُضِّل الإنسان على سائر الحيوانات.
والإنسان بسبب هذين الجزئين لديه ألم ولذة ، ومحنة وراحة.
آلام البدن هي عبارة عن الأمراض والأسقام ، وعلم الطب موضوع لبيان هذه الأمراض ومعالجاتها.
وأمراض الروح هي عبارة عن الأخلاق الرذيلة الموجبة للهلاك السرمدي ، وصحة الروح اتصافها بالأوصاف القدسية.
إذن كما أن الإنسان محتاج في أمراض البدن إلى طبيبب ، وإلى شرب الدواء والوقاية ، والإمتاع عن لذات الجماع ، والطعام الخسيسة ، وأمثالها لتصحيح البدن ، فهو في دفع الأمراض الروحية أحوج إلى المعالجة ، ,وإلى الرجوع إلى علماء الأخلاق.
فمرض الروح يمنع الإنسان من الوصول إلى اللذات الأبدية والسعادة السرمدية .
فاحذر أيها الأخ الحبيب أن تستهين بمرض الروح ، ولا تعتبر معالجتها لعباً ، ولا تستصغر مفاسد الأخلاق الرذيلة ، ولا تقيسنّ صحة الروح بصحة البدن ، واعلم أن السعادة المطلقة لا تحصل إلاّ بأن تطهر ساحة النفس من الأخلاق الذميمة في جميع الأوقات ، وأن تتحلى بجميع الصفات الحسنة.
وإصلاح البعض أو في بعض الأوقات ، وإن لم يكن خاليا من الثمر ، إلا أنه لن يكون موجبا للساعدة الأبدية.