نحن نحترم من يضحي بنفسه ولكن ليس كلُ من يضحي هو على الحق
1-قال تعالى (((وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ))
فلا يشك أحد أن اليهود والأمريكان وعملائهم هم الأعداء الحقيقيون
2-قال تعالى ((لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )) وفي هذا دلالة على الولاء للمؤمنين والبراءة من الذين يعادون ويحاربون الله ورسوله قولاً أو فعلاً وبأي أسلوب من الأساليب المعادية للإسلام.
3-قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" ( إن الله إذا أردا بأمة شرا أورثهم الجدل ومنعهم العمل) وفي حديث أخر(أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك ألمراء وإن كان محقا،) وعن عثمان بن عفان "رضي الله عنه" قال :((إن الخلاف شر إن الخلاف شر))
وكما قال الإمام الشهيد حسن ألبنا "رحمة الله عليه "(( إن نتجنب تجريح الأشخاص والهيئات .....))
ولا بد في هذا المقام إن نتناول الحديث بموضوعية بعيداً عن العاطفة والانفعالات والتعصب المذموم الذي نهى عنه النبي " صلى الله عليه وسلم" ، فعندما اختلف الأوس والخزرج وهم بالتأكيد أفضل من الإخوان والسلفية والصوفية وأفضل من ابن لادن والقاعدة فقال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" فيما معناه ( دعوها فإنها منتنة ) ويقصد هنا العصبية للقوم والفئة والحزب والعشيرة يقول شيخ الإسلام ابن تيمية "رحمة الله عليه" في الفتاوى عن الطائفة التي تتحزب أي تصير حزباً فإن كانوا مجتمعين على ما أمر الله ورسوله فهو الاجتماع الممدوح وإن كانوا مجتمعين على ما نهى الله ورسوله عنه فهو الاجتماع المذموم على إن لا يتعصبوا لمن دخل في حزبهم بالحق والباطل وهنا يرشدنا شيخ الإسلام ابن تيمية "رحمه الله " أن لا نتعصب لأي فردٍ في جماعةِ الإخوان ولأي فردٍ في جماعه مثل القاعدة فنحن ندور مع الحق حيث دار وإن لا نقدس الأشخاص سواء كان حسن ألبنا أو ابن تيمية أو ابن لادن ...... وغيرهم إنما العصمة لكتاب الله وسنة رسوله "صلى الله عليه وسلم" ولا نقيس الحق بالرجال إنما نقيس الرجال بالحق الذي معه ومدى مطابقته لمنهج القرون الثلاثة الفاضلة خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم
وبعد هذه المقدمة إذا أردنا أن نقف عند الحادث الأخير بمقتل الشيخ أسامة بن لادن "رحمه الله " فإننا هنا نذكر ثلاث مسائل مهمة مع استنكارنا ورفضنا لهذا الفعل الأمريكي الصهيوني الذي ينال من قيادات الأمة الإسلامية.
أولاً : (الموقف من سفك الدماء) قال السلف (إن الله لا يقبل عملا إلا إذا كان مخلصا وصوابا ) فهنا شرطان لقبول الإعمال :- الإخلاص والصواب عن "أنس رضي الله عنه" قال: { جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا : أَيْنَ نَحْنُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ , وَمَا تَأَخَّرَ فَقَالَ أَحَدُهُمْ : أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا , وَقَالَ آخَرُ : وَأَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ , وَقَالَ آخَرُ : وَأَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ . فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَيْهِمْ فَقَالَ : أَنْتُمْ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟ أَمَا وَاَللَّهِ إنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ , وَلَكِنِّي أَنَا أُصَلِّي وَأَنَامُ , وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ , وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ , فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) فرغم أن عبادتهم كثيرة, ولكنهم فقدوا شرط الصواب في قبول العمل وقد وصف النبي "صلى الله عليه وسلم" أناس يأتون من بعدي تحقرون عبادتكم إلى عبادتهم وصلاتكم إلى صلاتهم وقراءتَكم إلى قراءتِهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فرغم عبادتهم لكن فعلهم جانبَ الصواب وهم الخوارج الذين ظهروا في زمن علي "رضي الله عنه" وقاتلهم بالسيف وعندما سألوه عن حكمه بالخوارج فقال " إخواننا بغوا علينا "
فرغم تكفيرهم إياه وقتالهم له فلم يحكم عليهم بالكفر والخروج من الإسلام بل قال "إخواننا بغوا علينا" , وعلى هذا القياس ، نحن لا نشك في إخلاص الذين يجاهدون الأمريكان من السلفية الجهادية ومن أتباع الشيخ ابن لادن الذين قاتلوا الروس سابقا والأمريكان حالياً ولكن نعترض على بعضِ أفعالهم وهو محاربة وإباحة دماء من غير المسلمين ومن غير المحاربين الذين لم يرفعوا سيفا على المسلمين فأباحوا دمائهم وقتلوهم تحت مبررات وأدلة غير مقنعة وتأويلها غير صحيح فقتل الأطفال والنساء والكبار والرجال المسالمين من النصارى لا يجوز شرعا إنما واجب علينا الدفاع والقتال ضد من رفع السلاح بوجهنا لأننا بفعلنا هذا (( المفخخات والأحزمة الناسفة وضرب الأبرياء الآمنين من النصارى جعلنا منهم أعداءً للمسلمين وحرمنا من هدايتهم إلى الإسلام وجعل عندهم ردت فعلٍ عن الإسلام والصورة مشوه يصعب علاجها , فالأصل قوله تعالى:{ ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً}.وليس بالضرورة إن الناس لا تدخل في دين الله إلا بالسيف والبندقية والمدفع فهذه ماليزيا وأندنوسيا وغيرها من البلدان دخلت الإسلام بأخلاق المسلمين من خلال تجارتهم .
ثانياً : (التدرج في الإصلاح ): ثم إننا نؤمن إن طريق الإصلاح يجب أن يبدأ من الفرد المسلم ثم من الأسرة المسلمة ثم من المجتمع المسلم فالدولة المسلمة ثم أستاذية العالم , ونحن هنا نعترض على منهج ابن لادن في الدعوة إلى الله حيث بدأ بالعداء ألأممي والعالمي للأمريكان ولم يهيئ الشعوب العربية وحكامها لاستقبال الإسلام وتشريعاته وأحكامه وحدوده , فالنبي "صلى الله عليه وسلم " أسس دولة المدينة ثم ذهب ليفتح الروم وبلاد فارس ولم يتجه أفراد قلة في مكة معدودين ليحارب بهم الدول العظمى في وقته صلى الله عليه وسلم ".
ثالثاً : أننا نقيس الرجال بالانجازات على الميدان وليس بكثرة القتلى والموتى ولو رأينا ما هي الانجازات التي حققها الشيخ ابن لادن وتنظيم القاعدة في كل البلاد التي وجدوا فيها لرأينا لم يورثوا إلا حقداً أو قتلاً أو مزيداً من الدماء وهنا نحن لا نتكلم عن السلفية المعتدلة الذين سلكوا طريق العلم الشرعي في الإصلاح وإنما اعتراضنا على السلفية الجهادية التي جعلت من الجميع أعداء حكاما وأفرادا رجالا ونساء أطفالاً وشيوخ فمثلا في العراق ما هو الانجاز الذي تم تحقيقه على الميدان نحن اعرف بذلك لقد كانوا سببا رئيسيا في ضرب المقاومة الشريفة في العراق وخلطها بالإرهاب وكانوا سببا رئيسيا في توسع المليشيات الطائفية على حساب اهل الحق لسبب سوء أعمالهم وتقديراتهم فمنعوا السنة من الدخول في الدولة بكل مكوناتها وهددوهم بالقتل مما جعل المفسدون والقتلة والمجرمون يمسكون الدولة ويعودون الكرة ويقتلوا الابرياء مرة أخرى ومنذ عام (2003 و2004 و2005 و2006و2007 ) كل هذه الأعوام كانت السنة حاضنة لتنظيمات القاعدة ومعركة الفلوجة شاهد على ذلك ولكنهم فشلوا لأنهم يحملون جهادا بغير علم وسيفا بلا قلم ولا رؤية ولا منهجية فالقتل عندهم لأجل القتل غايتهم ليس التمكين إنما ضرب الخصوم ولم يقفوا عند قتل المحتل بل ذهبوا يقتلون العلماء والمجاهدين معهم في الخندق ، بل قتلوا العلماء الكبار لا لشيء إلا لأنهم خالفوا في بعض أراء تنظيم القاعدة وقد استطاع الأمريكان والأحزاب الشيعية من أن يستخدموا القاعدة لضرب السنة في مناطقهم في عام( 2008 و2009 و2010) فاخترقوهم لضعفِ في التنظيم واستطاعت إيران أن تضرب المخلصين من المقاومة الشريفة والصحوات المخلصين والقادة السياسيين والعلماء المجاهدين من خلال تنظيم القاعدة الذين أغلبهم من الشباب المتحمس البعيد عن العلم وقد صدق حديث رسول الله فيما معناه " إن الله يقبض العلم بموت العلماء حتى إذا لم يبقى عالم اتخذ الناس رؤساء جُهالاً فأفتوا بغيرِ علم فضلوا وأضلوا ومن هنا نجد أن تنظيمات القاعدة لديها محاكم شرعية من أنصاف العلماء وأرباعهم لا يعرفهم أحد وهم مجهولوا الهوية وبدءوا يعدمون الناس ويقتلونهم لأسبابٍ تافهة وأباحوا قتل العلماء من السنة والسياسيين المخلصين لأنهم دعوا للمشاركة في الانتخابات ، وهذا من جهلهم قال ابن القيم "رحمه الله" تتغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والتقاليد والأعراف وهم القاعدة ليس لهم سوى حماس وتهور أضاعوا أنفسهم وأضاعوا أمة الإسلام .
إذاً باختصار أنهم رغم كثرة عبادتهم والتزامهم بالسنة وجهادهم للأمريكان لكنهم أخطئوا بالمنهج والطريقة التي ينبغي لنا أن نواجه الأعداء والخصوم قال تعالى : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ورغم اعتراضنا على كثير من الجماعات والحركات الإسلامية إلا أننا نرى فيها الخير الكثير إذا اجتمعت فكما إن السلفية أبدعت في جوانب معينة مثل الجهاد والعقيدة وطلب العلم وكذلك الإخوان أبدعوا وعمقوا الجهاد والسياسة وفهم الواقع ومثلهم الصوفية الذين ارتقوا في تزكية النفس وتنمية الروح وهذه باجتماعها عقيدة وجهاد ، سياسةٌ وحكم ، روحٌ وعاطفة ، ينتج المنهج الشمولي للإصلاح يقول الشيخ ابن القيم "رحمة الله عليه" : "العارف الحق هو الذي يتلون بألوان العبادة , ومقيم على معبود واحد , فهو مع المجاهدين مُجاهد ومع الغازين غازٍ ومع المصلين مُصلي ومع المزكين مُزكي ....) ونختم بقول المرشد الثاني لجماعة المسلمين حسن الهضيبي عندما ظهر التكفيريون الذين أباحوا دماء المسلمين فقال " نحن دعاةٌ لا قضاة ".
بقلمي