كاظم فنجان الحمامي
كثر الحديث هذه الأيام عن احتمالات سقوط المذنب (إيلين) فوق رؤوسنا في موعد اصطفافه على خط مستقيم بين الأرض والشمس صباح غد الاثنين 26/9/2011, فهل ستتحقق نبوءة الفلكي الروسي (الكسندر روبيروف), التي قال فيها: ان قوة الزلازل في اليابان وروسيا وكوريا سترتفع إلى تسع درجات بمقياس العم (رختر) ؟, وهل سيسقط المذنب في المحيط الهادي في المكان الذي حدده (روبيروف) ؟, أم أن سقوطه سيكون في إحدى مساراته المتوازية المارة بلندن وباريس ومدن دول الناتو في المكان الذي توقعه كهنة مذهب (الكابالا)؟.
قالوا: سوف يتسبب المذنب في كسوف الشمس لثلاثة أيام متوالية, وسيحجب نورها عن الأرض. وقالوا: ستخرج البراكين من سباتها لتقذف حممها في كل مكان بحيث ترتفع حرارة الأرض فوق معدلاتها الطبيعية, وقالوا: ستتسارع سرعات الرياح في الصحاري والبراري, وستحمل معها رماد البراكين المشبعة بالأشعة الكهرومغناطيسية, فتحرق الغابات والبساتين, وتتسبب في هيجان البحار والمحيطات, فترتفع الأمواج لتجتاح المدن الساحلية, وتتساقط الأمطار الحامضية في آسيا وإفريقيا. فتهدد سلامة سكان الأرض.
تبرعت الفضائيات العربية كعادتها ببث الفزع عبر قنواتها المتخصصة بإثارة الرعب في قلوب الناس, وتمادت في تخويفهم من الكوارث البيئية, التي سيحملها معه المذنب القادم من خلف الكواكب البعيدة, من منطقة تسمى بسحابة (أورت).
وأكاد اجزم أن هذا المُذَنَّب سيشعر بالذنب, ويكون لطيفا معنا عندما يمر بنا في العراق وعواصم الشرق الأوسط, ولن يصيبنا بأذى, فهو يعلم علم اليقين أن ما عندنا من الكوارث يكفي لحرق سحابة (أورت) بمداراتها, ويكفي لطمس معالم الثقوب الفضائية السوداء والبيضاء, واغلب الظن انه سيفضل الانتحار في أعماق المحيطات السحيقة من أن يمر بعرب الشيخ متعب.
وبعيدا عن تلك التكهنات والنبوءات الكارثية المفرطة في المغالاة, نذكر أن هذا المذنب يعد من المذنبات طويلة الدورة, بحيث يستغرق عشرة آلاف سنة حتى يكمل دورته حول الشمس, وسيكون في نقطة الحضيض لمداره في السادس عشر من هذا الشهر, وهي النقطة الأقرب للشمس, على مسافة عشرين مليون ميلا, وهذه المسافة تعادل البعد بين الأرض والقمر مئات المرات, ولن يقترب أكثر من ذلك مهما استطال ذنبه.
وقد أشيع أيضا بأن حجم هذا المذنب ضخم على نحو غير معتاد, والحقيقة انه صغير الحجم, تغلفه سحابة رقيقة من الغبار والغاز, ولن يكون له أي تأثير على تغيير محور الأرض, أو التسبب في حدوث زلازل مهما كان حجمه وقوته, فكتلته ووزنه لا يؤهلانه لتهديد كوكب الأرض بكوارث كونية, فلا تصدقوا ما قالته لكم الفضائيات المهووسة بنشر الرعب وإشاعة الفوضى والفزع.
وما أروع ما قاله شاعرنا الكبير حبيب بن أوس الطائي (أبو تمام) في قصيدته الرائعة, التي يقول في مطلعها:
السيف أصدق أنباءً من الكتب
في حدّه الحد بين الجد واللعب
والتي يشير فيها إلى خرافات المشعوذين, وما نسجوه من أكاذيب وأباطيل حول المذنبات والنيازك التي أوحت إليهم بها قراءاتهم الفلكية, إذ يقول:
وخِوَّفوا الناسَ من دَهياءَ مُظلمةٍ
إذا بَدا الكَوكَبُ الغَربيُّ ذو الذَنَبِ
وَصيَّروا الأبرْجَ العُليا مُرَتَّبةً
ما كانَ مُنقَلِباً أو غيرَ مُنقَلِبِ
</B>