القصيدة الفُراقيّة
محمد بن زريق البغدادي
_________________
لا تعذلـيـه فــإن الـعـذل يولـعـه
قـد قلـت حقـاً ولكـن ليـس يسمعـه
جاوزت فـي لومـه حـداً أضـر بـه
مـن حيـث قـدرت أن اللـوم ينفعـه
فاستعملـي الرفـق فـي تأنيبـه بـدلاً
من عذله فهو مضنـى القلـب موجعـه
قد كـان مضطلعـاً بالخطـب يحملـه
فضيقـت بخطـوب الدهـر أضلـعـه
يكفيـه مـن لوعـة التشتيـت أن لـه
مـن النـوى كـل يـوم مـا يروّعـه
مـا آب مـن سـفـر إلا وأزعـجـه
رأي إلـى سـفـر بالـعـزم يُزمـعـه
كأنمـا هـو فـي حــل ومرتـحـل
مـوكـل بـفـضـاء الله يـذرعــه
إنِ الزمـان أراه فـي الرحيـل غنـى
ولو إلى السـد أضحـى وهـو يزمعـه
ومـا مجـاهـدة الإنـسـان توصـلـه
رزقـاً ولا دعـة الإنـسـان تقطـعـه
قـد وزع الله بيـن الخـلـق رزقـهـمُ
لـم يخلـقِ الله مـن خلـق يضيـعـه
لكنهـم كلفـوا حرصـاً فلسـت تـرى
مسترزقـاً وسـوى الغايـات تُقنـعـه
والحرص في الرزق والأرزاق قد قسمت
بغـي ألا إن بغـي المـرء يصـرعـه
والدهر يعطي الفتى مـن حيـث يمنعـه
إرثـاً ويمنعـه مـن حيـث يطمـعـه
أستـودع الله فـي بغـداد لـي قـمـراً
بالكـرخ مـن فلـك الأزرار مطلـعـه
ودعـتـه وبــودي لــو يودعـنـي
صفـو الحـيـاة وأنــي لا أودعــه
وكم تشبث بـي يـوم الرحيـل ضحـىً
وأدمـعـي مسـتـهـلاتٌ وأدمـعــه
وكـم تشفـع لــي كـي لا أفـارقـه
وللـضـرورات حــال لا تُشـفـعـه...
لا أكذب الله, ثـوب الصبـر منخـرق
عـنـي بفرقـتـه لـكـن أرقّـعُــه
إنـي أوسـع عـذري فــي جنايـتـه
بالبيـن عنـه وجـرمـي لا يوسـعـه
رزقـت ملكـاً فلـم أحسـن سياسـتـه
وكـل مـن لا يسـوس المُلـكَ يُخلعـه
ومن غـدا لابسـاً ثـوب النعيـم بـلا
شـكـر علـيـه فــإن الله ينـزعـه
اعتضت من وجـه خلّـي بعـد فرقتـه
كأسـاً أجـرّع منهـا مــا أجـرعـه
كم قائل لـيَ ذقـت البيـن قلـت لـه
الذنـب والله ذنبـي لـسـت أدفـعـه
ألا أقمـت فكـان الـرشـد أجمـعـه
لـو أننـي يـوم بـان الرشـد اتبعـه
إنــي لأقـطـع أيـامـي وأنفـدهـا
بحسـرة منـه فـي قلـبـي تقطـعـه
ما كنـت أحسـب أن الدهـر يفجعنـي
بـه ولا أن بــي الأيــام تفجـعـه
حتـى جـرى البيـن فيمـا بيننـا بيـد
عسـراء تمنعنـي حـظـي وتمنـعـه
قد كنت من ريب دهري جازعـاً فرقـاً
فلـم أوق الـذي قـد كنـت أجـزعـه
بالله يا منـزل العيـش الـذي درسـت
آثـاره وعفـت مـذ بـنـتُ أربـعـه
هـل الزمـان معيـدٌ فـيـك لذتـنـا
أم الليالـي التـي أمضـتـه ترجـعـه
فـي ذمـة الله مـن أصبحـت منزلـه
وجـاد غيـث علـى مغنـاك يُمرعـه
مـن عنـده لـي عـهـد لا يضيـعـه
كمـا لـه عهـد صـدق لا أضيـعـه
ومـن يـصـدع قلـبـي ذكــره وإذا
جـرى علـى قلبـه ذكـري يصدعـه
لأصـبـرن لـدهــر لا يمتـعـنـي
بـه ولا بـي فــي حــال يمتـعـه
علماً بـأن اصطبـاري معقـبٌ فرجـاً
فأضيـق الأمـر إن فكـرتَ أوسـعـه
عسى الليالـي التـي أضنـت بفرقتنـا
جسمـي ستجمعنـي يومـاً وتجمـعـه
وإن تـغُـل أحــداً مـنـا منـيـتـه
فمـا الـذي بقـضـاء الله يصنـعـه؟
قصيدة أعجبتني ...
واتمنى ان تنال اعجابكم
تحيــــــــــــاااتي