السلام عليكم ورحمة اللة
في دراسة أجريت ، بعنوان : " المرأة أطول عمراً بسبب البكاء " ، تبين من الدراسة أن منع الدموع يؤدي إلى الإحساس بالصداع والتوتر وقرحة المعدة ، وأن البكاء أسلوب طبيعي لإزالة المواد الضارة التي يفرزها الجسم عندما يكون قلقاً وحزيناً .
فالدموع تساعد على التخلص منها ويقوم المخ بإفراز مواد كيميائية للدموع مسكنة للألم . كما أن البكاء يزيد من عدد ضربات القلب ويعتبر تمريناً مفيداً للحجاب الحاجز وعضلات الصدر .. وبعد الانتهاء من البكاء تعود ضربات القلب لمعدلها الطبيعي وتسترخي العضلات مرة أخرى ويسود الإنسان شعوراً بالراحة والطمأنينة ..
لذلك يرى العلماء أن عمر المرأة أطول من عمر الرجل لأنها لا تتردد في ترك العنان لدموعها عند حدوث أي موقف يسبب لها ضيقاً . بينما الرجل يعتبر البكاء نوعاً من الضعف خصوصاً في المجتمعات الشرقية ..
وإلى جانب ما أشارت إليه الدراسة من الآثار الفيزيولوجية ، فإننا نرى أن هناك كذلك أثراً نفسية هاماً للبكاء على الصحة النفسية ، فالبكاء نوعاً من التنفيس الانفعالي يؤدي إلى ارتياح النفس من الهموم ، حيث خروج الشحنات المحمومة وإزالة مشاعر الكرب وهدوء النفس والإحساس بالارتياح بعد البكاء ,,
والبكاء هو بالفعل أمر تلجأ إليه المرأة بدرجة كبيرة بينما يحجم عنه الرجل .. بل يتجه الرجل في أغلب الأحيان إلى العكس وهو عدم الإفضاء بأي شيء وكتم الأمور بداخله وعدم إظهار مشاعره المضطربة حتى يبدو متحملاً لقسوة الظروف ، فيبدو كالصورة المرسومة مسبقاً للرجل ، وهذا ما يتفق مع السياق الاجتماعي العام الذي نربي عليه أولادنا
حيث نقول لهم :
" لا تبكي كالنساء " .. فنحن نقبل البكاء من البنت الصغيرة ولا نقبله من الولد الصغير ، بل أكثر من ذلك حيث نبادر بأن نقول له : " لا تبكي فأنت رجل " .. وكأنه مكتوب منذ الأزل على الرجل أن يكبت انفعالاته التي تعبر عن ضعفه ومشاعره الإنسانية والتي تحافظ في الآن نفسه على صحته النفسية والجسمية ..
هذه التنشئة القائمة على السماح بالتفريج عن الشحنات الانفعالية عن طريق البكاء للفتيات والنساء فقط ، وكبتها بالنسبة للأولاد والرجال تؤدي إلي زيادة الضغوط النفسية على الذكور ( سواء كانوا أولاداً صغاراً أم رجالاً )، وهذه الضغوط تجد مصرفاً لها بعد ذلك ، في حال ازديادها وضغطها المستمر ، إما عبر الأعراض النفسية ( قلق ، مخاوف ، وساوس ، اكتئاب ) ، أو في السلوك السيكوباتي والمضاد للمجتمع والانحرافات بأشكالها المختلفة بما فيها الانحراف الجنسي ( والذي يتضح في سلوك الذكور أكثر من الإناث ) ، أو أن يتم تحويل الضغوط النفسية إلى الجسم فتظهر الأمراض السيكوسوماتية ( من قبيل : قرحة المعدة ، ضغط الدم ، أمراض القلب ، السكر ، القولون العصبي .. .. وغيرها .. ) ..
والواضح كذلك أن المرأة أكثر حديثاً من الرجل إلى الغير ، بينما الرجل يكثر حديثه داخلياً مع نفسه .. فالمرأة غالباً ثرثارة ( لا يبتل في فمها فوله كما يقول المثل ) ، بينما الرجل يندر حديثه ( وخاصة بعد الزواج ، حيث يصاب بداء الخرس الزواجي نظراً لكثرة الهموم والمتطلبات الخاصة بالزوجة والأولاد والمعيشة والآمال والإحباط تلو الإحباط .. ) ..
وكلام المرأة الكثير مع جيرانها أو زميلات عملها لهو نوع من الفضفضة ، ومعروف عن فرويد أنه قد لجأ لفنية التداعي الحر ، كفنية أساسية في العلاج بالتحليل النفسي ، وتعد الفضفضة التي تلجأ إليها المرأة ، نوعاً من التداعي الحر ، سواء اشتمل على تفسير واستبصار بالمشكلات أم لا ، غير أن الفضفضة في كل الأحوال تريح المرأة ، وتخرجها من الهموم يوماً بيوم
فيحدث التنفيس اليومي عن المشكلات ، وبالتالي لا تتراكم الضغوط عليها ،، بينما يكتم الرجل مشكلاته اليومية ، فتتراكم الضغوط على صدره يوماً بعد يوم حتى تصبح كالجبل الجاثم علي صدره فيصل به الأمر إلى صعوبة في التنفس كبداية وتنتهي لديه بالسكتة القلبية ..
أيها الرجل ما أحوجك إلى البكاء ، وهو غير مكلف مادياً ، فاعترف بضعفك وابكي وتنازل عن غرورك تبقي على حياتك ، كما أنك في حاجة إلى الآخر وأن تعترف بأنك لا تمتلك كل الحلول