السجود على التربة
يقول البعض(إنكم الشيعة تشركون بسجودكم على التربة، وهل التربة غير كمية من الطين اليابس تعبدونه من دون الله).
وهنا أتساءل: هل يجب السجود على جسم (الله) تعالى؟!!، وقطعا سيكون الجواب: إن قولك هذا كفر، لأن الله ليس بجسم، فلا يرى بالعين، ولا يلمس بالجسم، ومن اعتقد أن الله جسم فهو كافر، إنما السجود يجب أن يكون (لله)، يعني: تكون الغاية من السجود، والخضوع هو (الله) سبحانه، أما السجود على (الله) فهو كفر.
ومن خلال هذا الجواب يثبت أن سجودنا على التربة ليس شركاً لأننا نسجد على التربة، لا أنه نسجد لأجل التربة! وإن كنا نعتقد ـ على الفرض المحال ـ أن التربة هي (الله) فكان اللازم السجود لها، لا السجود عليها، لأن الشخص لا يسجد على ربه!!
وربما لأول مرة يسمع هذا التحليل، بأننا لو كنا نعتبر (التربة) إلهاً لما سجدنا عليها، وسجودنا عليها دليل على أننا لا نعتبر التربة إلهاً.
وهنا قد يأتي سؤال آخر هو: لم لا تسجدون على سائر الأشياء، كما تسجدون على التربة؟ فنقول: هناك حديث شريف روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإجماع جميع فرق المسلمين، أنه قال: (جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)، فالتراب الخالص هو الذي يجوز السجود عليه باتفاق جميع طوائف المسلمين، ولذلك نسجد ـ دائماً ـ على التراب.
أما كيفية اتفاق المسلمين عليه؟فذلك من خلال تساؤل مفاده ان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أول ما جاء الى المدينة، وبنى المسجد فيها، هل كان المسجد مفروشاً بفرش؟، ومن المؤكد ان الجواب سيكون:كلا .. لم يكن مفروشاً بفرش..فعلى أي شيء كان يسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمون؟ وقطعا سيكون الجواب:على أرض مفروشة بالتراب.
إذن جميع صلوات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت على الأرض وكان يسجد على التراب وكذلك المسلمون في زمانه وبعده كانوا يسجدون على التراب.. فالسجود على التراب صحيح قطعاً ونحن إذ نسجد على التراب نتأسى برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فتكون صلواتنا صحيحة قطعاً.
وأما إشكالية ان الشيعة لا يسجدون على غير التربة التي يحملونها معهم، من قبيل سائر مواضع الأرض، أو غيرها من التراب؟فنقول:
ان الشيعة تجوز السجود على كل أرض سواء في ذلك المتحجر منها، أو التراب.
و حيث يشترط في محل السجود الطهارة من النجاسة فلا يجوز السجود على ارض نجسة، أو تراب غير طاهر، لذلك نحمل معنا قطعة من الطين الجاف الطاهر، تخلصاً من السجود على مالا يعلم طهارته من نجاسته، مع العلم أننا نجوز السجود على تراب الأرض أو أرض لا نعلم بنجاستها.
وأما أننا لا نحمله على هيئة تراب فذلك لأن حمل التراب يوجب وسخ الثوب، لأنه أينما وضع من الثوب فلا بد أن يوسخه، لذلك نمزجه بشيء من الماء ثم ندعه ليجف، حتى لا يوجب حمله وسخ الثوب، ثم: إن السجود على قطعة من الطين الجاف أكثر دلالة على الخضوع، والتواضع لله تعالى.
وكذلك استحب أن يعفر الأنف بالتراب ـ في حال السجدة ـ لأن ذلك أشد دلالة على التواضع والخضوع لله تعالى، ولذلك .. فالسجود على الأرض، أو قطعة من الطين الجاف أحسن من السجود على غيرهما مما يجوز السجود عليه، لأن في ذلك وضع أشرف مواضع الجسد وهو الجبهة على الأرض خضوعاً لله تعالى وتصاغرا أمام عظمته.
أما أن يضع الإنسان ـ في حال السجدة ـ جبهته على سجاد ثمين أو على معادن كالفضة، والعقيق، والذهب وغيرهما، أو على ثوب غال القيمة… فذلك مما يقلل من الخضوع والتواضع، وربما أدى إلى عدم التصاغر أمام الله العظيم، إذن: فهل يمكن أن يعتبر السجود على ما يزيد من تواضع الإنسان أمام ربه، شركا وكفرا!!! والسجود على ما يذهب بالخضوع لله تعالى.. تقرباً من الله؟!! إن ذلك إلا قولاً زوراً.
بتصرف: من كتاب حقائق الشيعة