اليه في اعلى غيمة..ابي
كان ليلاً مختنقاً،
تتقاطر حول نوافذه نديات الربيع،
وتتلو جدرانه
تراتيل السفرْ...
ارتفعت قبة غرفته،
على صوت الآذان،
فأرتقت قبلته ،
منائر السحرْ..
كان الوجع ،يركض
يعكر انفاسه،
يزحف جائعاً ،لوروده السبعين
يمد كفيه النازفتين صوبها
لكنه..كان منشغلاً بالترتيل،
يدافع بال" الفاتحة* والأخلاص*"
يستنجد بال" الرحمن*"
يستدعي " الواقعة *" ،من آخر خميس..
الوجع مايزال..يتقدم
يدفع بغمامته الناحبة،
اشتد الظلام، وحاصرته الخفافيش،
طوى سجادته ، وقرر الأستنفار...
وحيداً ، كان يدفعهم
بسبعين صبراً يحدثهم
وثمة قلوب تمد تيجانها ،من بين الضوضاء،
تركض نحوه،
تضمد انفاسه،
وتدفع..بقايا الانين...
كان يأبى ان يخون،
صاح لاهثاً ،متأسفاً :
{ ياقرة العيون،
لاتحسبوني اسيراً،
للغمام والوجع
ستصاحبني القباب،
يبخرني المسك
تكفنني " الشمس* "،
ويحتويني " القمر* "...}
مشى يحيي الصباح،
ويرمق حدائق صبره،
ودع النوافذ العالية*
فذؤاب عطر منه ، تركه هناك،
وصدى نحيب سيطول، واغتراب..
وعندما ارتخى على اريكة السفر،
وغنى القطار ، لحن الوداع
ثمة امرأة* باغتته على عجل،
فتحت له عبائتها ، فركض نحوها ،
ثم مال على صدرها ..... وابتسمْ ......
نيسان 2009
الهوامش:
*الفاتحة: سورة قرآنية
*الأخلاص: سورة قرآنية
*الرحمن: سورة قرآنية ، كان يرددها الوالد كثيراً
*الواقعة: سورة قرآنية،كان يقرأها كل ليلة جمعة
*الشمس: سورة قرآنية ، كان يقرأها بخشوع تام
*القمر: سورة قرآنية
*النوافذ العالية: هي نوافذ مسكن ولده صاحب القصيدة اعلاه.
*امرأة: هي امه المرحومة،التي ضل يبكيها حتى مماته، ويذكر من شهد لحظاته الأخيرة،
انه كان يحدث خيالها ،قبل ان يغمض عينيه للأبد...