كنت صغيرة لا اعرف سوى اللهو واللعب بدميتي الحبيبة .. بعدها كبرت قليلاً اتسعت معرفتي للأشياء من حولي.. كنت اقضي وقتي بين صديقاتي وقراءة كتبي .. كانت معظم الكتب التي اقرأها عباره عن قصص و روايات صغيره .. وفي يوم دخلت المكتبة وأنا أجول بنظري نحو الكتب سقطت عيني على كتاب بعنوان ((سهام الحب)) .. بدأت بتصفحه ورأيت عناوين ذلك الكتاب وهي .. ماذا تفعل سهام الحب عندما تنغرس في قلب الشخص؟ وماذا تخلف ورائها؟ وماذا يحدث للمحب؟
قرأت وتبسمت أمعقول هذا..؟! هل للحب سهام وهل هناك أمور تحدث للمحب عندما يمتلئ قلبه بالحب..؟
انها مجرد مبالغة كتّاب لكي يقومون بجذب القارئ وتسليته ..
بدأت بالقراءه .. ان الحب مثل السهم المنطلق الذي يخترق القلب بسرعة البرق فهو عندما ينغرس في القلب يغير من حاله ويكون إحساس جديد .. شعور غريب .. وضمن هذا السهم تكون هناك بذرة صغيرة تزرع داخل القلب .. رويداً رويداً تكبر وتزهر في حناياه وهذه الفتره هي أجمل
فترة في الحب ..
ومع كل هذا ممكن ان تأتي ايام وتهب نسمة هواء وتحرك هذا السهم قليلاً فتؤلم القلب او تهب ريحاً قوية فيتحرك السهم بقوه ويدمي هذا القلب ويجعله ينزف قليلاً ومع ذلك سوف تكون النبتة ثابتة بجذورها..
فالقلب يصبح هو الحاكم وهو الآمر الناهي في بلاد الحب وهو الذي يسيّر المحب على هواه فهو باستطاعته أن يجعله سعيداً أو أن يجعله حزيناً..
فكنت اقراء هذا الكلام ولا القي له بال فهو مثل أي كلام آخر كنت اقراءه ..وفجأه من دون سابق إنذار .. حدث ما لم يكن بالحسبان ..
شعرت بمشاعر غريبة .. أحسست ان قلبي الأول قد تبدل ولن يرجع كما كان .. فاكتشفت أن هذا السهم قد دخل قلبي وغير حاله .. أصبحت أرى الدنيا غير الدنيا التي كنت أراها وكأن الدنيا قد تبدلت وتشكلت بألوان أخرى..
أصبحت املك الكثير من المشاعر للقنّاص الذي قام باصطياد قلبي .. فأنا احببته بجنون .. أصبحت مسيرة في هوى قلبي لأن البذور انغرست وبدأت بالنمو .. فأصبحت امسك قلمي و اكتب له الكثير من المشاعر التي أحسها نحوه مع أنني قبل ذلك كنت لا استطيع ان أصيغ جملة واحدة .. أصبحت اسرح بخيالي كثيراً وكل فكري يتجه إليه .. أصبحت احلم كثيراً وأتمنى كثيراً ..
تمنيت لو أني شاعره لأُؤلف جميع دواوين الشعر لأجله ..
تمنيت لو كنت مزارعه لكي ازرع الورود في جميع أراضي العالم له .. تمنيت لو كانت رسامه لأرسم جميع لوحات العالم له وفي كل زاوية لوحة
اكتب (أنا احبك) ..
فعندما أكون معه أنسى جميع من حولي .. أحس اني أعيش فوق سحابة بيضاء ولا يوجد عليها سوانا ..
ومع كل تلك الأحاسيس سألت نفسي هل معقول أن اصدق قول الكاتب في انه ممكن ان تهب نسمة هواء او عاصفة قوية وتحرك هذا السهم وتقتلعه..؟
لا اظن ذلك لأن السهم الذي انغرس داخل قلبي انغرس بقوه وأتمنى أن لا يتزحزح من مكانه أبداً..
لم أكمل كلامي إلا وان أُحس بألم في قلبي فرأيت السهم في مكانه ولكنه يتأرجح من جراء نسمة الهواء التي هبت عليه .. فمحبوبي أو قناصي كما أحببت أن اسميه قد تحرك من مكانه قليلاً وسمح لنسمة الهواء بالمرور بيننا .. صحت عليه .. ناديته .. فعاد إلى مكانه سريعاً وقد ندم على تحركه..
فسامحته وتلاشى ألمي وأزهرت نبتة قلبي أكثر وأكثر ..
فأنا أحبه .. اعشقه .. اعشق الأرض التي يمشي عليها .. اعشق الهواء الذي يتنفسه .. لأنه الروح التي أحيا بها دنيتي السعيدة .. هو عيني التي أرى بها الأشياء الجميلة .. هو الذي سكن قلبي بأكمله وقام بإغلاقه بالمفتاح واخذ المفتاح معه ..
بعدها ببرهه أحسست بألم في قلبي وبشيء يسيل على صدري فعندما أحنيت رأسي ونظرت إلى قلبي وجدت أن السهم يتحرك في مكانه وان هناك قطرات من الدم جراء تحرك السهم في قلبي .. رفعت عيني لأرى أن حبيبي قد ابتعد من مكانه .. تألمت كثيراً .. بكيت .. صحت عليه بأعلى صوتي ولكني لم اسمع غير صدى صوتي يعود لي .. أصبحت لا أرى غير السواد يلفني وان قوتي التي كنت أتمتع بها قبل الحب أصبحت ضعيفة هشه تنكسر من أي شيء ..
أمعقول ان قناصي تركني..؟! .. وان سهم حبي الذي رددته له قد سقط من مكانه ..؟!.. وان الحب الذي في قلبه قد اختفى فجأه..؟!..
اسأله دارت في خلدي كثيراً ولكن لم يكن عندي اجابه ..
فــجــأه .. رأيت نور من بعيد .. أغمضت عيني قليلاً لأني تعبت من كثر ما أتخيل أن حبيبي قد أتى .. ولكن عندما فتحت عيني وجدت النور يغمرني وان الحلم أصبح حقيقة ..وان حبيبي قد عاد ورجع مكانه ..
بكيت كثيرا .. وعاتبته .. سألته .. لما ابتعدت عني..؟! .. الم تعد تحبني..؟!
الم تعلم أن قلبي نزف من بعدك..؟! .. الم تعلم اني تألمت كثيراَ..؟!
لماذا .. لماذا .. لمااااذا تركتني..؟؟
نكس رأسه وتأسف لي وقال ..كيف أنساكِ وسهم حبك ثابت في قلبي.؟!
كيف أنساكِ وأنتي في وجداني.؟! .. كيف أنساكِ وصورتكِ دائماً في مخيلتي..؟!
انني لم أفعل ذلك بإرادتي فالدنيا هي التي قامت بإزاحتي من مكاني ولكني قاومتها وعدت اليكي .. ثم أخذ قطعة قماشٍ بيضاء وقام بتنظيف مكان الجرح الذي أصابني .. ووعدني انه سيعوضني عن الأيام التي قضاها بعيداً عني وانه لن يبرح مكانه مرة أخرى لأنه لا يستطيع الاستغناء عني..
أما أنا فعادت لي ابتسامتي .. عادت لي الحياة الجميلة التي كنت أعيشها .. وأتمنى أن لا يبتعد من مكانه لكي لا أتألم مرة أخرى ..
وبعدها نظرت إلى الكتاب لأرى كلمة ::النـــهايــة:: ..أغلقته واعدته مكانه.. وأصبحت لا أتسرع في الحكم على أي شيء الا بعد تجربته..ومع كل هذا فالحب هو مملكة واسعة .. عالم كبير .. مهما تكلمت عنه فلن أصل إلى نصف ما فيه..
