في يوم خريفي تنفض فيه الأشجار عن نفسها الأوراق القديمة
وتنتظر بحب هدية الربيع ....
وصمت الخريف يبكي كلما سقطت ورقة لتلتحم بأرضها
ومع كل ورقة تسقط عبرة حارة على الوجنتين بلمعتها...
و عندما سقطت ورقتان .. ذرفت العينان دمعتين ......
قالت الاولى :
أنا أسرع منك و أكثر تدحرجا".........
قالت الثانية:
يا غبية أنا أسير ببطء فأكون أكثر إحراقا ً"
أجابتها :
يالكِ من ساذجة كلما أسرعت كلما إزداد البكاء و النحيب.....
قالت لها :
لا يهمني كم يستمر البكاء بل يهمني أن أثبت وجودي بإطالة المكوث
قالت الاولى :
مازلت حديثة العهد بذلك ألا تعلمين أنك تحملين من الآهات ما يتعبك ... فأسرعي لترمي بها جانبا ً و أتركي هذه البلهاء تبكي و حدها ........
أجابتها :
و لكن إذا أطلت المكوث طال إحساسها بالحزن ثقيلا ً على و جنتيها .....
قالت الاولى :
أسرعي قبل أن تجفي فلا تري شيئا ً من الدنيا سوى الأحزان ........
قالت الثانية :
أحب الرؤية من هنا ........ من الأعلى .. فلا تزعجي صفائي .
أجابتها :
صفاؤك ... أين هو الصفاء ... قد صم هذا الأنين أذني عن السمع و لا أريد إلا مغادرة هذا الضجيج .....
قالت الثانية :
هذا الضجيج كان سبب وجودنا من أجل هذا النحيب ذرفنا ...
أجابتها :
ذرفنا ... وجدنا ... يال هذا القدر مذنبنا نحن حتى نتحمل كل هذه الأحزان و كل هذا الألم ....... الألم موجع .. الألم عنيف .. الألم الأليم .....
قالت الثانية :
هذا قدرنا لأننا ترجمان الألم .. نحن مطر تلك الغيوم المتلبدة في الداخل و التي يسمونها المشاعر.... إن فرحوا بكوا وإن حزنوا بكوا يالهؤلاء البشر لا يعرفون من حياتهم إلا البكاء
ثم امتدت يد وبحركة سريعه مسحت الدمعتين معا ً وانطلقت ضحكة سقطت لأجلها كل أوراق الخريف..
وقالت الضحكة باستهزاء :
يا ترى هل كانت هاتين الدمعتين تعلمان أنهما دموع فرح ...؟؟!!