السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نوري إنطوانيت!
كانت ماري إنطوانيت البنت الصغرى لأمبراطورة النمسا التي كانت تخوض حربا مع فرنسا, ولقد جرى تزويجها للويس السادس عشر وكان ولي عهد فرنسا حينها من اجل وضع حد للحرب بين البلدين.وبعد وفاة والده إعتلى منصة العرش وكان الشعب الفرنسي حينها بائسا وفقيرا ولايملك قوت يومه.
غير ان العائلة المالكية كانت في واد والشعب في واد اخر , ولم تكن تدرك حجم معاناة الشعب فهي قابعة في قصر فرساي في باريس حيث الحفلات والسهرات الباذخة التي تقيمها ماري , واما زوجها الملك فكان مهتما بصيد الثعالب, حتى إندلعت مظاهرات الشعب الفرنسي الغاضبة والتي وصل هديرها إلى سمع الملكة فسألت خادمتها عما يحصل خارجا فأجابتها بان الشعب لايجد خبزا يأكله فأجابتتها ماري إذن فليأكلوا البسكويت!
لقد أصبحت هذه الواقعة مثلا يضرب لكل حاكم لايهتم بأمور شعبه وكل همه مصالحه الشخصية. واليوم فإن التأريخ يعيد نفسه في العراق , فحاكم العراق ورهطه قابعين في قصور المنطقة الخضراء المحصنة حيث الماء والكهرباء والخضراء والوجه الحسن , وأما الشعب العراقي فيعيش في جحيم الحر القائض حيث لاماء ولاكهرباء ولا امان , واما الحاكم الذي وضعت تحت يديه خزائن بلد من اغنى بلدان الكون فلاهم له سوى تصفيف ماتبقى من شعره وصبغه حتى لايبين المشيب! ولبس أفخر الثياب المستوردة وأكل مالذ وطاب . وأما نشاطه الفعلي فمنصب ومتمحور بشكل أساسي حول كيفية إستمراره في الحكم.
فهو يقضي الليل والنهار مع أعضاء القيادة العامة لحزبه يبحثون عن السبل الكفيلة التي تضمن لهم البقاء على سدة الحكم لأربع سنوات أخرى. وهم يتفنون ويبدعون في سبيل تحقيق هذا الهدف. بدأ من تسقيط الخصوم السياسيين وإتهامهم بالعمالة وبالأرهاب , ومن إستخدام الأوراق الطائفية والقومية ومن تحريف الدستور ومن تسيسس القضاء ومن الأعتقالات ومن التهديدات ومن المؤامرت ومن محاولة تفتيت الكتل المنافسة بالترغيب والترهيب وإنتهاءا بالتهديد بالحرب الأهلية.
واما الشعب خارج المنطقة الخضراء فهو يعاني من غياب الخدمات والأمن وهو صابر محتسب وهو واع لما يحصل لكنه يقدر الظروف ويعرف مدى حرج المرحلة الزمنية التي يمر بها, ولكن للصبر حدود خاصة عندما يكون الحكام بلا إحساس ولايقدرون معاناته.فهو شعب الثورات التي لم تنقطع عبر التأريخ. فالشعب يرى بان خيراته تذهب سدى إلى جيوب المنتفعين من الحكام وبطانتهم الفاسدة. وهو لايريد سوى العيش الكريم وتوفير الخدمات الأساسية التي ينعم بها البشر في مختلف أرجاء المعمورة. حتى عيل صبره فخرجت تظاهرات الغضب في البصرة الفيحاء مدينة الثورات التي إنطلقت منها قديما ثورة الزنج واليوم تنطلق منها ثورة السمر.
واما الحاكم فغير مكترث وغير أبه لواقع الشعب المر هذا لنرجسيته التي جعلته يعتقد بان صورته محفورة على سطح القمر, فهو يظن بان الشعب الذي اعطاه صوته سيغض النظر عن كافة تصرفاته سواء بحمايته للفاسدين وللفاشلين او عبر هيمنته وهيمنة الشركات المرتبطة به وبحزبه وحلفائه على مقاليد الدولة , او بمحاولاته اليائسة للبقاء على سدة رئاسة الوزراء. أو عبر عدم إكتراثه لحل مشاكل البلد المتعددة, فهو لاهم له اليوم سوى الكرسي اللعين. فإن قيل له ان الشعب يثور لأنه لايجد ماءا صحيا يشربه ,قال كلا إنها مؤامرت مغرضة للعملاء أعداء الشعب لأني شعبي يحبني بجنون, ثم ماذا, اولم نكن نشرب أيام المعارضة ماء (فيجة) في بلاد الشام! وإن قيل له إن الشعب يريد كهرباءا يستنير بها أجاب ولم هذا الأسراف فليستنيروا بضوء القمر ! فلقد كانت الكهرباء أيام المعارضة في حي السيدة زينب ضعيفة للغاية وكان ضوء الشموع انور من ضوئها!
وإن قيل له بان قوات شلتاغ وجابر قد فتحت النار على أبناء شعبك العزل وقتلت إثنين منهم اجاب هذا جزاء من يرجم شلتاغ وجابر بالحجارة!
وإن قيل له أين ذهبت مدخولات العراق والتي تقدر بثلاثمئة مليار من الدولارات طيلة فترة حكمه أجاب لماذا لاتتكلمون عن النظام السابق الذي نهب العراق؟ وإن قيل له أن الحصة التموينية قد ساءت مفرداتها كثيرا في عهدك الميمون لفساد وزيرها المصون أجاب هذا أمر محال لا يصدر من الداعية الكبير الحاج أبومصعب السوداني.وإن قيل له ان الشعب قد إختار غيرك للحكم اجاب كلا هذا تزوير مابعده تزوير, وإن قيل له إنك تعيدنا إلى أيام الحزب الأوحد والقائد الأمجد أجاب إن العراق بحاجة إلى رجل قوي وهو أنا فتحملوني مثل ماتحملتم من قبلي. إلا ان انه لايعلم حجم الغضب الذي يعتمر في الصدور فهو يسيء قراءة الواقع كما ظن من قبل بانه سيكتسح الإنتخابات , ولا يدري بأن بعض الشعب الذي صوت له سيخرج ثائرا يطالب برأسه الذي سيهوى يوما كما هوى رأس ماري إنطوانيت من قبل على يد الثوار الفرنسيين. وبعد كل هذا أولا يستحق المالكي لقب نوري إنطوانيت؟
