تجارب حياتية في ردهة علاج وتأهيل مرضى الجلطة الدماغية
الدكتور : عماد عطا البياتي
8/6/2010
عملت لمدة أكثر من شهرين في قسم العصبية في المستشفى الرئيسي العام في مقاطعتنا التي تقع في غرب السويد على الحدود مع النرويج. وكان معظم عملي في ردهة معالجة وتأهيل مرضى الجلطة الدماغية "Stroke" عافاكم وعافانا الله منها. انا ادرس في اختصاص الطب العام ولكن هذا الاختصاص يتطلب العمل وكسب الخبرة في علاج الامراض الباطنية المختلفة ومن ضمنها الأمراض العصبية وأمراض الدماغ وكان عملي تحت اشراف الأطباء المختصين في طب العصبية "Neurology".
شاركت خلال هذه الفترة في علاج كثير من حالات الجلطة الدماغية المختلفة والناتجة من التجلط الدماغي بسبب أمراض تصلب الشرايين الدماغية أو بسبب الخثر الدموية الصاعدة من القلب والناتجة عن اضطراب نبض القلب أو بسبب النزف الدموي داخل الدماغ وغيرها من الأسباب. وتفاوتت أعراض المرضى من الشلل النصفي إلى فقدان القدرة على النطق وآخرين أصيبوا باختلال البصر أو فقدان التوازن أو فقدان الوعي والموت المباشر. واختلفت اعمار المرضى كثيرا من عمر الشباب الذي يتراوح بين العشرين والاربعين الى العمر المتوسط بعد ذلك ثم الشيوخ والذين يمثلون النسبة الكبيرة بين المرضى في هذه الردهة.
خلال هذه الفترة حصلت على تجارب وخبرات كثيرة وكانت لي بمثابة دروس حضارية راقية طبية علمية وحياتية إنسانية وإيمانية وادعو الله ان يوفقني للانتفاع بها في حياتي القادمة ولا تكون كسابقاتها من التجارب والدروس والعبر التي مرت علي ولم انتفع بها حق الانتفاع!!.
من هذه الدروس والعبر التي تعلمتها هي قدرة الله العظيم سبحانه وابتلاءه للناس بالمرض الذي يصيب الشيخ الكبير العليل في أرذل العمر والشاب السليم الصحيح المغتر بقوته وصحته وغير المتوقع للابتلاء والمرض.
أذكر لكم حالتين مرضيتين توضح بجلاء هذا الدرس العملي الحياتي العظيم.
الحالة الأولى: هي لشيخ كبير عمره 91 سنة حسب ما أذكر وعنده 11 ولدا وبنتا وأحفادا كثيرين، يعيش في بيت لوحده ويتناوب أولاده وأحفاده على رعايته.
شكله أصغر من عمره بكثير ويسير بمساعدة العكازة وسمعه وبصره وقابليته الذهنية والجسمية لا بأس بها نسبة إلى عمره. قبل يوم من دخوله المستشفى عمل على تنظيف حديقة المنزل وفي صباح اليوم التالي أصابه ضعف في نصف جسمه الايسر فادخل الردهة كحالة جلطة دماغية. قابلته وفحصته وقابله كذلك اخصائي العلاج الطبيعي وقيم حالته التي كانت في تحسن نسبي بمرور الوقت.
ناقشت الطبيب الاختصاص في هذه الحالة فقال لي: لا حاجة لي بمقابلة هذه المريض – وهذا على خلاف سياقات العمل المعمول بها في هذه الردهة -، فهذ المريض زبون دائم في ردهتنا منذ سنين طويلة!!، أصابته خلال حياته أكثر من مائة جلطة دماغية وفي كل مرة يقوم على رجليه ويسترد عافيته بعد فترة وجيزة!!!، وهو يأخذ علاجه باستمرار ولا حاجة لتغيير هذا العلاج. إذهب انت وقابله وتناقش مع المعالج الطبيعي ورتب له الخروج من الردهة عندما يكون مستعدا لذلك!!!.
الحالة ثانية : هي لشاب يبلغ من العمر 23 عاما وهو شاب رياضي يركض المسافات الطويلة، وحدث له المرض اثناء ركضه في مسابقة نصف الماراثون التي اقيمت في مدينة جوتنبرغ في السويد. قال لي انه في نهاية السباق وقبل خط النهاية بقليل شعر بخدر في يده اليسرى والم في الجهة اليمنى من الرقبة وصداع وغثيان. قاوم هذه الحالة الى خط النهاية ثم ارتاح قليلا وعندما هم بالصعود في سيارته شعر بضعف شديد في ذراعه ورجله اليسرى وسقط الى الارض وهو في وعي مشوش. نقل بسيارة الاسعاف الى المستشفى وبعد اجراء الفحوصات اللازمة تبين اصابته بجلطة دماغية سببها مرض غير شائع في الشريان السباتي الأيمن في الرقبة والذي يزود نصف الدماغ الأيمن بالدم وهذا المرض سببه فتق بين طبقات الشريان العضلية التي يتغلغل الدم بينها مسببا الخثر الدموية التي تصعد الى الدماغ والتي تؤدي الى الجلطة الدماغية.
هذه الحالات المرضية وغيرها علمتني أن الإنسان مخلوق ضعيف ومفتقر إلى رحمة وحفظ وستر ومعافاة الخالق العظيم الكريم جل جلاله الشافي المعافي سبحانه.
فدماغ الانسان مخلوق رائع ومعجز ومذهل وآية من آيات الخالق الباريء العليم جل جلاله لكنه ضعيف وحساس ومفتقر إلى إمداد الغذاء والاوكسجين عن طريق الشرايين الدموية. ومفتقر إلى عمل القلب والجهاز التنفسي وغيرها من الأجهزة والانسجة التي تعمل باليات عجيبة جدا لكي يعمل بصورة صحيحة وسليمة.
وكل اعضاء الجسم وانسجته وخلاياه اراها بافتقارها لخالقها مولاها رافعة كفوفها المعنوية إلى السماء في صلاة ودعاء وتسابيح وابتهالات مليارية جماعية خالصة تدعو بدعاء الحفظ والامداد باسباب الحياة والصحة والمعافاة.
تمنيت من كل قلبي ان اتناغم مع هذه الادعية والابتهالات وارتفع لمستوى صدقها واخلاصها في الدعاء، وكما علمنا استاذنا في مدرسة انقاذ الايمان منذ زمن طويل والى الان بان ندعو بانكسار وافتقار وان ندعو دعاء الغريق ونمرغ وجوهنا في التراب ونبكي او نتباكى مستجلبين امداد ورحمة وكرم الخالق العزيز القدير مالك الملك مجيب الدعوات ان يوفقنا للتعرف على اياته وان نتحلى بالايمان الحقيقي والتحقيقي والعبادة والعبودية الحقة الخالصة لنخرج من امتحان الدنيا بالوجه الابيض انه على ما يشاء قدير.
رد: تجارب حياتية في ردهة علاج وتأهيل مرضى الجلطة الدماغية
سبحان الله العلي العظيم
خالق كل شئ ومقدره
فنعم الباري لاتعد ولاتحصى
وقليل من عباده الشكور
نسأل الله الرضا منه والعفو والعافية فالانسان كائن ضعيف مهما بلغ من قوة امام جبروت الله وعظمته
كل الشكر لك عزيزي على هذا الموضوع
ووفقك الله لكل خير
مع تحياتي لك
