الحب وقلب العاشق
(قصة معبرة من خيال الكاتب)
في احد الازمان الايام , كان هناك شاب يقف في وسط المدينة , وادعى ان قلبه الأكثر جمالا في العالم . تجمع الناس بكثرة. وبالفعل ظهر قلبه سليما ولم يخدش.
فصدق الناس ان قلبه حقيقة هو اجمل القلوب على الاطلاق. واستمر الشاب بصوت جهوري عال , بتفاخره على الناس بادعاء قلبه اجمل القلوب .وفجئة ظهر شيخ مسن امام الحشد ليقاطعه قائلا :ولكن قلبي هو أجمل القلوب.
الشاب المدعي وباقي الحشد باستغراب, وربما بشيء من الاستهزاء عند البعض, القوا نظرة الى قلب الرجل العجوز. واندهش الجميع برؤية قلب الرجل العجوز, وهو ينبض بكامل قواه دون خلل ، لكنه كان مليئَ القروح .
فظهرت أجزاء من قلبه مفقودة ,وقد حل محلها قطع اخرى ليست من قلبه , ولكن هذه القطع الدخيلة من الواضح لم تملأ اماكن القطع المأخوذة بشكل صحيح , كما انها اتصفت بعدم سد الزوايا الفارغة في قلب الرجل العجوز , لتتبين على شكل ندب هنا وهناك. وتميزت مناطق اخرى من قلب الشيخ العجوز بفتحات عميقة ,لم تعالج بقطع لملأ فتحاتها العميقة .
وعندها حدق به الناس بنظرة حيرة من امره , وتسائلوا بدمدمة سمعها العجوز : كيف يدعي هذا الرجل العجوز أن له قلب اجمل ؟
واشار الشاب الى قلب العجوز قائلا بدهشة وتسائل: لابد وانك تمزح , قارن قلبك بقلبي , فقلبك عبارة عن كتلة من جروح وقروح وخدوش وتشقق .
فأجاب الرجل المسن: هذا صحيح بأن قلبك يبدو بصحة جيدة, ولكني أبدا لا استبدل قلبي بقلبك .
فرد الشاب باستغراب : علمني لماذا؟
فاستمر العجوز بالتوضيح: حسنا, فأن كل جرح في قلبي , هو موضع انسانٍ اعطيته حبي , فأقتطعت بعض من قلبي ووهبته له .
فجادله الشاب: ولكن هناك قطع ليست من قلبك , موضوعة في بعض الجروح للعلاج.
فرد الشيخ موضحا : احيانا تفضل عليّ هذا الانسان, واعطاني قطعا من قلبه لأعالج به اماكن الاقتطاعات التى وهبتها له , ولكن القطع لا تشبه الاماكن المقطعة , فظهرت زواياها منثلمة وبها ندب في القلب , ولكن تبقى موضع اعتزازي .
تسائل الشاب: لماذا؟
اجاب الشيخ العجوز بحسرة : نعم, لانها ذكرى عشق ما بين انسانين ايّاً كانوا .
فقال الشاب مومستوضحا اكثر: والاماكن الاخرى من القروح ؟
فاجاب الرجل المسن بنتأوه: احيانا وهبت اجزاءا من قلبي لأناس لم يدركوا قدسية هذه الهِبة , فلم يبادلوني شيئا من قلبهم , فأخذوا وأخذوا دون مقابل , واثار اولئك هي هذه نفسها الفتحات العميقة, وعلى الرغم من الامها المبرحة ، ولكنها تذكرني بالحب , وان كانوا لا يستحقوا .
وتلعثم الشاب قائلا : ومالحكمة من ذلك ؟
فابتسم العجوز: ذكرى الحب نفسها تستحق البقاء , واآمل في يوم ماعودتهم ليهبونني قطعا لتلك الاعماق المنثلمة العميقة بسببهم وانا بانتظارهم .
فدمدمت الناس وقال الشاب : حيرتني في جمال القلب .
فرد الرجل المسن: لا تحتار ليس في الامر حيرة , الان سترى ما هو الجمال الحقيقي للقلب وسره ؟
واستمرالعجوز بابتسامته و بثقة , وقد صمت الشاب وهو يرمق العجوز بعينين برقت بالدموع وسالت على الوجنتين امام حيرة الناس ودموع بعضهم.
فخطا الشاب نحو العجوز بهدؤ, وهو يمسح دموعه , مقتطعا قطعة من قلبه في وسط تشجيع البعض من الناس واستغراب البعض وانبهار اخرين , وبكفين مرتجفين قدمها هبة للرجل المسن . اخذها الرجل العجوز دون تردد, ووضعها في موضع يحتاجه قلبه , ولكنه سرعان مااقتطع جزءا من قلبه المسن والجريح النازف دوما, ليضعها في مكان تلك القطعة التى ثلمها الشاب من قلبه ليوقف نزفها قليلا.
فنظر الشاب الى قلبه وهو يغفل عن ابتعاد الرجل العجوز للحظة , وظهر قلبه لاول مرة انه يبدو اجمل من اي وقت مضى في وسط انبهار الناس وصمتهم المطبق .
.................
علي إبراهيم
13/01/2010
