تحركت إيران أخيرا وبصورة علنية لتكشر عن أنيابها فقامت قواتها العسكرية باحتلال آبار النفط في الفكة في مدينة ميسان في جنوب العراق وإيران في هذا الوقت ليست بحاجة إلى النفط بقدر ما هي بحاجة إلى ورقة ضاغطة باتجاه المحافظة على نفوذها في داخل العراق الذي راح يضعف بصورة مريعة, فإيران كما هو معروف لها أطماع في داخل العراق وربما أطماع توسعية فهي وان دخلت حلبة الصراع مع الولايات المتحدة المحتلة للعراق وان كان صراعا من اجل النفوذ وليس كما يصوره البعض من أتباعها بأنه صراع ضد الإرادة الأمريكية لكنه في الواقع اثبت بما لا يقبل الشك إن إيران وأمريكا وجهان لعمله واحدة , فأهداف إيران لا تختلف في شيء عن أهداف أمريكا في العراق بل إن إيران ساعدت الولايات المتحدة الأمريكية في احتلال العراق فقرار الاحتلال لا يمكن أن يحصل دون الضوء الأخضر من الجانب الإيراني ولا يقف الأمر إلى هذا الحد بل إن إيران ساعدت وساهمت في استمرار الاحتلال وإطالة عمره , مرة في محاولة إبقاء الأمريكان في المستنقع العراقي أطول فترة ممكنة لإشغال الأمريكيين واستنزافهم , ومرة في مساهمة إيران في إحداث القلاقل والاضطرابات عن طريق دعمها المتواصل للمليشيات والقاعدة وتأجيجها للطائفية والتخندق المذهبي وأيضا لإبقاء العراق ضعيفا تحت صفيح ساخن , وهي المستفيدة في تقوية نفوذها وتشديد قبضتها . ...وقد أجرت ( الجمهورية الإسلامية ) في ما مضى حوارات متعددة مع ( الشيطان الأكبر ) كان هدفها هو الحصول على المكاسب السياسية والاقتصادية والدفع لصالح برنامجها النووي عبر شريط طويل من المساومات والصفقات على حساب سيادة وحقوق الشعب العراقي الجريح ...
وقد لوحظ ومنذ بداية الاحتلال الأمريكي للعراق والى غاية هذه اللحظة التناغم العجيب بين السياستين الأمريكية والإيرانية بالرغم من اختلاف الايدولجيات ظاهرا .. ولكن ماذا حققت السياسة الإيرانية التي تبعت مبدأ الغاية تبرر الوسيلة على الصعيد النفسي والديني باعتبار إن لإيران شعارات كانت قد تبجحت بها كثيرا إبان العقود الثلاثة الماضية , إن إيران بالرغم من قيامها بمحاولة مد نفوذها في داخل العراق وفي بعض الأحيان بصورة هسترية ينم عن الجهل السياسي والتاريخي فقد حققت كل ذلك النفوذ عبر طرق غير مشروعة على حساب الشعب العراقي فجاءت النتائج عكسية تماما ..
إن إيران وعبر وجود أتباعها وذيولها من الجهات المتنفذة التي استغلت العاطفة المذهبية قد فشلت فشلا ذريعا فهي بقدر ما دخلت بقوة نراها فقدت نفوذها وبريقها بصورة سريعة جدا كما يخرج السهم من القوس , فإيران تقف اليوم في حسرة وهي تشاهد انفراط عقد حلفاؤها في داخل العراق وهذه نقطه أرهقتها جدا وكسرت ظهرها ..
إن إيران فقدت كثيرا من بريقها إذا صحت العبارة وخاصة عند بعض المثقفين الإسلاميين وهم يرون إيران تتبع سياسة الغاية تبرر الوسيلة وفوجئوا بحوارات إيران مع الأمريكان وفوضى القطار الإيراني وهو يجر عرباته بصورة تنم عن غباء واضح وهو يسحق على سكة المصالح الإيرانية العليا القيم والمبادئ الإسلامية بصورة لم يشهدها تاريخ المنطقة مثيلا وهذه السياسة الفوضوية والعنصرية أدت إلى الإساءة للإسلام بصورة اكبر من الإساءة التي قام بها الإرهابيون من تنظيم القاعدة والسلفية .. كما رأى المثقفون في الجانب العراقي إن إيران تقوم بتغليب القومية الفارسية العنصرية على الوجود العراقي العربي ومحاولة إبعاده عن محيطه الطبيعي والدليل على كلامنا هو الغضب العارم في الشارع العراقي والنقمة التي يحملها في مشاعره تجاه إيران والانحسار الكبير في التوافد العراقي على إيران الذي شهد أوجه بعد الغزو الأمريكي ..
كل تلك العوامل وغيرها صنعت سياسة مرتبكة ومهزوزة لدى الإيرانيين جعلتهم أخيرا يقدمون على احتلال آبار النفط العراقي وهم يرون الشركات الأجنبية النفطية تحظى بموطئ قدم عبر العقود التي أبرمتها الحكومة العراقي الحالية المنتهية ولايتها بتوجيه من الإدارة الأمريكية , كما إن إيران أيقنت إن أتباعها وذيولها السياسيين في داخل العراق سوف لن يحصلوا على شيء في الانتخابات القادمة وإنها مفلسة من هذا الجانب لا محالة , أقدمت على احتلال آبار النفط في حركة عدها الكثيرون حركة هستيرية استعراضية هدفها الابتزاز وورقة ضغط أو قل استجداء عبر مسح الحذاء الأمريكي فكان الموقف الأمريكي هو عدم الاكتراث واللامبالاة
