ماالفرق بين الخصخصة "والعمعمة"؟

الخصخصة هي جهود تحويل القطاع العام او ما نسميه احيانا القطاع الحكومي الى القطاع الخاص والعمعمة (هذا المصطلح ابتكرته أنا فاشهدولي عند الأمير) هي العكس تماما.
فالخصخصة اذن هي تجسيد لمبدأ السوق الحرة وفسح المجال امام القادرين ماليا من المواطنين لرفع مسؤولية توفير الخدمات وتحسين المعيشة من على كاهل الحكومة وتاليا اعطاء دور أكبر للمواطن في العملية الاقتصادية وتقليص دور الحكومة تدريجيا وهذا هو احد اعمدة النظام الراسمالي المتبع تقريبا كل دول العالم الأول وله يعود الفضل في التقدم التكنولوجي والخدمي هناك.
أما العمعمة فهي اهم مبدأ من مباديء النظام الشيوعي وهي منع نشوء أومصادرة مؤسسات القطاع الخاص من قبل الحكومة وتحويلها الى القطاع الحكومي او العام وقد ثبت فشل النظام الاقتصادي الذي اعتمد على القطاع العام (الاتحاد السوفيتي مثلا) لاسباب اهمها ان الحكومة وحدها غير قادرة على توفير الخدمات ولان هذا النوع من الحكومات (اي الحكومات الاشتراكية) لم ترض الفروقات الفردية فرواتب موظفيها موحدة بغض النظر عن مستوى التعليم او القابلية على الابتكار والابداع أو القابلية الجسدية والعقلية على العمل لساعات أطول, الأمر الذي أدى الى قتل روح المنافسة والركون الى الكسل والاعتماد الكلي على المساعدات الحكومية فاصبحت شعوب الدول الاشتراكية والشيوعية استهلاكية اكثر منها انتاجية والشعب العراقي واحدا من هذه الشعوب لذلك فانا لاأعتقد ان الحكومات العراقية المنتخبة ستنجح في تطوير الحياة في العراق مالم تتغير المفاهيم الاقتصادية الشعبية ويتم اعداد القطاع الخاص اعدادا جيدا كي يتحمل مسؤولياته تدريجيا.
كانت الحكومة العراقية قد بدأت جهود الخصخصة بعد 2003 لكن هذه الجهود تعثرت لاسباب منها حسب رايي عقلية المواطن العراقي الاشتراكية وعدم تمييزه بين مسؤوليات الحكومة ومسؤوليات المواطن وعدم ثقته بنفسه و بالقطاع الخاص لانه لم يشهد قدرات هذا القطاع في تقديم الخدمات وتطوير الامة.
النفط والمصادر الطبيعية الاخرى قد تكون من اهم اسباب كسل واتكالية الفرد العراقي حيث يرى أغلبنا ان على الحكومة ان تدفع تكاليف عيشه من عائدات النفط.
وقد تكون اسباب الاستمرار بزيادة الرواتب وضخ المساعدات الحكومية ,الذي هو اصلا يتعارض مع جهود الخصخصة, تعويض الحكومة عن فشل جهود الخصخصة ومحاولة كسب اصوات الناخبين او تلافي النقمة الشعبية الناتجة عن تردي الخدمات والفساد وهدر المال العام.
والواقع ان الفرد العراقي يتحمل الجزء الاكبر من هذا الفشل فهو ابدا غير متعاون وغير متفهم لمسؤولياته الوطنية وبالتالي اصبح عالة على الدولة وليس عنصر منتج داعما لاقتصاد دولته ملتزما بقوانينها كما هو الحال في الدول المتقدمة.
ماذا كان سيحصل لنا لو اننا كنا ولدنا في دولة فقيرة ليس لديها نفط ولا معادن ولا مصادر طبيعية أخرى كاليمن او سوريا أو الأردن؟ هل سأل احد نفسه لماذا تتقدم الاردن على العراق في كل شيء وهي التي يعتقد الكثير منا ان ليس لديها مقومات دولة, فلا نفط ولا معادن ولا زراعة ولا ماء بل لم تكن الأردن الا عبارة عن صحراء قاحلة مترامية الأطراف ؟
لكن عمان انظف واحلى من بغداد الآن. لعل بعضكم يريد ان يلقي باللوم على صدام, نعم كان صدام احد الاسباب في تبنيه للنظام الاشتراكي ولكن هناك أسباب أخرى سناتي على شرحها.
أنه القطاع الخاص والسوق الحرة من غير وجه الاردن والامارات والسعودية ودول اخرى كنا نسبقها في سبعينيات القرن المنصرم .
كل مافعلته الاردن هو فتح اسواقها للاستثمارات الاجنبية فاستقطبت رؤوس الاموال الخارجية وشجعت قدومها من خلال تخفيص الضرائب فطورت هي نفسها قطاع خاص وطني رصين صقلته المنافسه مع من يفوقه خبرة.
تجسيدا لمبدا الخصخصة يستطيع اي منا هذه الايام البحث عن فرصة عمل بعيدا عن الوظيفة الحكومية ونستطيع كذلك ان نبني مشاريع اقتصادية كبيرة تساعدنا على الاستقلال عن المساعدات الحكومية التي يجب ان تخصص فقط للمرضى وكبار السن والمعوقين منا. فكلنا يعلم ان المهن الحرة اكثر ربحا من الوظيفة الحكومية فالطب والتدريس الخاص وبيع المواد المنزلية والملابس والبناء وبيع الخضار والحلاقة والتجارة والحدادة والزراعة ومهن كثيرة اخرى هي اكثر نفعا من الوظيفة الحكومية اذا استطعنا اتقانها وتطويرها.
قد يقول قائل كيف استطيع ذالك وانا لااملك مالا؟ والجواب انك تستطيع ان تطلب قرضا من المصارف الحكومية فالحكومة تهب قروضا للطموحين بلا فوائد أو بفوائد مخفضة فالدولة يجب ان ينظر لها كالاب او الام نستدين منهما لنبدأ حياتنا ثم نعيد ما أخذناه بعد ان يحالفنا النجاح لاان نأخذ ولانعطي لاننا بهذا نكون كحيوانات استهلاكية يهدد وجودها نضوب النفط او موت المعيل.

العزيز مراد
تالله احسنت وابدعت
الخصخصة هي الحل و لنقبل "العمعمة" وداعاً الى الابد
تقبل تحياتي

الاخ العزيز مراد :
في البداية لابد ان نقول بأن المسألة ليست بالبساطة التي نلوي من خلالها الستنا مثلما نريد ولكن الواقع ابعد بكثير مما نقوله .
اولا احب ان اقول لك بأن لاصدام ولا الخليج ولا الاردن يتبعون نظام الخصخصة مثلما تفضلت وبالرغم من انك فارقت بين عمان وبغداد اعتمادا على الخصخصة والعمعمة مثلما اسميتها ولكن لماذا لاتفارق بين عمان وموسكو .
الانظمة العربية قاطبة هي انظمة ملكية وخيرات البلد بيد العائلة المالكة سواء اكان النظام ملكي ، اميري ، سلطاني ام جمهوري فرؤساء الجمهوريات العربية قاطبة هم ملوك من نوع حديث مثل القذافي ومبارك ومسبقا كان المقبور .
عزيزي :
صدقني لو زرقنا زرقاوي في عمان مثل الذي زرقته الاردن عندنا كانتىعمان ستتحول الى خرابة ولا يمكن ان تعتبرها مدينة والاردن اساسا تعيش على مساعدات امريكية فلا ادري ماهي صلة الاستثمارات التي نوهت عنها فالمستثمر الذي يأتي الى الاردن في اي قطاع سيستثمر امواله ؟
الامارات ارادت ان تتحول الى القمة ولكن المصل يقول كل (( كل من يمد رجله على قد لحافه )) والامارات في الحقيقة امارة دبي وحدها هي المعنية قد مدت رجلها بعيدا جدا عن لحافها فما ان قدم الشتاء باتت شبه مشلولة تطلب مساعدات من اخواتها والا سيقتلها البرد .
العراق يا عزيزي يقف على بركة من ذهب وصدقني هذا الذهب هو انا وانت وغيرنا من العراقيين فالعراق حضارة قبل ان يكتشف النقط فيها والعراقيين ليسوا مثل الخليجيين لايعملوا ولا يعتمدوا على النفط فقط ولكن العراق يمر حاليا بمرحلة تحول الى الديمقراطية ولعلمك امريكا وكندا لم تتم هذه المرحلة عندها الا عبر حروب اهلية واستمرت المسيرة الديمقراطية فيها تتعثر لما يقارب الخمسين عاما حتى استقرت اساساتها فليس من السهولة ان نحول حياة شعب من شكل الى شكل في يوم وليلة فلا بد من ان نضحي بأن نتحمل لنصل لما نريد ونحن الان في مرحلة بناء الايمان بالديمقراطية ومن بعدها سيتم بناء النظام الاقتصادي وفق ماهو مناسب للعراق ليس بالضرورة ان يكون النظام رأسمالي بل يمكن ان يكون برجوازي صغير معتمدا على الحكومة في البداية ومن ثم يبدأ الخصخصة تدريجيا في المشاريع الصغيرة الى ان يبدأ في المشاريع الاكبر وهكذا وتبقى الحكومة كطرف منافس للقطاع الخاص لخلق المنافسة .
شكرا لك وتقبل تحياتي

شكراا على الموضوع والله مااعندي فكرهـ عن الخصخصه بس اسنعها في الكورهـ

الاخ Abu nenos أود ان أشكرك على التعليق الذي اتفق مع اغلب ما جاء فيه ولكني اعتقد ان كارل ماركس كان مصيبا عندما قال ان النظام الاقتصادي يغير كل اوجه الحياة الاخرى وعليه فالنظام الاقتصادي ومبدا السوق الحرة يسبقان الديمقراطية والدليل ان النظام الاشتراكي الشيوعي لم يات بديمقراطيات انما اساس ديمقراطيات العالم هو النظام الاقتصادي الراسمالي

عزيزي مراد :
في البداية اشكرك على الرد واريد ان اؤكد لك نقطة مهمة وهي ان النظام الديمقراطش هو من اقدم الانظمة والذي طبقه اسلافنا السومريون حيث كانوا ينتخبون حاكمهم سنويا وغالبا ما كانوا يختارون الانسان الاكثر حكمة وعدالة الا اذا كانت هنالك نذير حرب في الافق فكانوا يختارون المقاتل الشجاع ليقود المدينة الى الانتصار ولكن مع مرور الزمن صار الحاكم يتصف القوة الى ان ظهر النظام الملكي والوراثي بعد اول دولة تأسست في عهد الملك الاكدي سرجون الاول . الديمقراطية مورست في الانظمة اليونانية القديمة وكذلك في الانظمة الرومانية ومنها استوحت الديمقراطية الجديدة نفسها مع مراعاة التطورات العالمية اجتماعيا واقتصاديا .
المشكلة الكبيرة عند مجتمعاتنا الشرق اوسطية هي النظر الى الفكر الاشتراكي كفكر الحادي دون النظر اليه كفكر اقتصادي يعتمد على مبدأ السيطرة المركزية على مراكز الانتاج لذلك عندما تتحدث عن الاشتراكية ترى ان المقابل رأسا يتهمك بالشيوعية وبالكفر ويرفض رأيك . الرأسمالية هي الافضل لأي دولة لأنها تدخل في مجال الخصخصة أي ان صاجب الرأسمال يهمه الربح لذلك ترى ان النظام الراسمالي ناجح ولكن هذا النظام يحتاج الى الارضية الواعية التي يمكنك الاعتماد عليها وفي بلداننا لانمتلك مثل هذه الارضية في الوقت الحالي لذلك يفضل النظام البرجوازي الصغير والذي يمكن للدزلة ان تحوله الى النظام الرأسمالي بعد فترة عندما يتم زيادة الوعي الاقتصادي لدى ابناء الشعب .

شكرا اخ Abu Nenos على المواصلة في النقاش واود ان اعبر عن اعجابي بوعيكم الاقتصادي والسياسي. نعم قد يكون من الضروري تاسيس petty bourgeoise او برجوازية صغيرة تمهيدا للتحول الكلي الى نظام السوق الحرة واشراك القطاع الخاص في النهوض بالواقع الاقتصادي والخدمي في العراق