علم النفس الحديث

علم النفس الحديث

أوضحنا في الصفحات السابقة أن النظرية الإسلامية للأحلام قسمت الأحلام إلى ثلاثة أقسام وهي :
* الرؤيا الإلهية
* حلم الشيطان
* حديث المرء لنفسه أو ما يحدث به المرء نفسه.
ولكن علماء النفس والمتخصصون في الغرب أنكروا التقسيم الإسلامي في شقيه الأولين ولم يعترفوا سوى بحديث النفس، ورغم أنهم قاموا بدراسة هذا النوع وحده بكافة التفاصيل الممكنة إلا أنهم عجزوا عن تفسير العديد من الظواهر الأخرى المتعلقة بالنوعين الآخرين.
ونتناول صوراً من أبحاثهم عن الأحلام وأسبابها حسب منهجهم، وحسبنا اننا نفسر الجزء الثالث من التقسيم الإسلامي وهو حديث النفس أو ما يحدث به المرء نفسه.
يقول عالم الفسيولوجيا القديم ( بورداخ ) وهو المعروف بـ(فخته) الألماني الأصلي :
"إن الحياة الواقعية بما فيها من محن ومسرات ومتسع وآلام لا تتكرر في الحلم أبداً وعلى العكس فإن الحلم يهدف إلى أن يخلصنا من كل ذلك، وحتى ونحن مشغولون تماماً بموضوع واحد وقلوبنا يمزقها الأسى أو عندما تستغرق كل طاقاتنا العقلية مشكلة من نوع ما فإن الحلم يأتينا بشئ مختلف كل الاختلاف أو أنه يختار لتراكيبه مجرد البعض من عناصر الواقع، أو أنه ينفذ فقط إلى مزاجنا النفسي ويلون به الواقع ويصوره رمزاً".
ومن هذه الأقوال نجد أن العالم (فخته) يرى أن الحلم نوع من رد الفعل النفسي الذي يهدف أولاً وأخيراً لتخفيف الضغوط والانفعالات التي يتعرض لها الإنسان في حياته دون أن يكون لهذه الأحلام أي دور واضح في واقع الإنسان .
وهذا المنهج هو منهج الغالب من علماء النفس والأعصاب في الغرب، كذلك يقول هافتر :
" إن الحلم بداية تواصل حياة اليقظة ، فأحلامنا تربط نفسها دوماً بمثل هذه الأفكار التي كانت حاضرة من قريب في الشعور.. ويكشف الفحص المدقق دائماً وجود خيط يكاد يربط الحلم بخبرات اليوم السابق".
ورغم أن (هافتر) يناقض كلام (فخته) في أن الأحلام امتداد لما يؤثر في الإنسان في الواقع ولا يخلصنا مما نقع فيه من مآس وأحزان، فهو يرى أن الأحلام تتعلق بالخبرات والتجارب التي تمر بالإنسان في واقعه وهي امتداد لهذه الحياة وليست مجرد رد فعل يخلصنا منها. إلا أنه يتفق معه في كون الأحلام مجرد عرض للاشعور في الإنسان وسواء رأى العلماء أن الحلم خط دفاعي للإنسان ينسيه همومه أو أنه امتداد لما يحدث له في الواقع فإن الحلم في النهاية لا معنى له سوى أن يكون مرآة لما يمر به الناس في حياتهم.
ولذلك فإنهم يرون أن كل المادة التي يتكون منها الحلم تستمد بطريقة ما في الخبرة وأنها يتم تذكرها في الحلم، ويعتبر أساس منهجهم في هذا الشأن هو البحث في الارتباط بين هذه الخبرة وبين ما يراه الناس في الحلم في محاولة لتفسير ما يعاني منه الناس في حياتهم وتكمن في العقل الباطن.
ومعرفة مصدر الحلم له أهمية قصوى عند علماء علم النفس الحديث إذ أنه عن طريق معرفة هذا المصدر وهو في الغالب أمر عسير توضح لنا ملابسات وأحوال الحالم مما يمكن معه علاجه أولاً من بعض المشاكل الراسخة في ذهنه وثانياً تفسير ما قد يراه في حلمه.
وعلى سبيل المثال لهذه المصادر أن يرى الإنسان صورة معينة لحيوان ما ويتضح له أنه قد رأى نفس هذه الصورة في كتاب من قبل ذلك بعدة سنوات أو أنه يمر بموقف معين في حلمه ويكتشف بعد ذلك أنه حدث في الذاكرة في عمر الطفولة والى غير ذلك.
وهذا الأمر قد يمكن كشفه أحياناً إلا أنه في الغالب ما يكون هذا الأمر معقداً وعسيراً جداً في معظم الأحيان مما يكون معه صعوبة كبيرة في تفسير الحلم.
وذلك لأن معظم الخبرات والأحداث التي تمر بالإنسان في حلمه تعرض لها الإنسان في زمن طفولته وتبقى راسخة في عقله الباطن دونما شعور بها حتى تظهر له مرة أخرى في الحلم.
ولكن ما هي الأسباب التي تنشط ذاكرة الإنسان فيعود به العقل إلى تذكرة هذه الخبرات أو الأحداث ؟
وقد تناول علم النفس الحديث هذه الأسباب في مجموعة من المؤثرات والمنبهات للذاكرة هي السبب الرئيسي لتذكر الإنسان لخبراته المكتسبة وعودة رؤيتها في الحلم.

ومنبهات الحلم ومصادره عند علماء علم النفس الحديث تنحصر في:
- منبهات حسية خارجية .
- منبهات حسية داخلية أو ذاتية .
- منبهات بدنية داخلية أو عضوية .
- مصادر نفسية للتنبيه.