سلا silla ( صدام حسين ) مثال نادر لمن يصل إلى السلطان المطلق عن طريق العنف والدهاء. وكان أول ظهوره أيام الحكومة الجمهورية في روما ، وهو حلول القائد الروماني ماريوس ( البكر ) سنة 107 ق.م. حين أرسله هذا القائد بمفاوضة ملك مغربي في شمال افريقيا فنجح في سفارته. وحين صار ماريوس قنصلاً رومانياً سنة 104 ق. م/ كان سلا من قواد جيشه ( نائب رئيس مجلس قيادة الثوره ) وما زال امره يعلو تحت رعاية ماريوس0( البكر ) حتى اصدما في سنة 87 ق.م (1979م ) . فزحف سلا بجيشه إلى روما، وأكره مجلس الشيوخ (بعض من اعضاء مجلس قيادة الثوره ) على الحكم بنفي ماريوس وبعض اتباعه (عزل البكر من منصبه وقتل من عارض ذلك )، ثم أهدر دمه ( وضعه تحت الأقامه الجبريه) ـ وكان سلا أول من سن ذلك بين الرومان ـ ووعد قاتله بمكافأة كبيرة: فهرب ماريوس.
وخلال غيبة سلا عن روما في حرب مع بعض اعدائها انتصر عليهم فيها ، عاد ماريوس إلى روما، وقبض على أزمة الحكم فيها، ولكن سلا عاد إليها بعد انتصاره سنة83 ق.م. وانتصر على ماريوس وجيوشه أيضاً، فخضع له الرومان ( الشعب ) صاغرين ، ولقب نفسه "السعيد" (القائد الملهم الضروره) وانطلق كالوحش يسفك دماء اعدائه وأعداء أصدقائه لا يميز بين برئ ومذنب ( بحجة انهم من حزب الدعوه وموالين لأيران وحجج أخرى )، وطغت أعماله الوحشية حتى أنه جمع مرة أعضاء المجلس في هيكل، وقام فيهم خطيباً والى جواره مكان حشد فيه ثمانية آلاف من ضحاياه وأمر جنوده بذبحهم، فلما بلغت صرخاتهم مسامع أعضاء المجلس تمعرت وجوههم من الفزع، فأمرهم سلا ان لا تشغلهم اصوات هؤلاء الاشقياء عن سماع خطابه .
( كما حدث للرفاق بحجة المؤامره مع سوريا للأطاحه بحكمه )
ولما جاء موعد انتخاب القنصلين اللذين جرت السنة ان يليا حكم الدولة الرومانية ترك سلا روم ا، وكتب من خارجها إلى رئيس المجلس ورئيس لجنة الاقتراع طالباً سؤال الشعب عن اقامة دكتاتور الى أجل غير مسمى ليصلح الأحوال في جميع أرجاء الدولة، وأعلن انه قابل لهذا المنصب اداء لهذه الخدمة الوطنية ( لم يطلب من احد بل نصب نفسه آلهاً رغماً عن انوف الجميع ) ، فتم ما أراد ، ووفق على كل اعماله ، وأعطى سنة 81 ق.م. سلطة مطلقة على الارواح والاموال ( اذا قال صدام قال العراق ) ، فبدد فيها ما شاءت له نزواته، وبلغ من السطوة ما لم يبلغ حاكم روماني قبله ( ولا عراقي ) ، وكان يستطيع الغاء الجمهورية والمناداة بنفسه ملكاً ولكنه لم يفعل( وكان يهئ لذلك بتوليه احد ابناءه من بعده ) ، لانه كان يريد اعتزال السياسة بعد الانتقام من اعدائه. ولما نال هذه الغاية بعد أن بشم من الدماء استعفى من منصبه ( ضل ممسكاً بقائمة الكرسي الى يوم ان دخل الغزاة عليه ). وسلم سلطته إلى قنصلين جديدين ( امريكا وحلفائها )، ولجأ إلى الراحة بعد أن أضناه التعب بدنا وعقلاً ( في حفرته التاريخيه )، وضعضعته الرذائل والحماقات، واصابه داء خبيث أفسد أحشاءه. وأطلق الدود في قروح جلده دون أن ينقذه الدواء والنظافة، ومات سنة78 ق. م. في أتعس حال ، وأمر أن يكتب على قبره ( هنا سلا الذي فاق كل أحد في البر بأصدقائه والنقمة من أعدائه ) .
هنا تاريخ لمن وصل الى السلطه بالمكر والدهاء وسفك الدماء . ورغم اختلاف النهايات الا انها متشابهه في المظمون . فهل كان سلا الذي عاش في الامبراطوريه الرومانيه قبل الميلاد بعثياً .؟ ام ان الصدفه التاريخيه جمعت بين الرجلين بتشابه غريب عجيب ...
تقبلوا تحياتي
طركاعه
8/5/2009
